يوميات مسيحية في رمضان (1)
"رمضان كريم على الأمة الإسلامية"، هي العبارة الأكثر شيوعاً للتهنئة بالشهر الكريم، لكن لا يعرف مرددوها أن "المسيحي" أيضا ينتظر هذا الشهر، فهو كريم أيضاً معه، وقد تختلف الأحاسيس والمشاعر تجاه رمضان، ولكن يجتمع الجميع على الشعور بسعادة ودفء غريب يغلف هذا الشهر، يدفعهم ليقولوا "ليت العام كله رمضان".
فإذا كان المسلم ينتظر هذا الشهر الكريم ليصوم فرضه ويبر بالفقراء ويصل رحمه وغيرها من الأمور الرائعة؛ فإن المسيحي ينتظر هذا الشهر أيضاً لعدة أمور يراها أيضاً رائعة ولا تتكرر سوى 30 يوماً من كل عام، أعرضها لكم كفتاة مسيحية أشعر بها:
- عزومات كتير
يأتي شهر رمضان فيود الناس بعضهم البعض، ومن انقطعوا عن رؤية بعض الأقارب تبقي الفرصة سانحة لرؤيتهم، وتنهال الزيارات والعزومات، ولكن لا يبقي الحال هكذا مع الأهل والأقارب فقط، وإنما ينال "الجيران المسيحيين" قسطا من هذه المودة والدفئ، فيصبح المسيحي ضيفا متغيرا ومشتركا عند الجيران والأصدقاء، وتتسابق الموائد والخيرات في تكريم هذا "الضيف" الذي يعد من أهم الضيوف الذي يشارك جاره المسلم الإفطار.
- الوقت قصير
يمر الشهر سريعاً وكأنه يوم واحد، ولكن هذا لا يمنع أن يشعر المسلم أحيانا بأن يوم رمضان طويل بسبب العطش والحر، خاصة بعد عدم تغيير الساعة هذا العام قد يكون اليوم أطول من المعتاد، أما بالنسبة للمسيحي فإنه يشعر بأن يوم رمضان يمر سريعاً، فعدد ساعات العمل أقل، وأوقات الفراغ أطول، يملأها هذا الكم الهائل من البرامج التليفزيوينة والمسلسلات التي كُتبت خصيصاً لسرقة الوقت وإجبار المشاهد على متابعتها، فلا يشعر بمرور الوقت إطلاقاً، ومازال السبب مجهولا حتي الآن في هذا التأثير الساحر لهذه المسلسلات التي إذا عُرضت في غير رمضان لن يتابعها أحد.
- رائحة مميزة
لا يمكن تجاهل أبداً هذه الرائحة الزكية التي تملأ الشوارع المصرية طوال شهر رمضان، ولا يعرف سببها، ولكني أشعر أنها رائحة "الكنافة والقطايف"، ولم لا والطوابير تصطف لشرائها طازجة ولمشاهده الكنافة وهي تدور على تلك الدائرة الكبيرة، أو لرؤية الكنفاني وهو يسكبها يدويا على هذا الفرن الهائل، بالإضافة إلى القطايف هذا المخبوز المميز الذي قد تجده نادراً في بعض المحال طوال العام، إلا أن ميزته وروعته تكمن في ظهوره خلال هذا الشهر، ولا يترك المسيحي الفرصة تمر، حيث يقف مصطفاً ضمن الطوابير للحصول على القطايف بنفس اللهفة والسعادة التي يشعر بها المسلم، فهي مميزة لديه وينتظرها أيضاً كل عام ليتناولها خلال رمضان.
- المصيف ببلاش
تنتظر الأسر المصرية الإجازة الصيفية للذهاب إلى المصايف هرباً من حرارة الجو، وإستمتاعا بأيام قليلة ناسين فيها هموم طوال العام، ويعد شهر رمضان من أفضل المواسم التي تجد فيه الأسر المسيحية فرصة لقضاء فترة أطول في المصيف، حيث قلة الأسعار لضعف قبول المسلمين على البحر خلال شهر رمضان.
- كحكة المحب
حلوى وكحك عيد الفطر المبارك الذي ينهال على البيت المسيحي، فهو كما يدعوه المصريون "عيد الكحك"، حيث تسهر معظم الأسر قبل العيد بيوم لخبزه وتتزاحم الأفران، وكما يحلم المسلم بصباح عيد الفطر ومعه كحك العيد وكوب شاي، يجد المسيحي أيضاً لذة ومتعة في الحلم ذاته إلا أنه لا يشعر أنه مضطر للنزول أو الشراء أو بذل أي مجهود، فهو يجد جيرانه وأحباءه وأصدقاءه يتبارون في أن يقدموا له من خيرات ما سهروا طوال الليل يخبزونه، وهو ما يجعل هذا الكحك مميزا ومختلفا عن أي كحك آخر قد يتناوله المسيحي طوال العام، فهو كحك تم خبزه بمحبة وتوزيعه بمحبة أكبر.
...
أخيرا .. كل سنة والمصريين.. مسلمين ومسيحيين.. طيبين.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com