بقلم: نبيل المقدس
من أجمل الكلمات التي حث بها الله شعبه من أجل أن يتقدموا إلي الأرض الموعودة هي الكلمات التي جاءت في تثنية 1 : 6 – 13 ... فقد إتخذوا جبلَ حوريب مكان راحة , وكأنهم إكتفوا بهذا المكان فإسترخوا تحته .. هكذا نحن المسيحيون , فقد إكتفينا بالحالة التي نحن عليها اليوم .. لم نتعظ ... لم نأخذ أحداث الكتاب دروسا لنا وتعليما نستقي منه كيف نتصرف وكيف نصل إلي ما وعدنا به الله ... كان الله يقصد أن جبل حوريب هو المانع الذي وقف ضد شعبه بأن يتقدموا إلي الهدف .. أتينا نحن وقلدناهم ووقفنا تحت جبل حوريب وجعلناه تبريرا بل مسندا لنا ومكان إختفاء من الحياة السياسية العامة .
كانت إحدي صور جبل حوريب هي الكنيسة , حيث ألقي عليها المسيحيون كل همومهم الدنياوية عليها .. إلتجأوا إليها في الكبيرة والصغيرة , حتي أنهم وضعوها في كثير من المواقف الُمحرجة , وتحملت ومازالت تتحمل الكثير من الهجوم من أعدائها , لدرجة تم إلصاق الكنيسة بتهم خبيثة كاذبة منها أنها ترسانة عسكرية ومعتقل للسيدات اللاتي تحولن , ولم تسلم الكنيسة ايضا من أبنائها المراهقين الذين يسعون وراء تصاريح الطلاق والزواج الثاني ... وأدت طلباتهم إلي جرجرة " الكنيسة " وراء المحاكم . كما وصلت البجاحة من بعض الإسلاميين المطالبة أن تُقدم الكنيسة بجميع طوائفها حسابا سنويا بأموالها .. كنت أعتقد أن جماعة العلمانيين هم لسان حال الكنيسة " شعب الكنيسة " يتولون الدفاع عنهم ومحاولة تحسين احوال الكنيسة " شعب الكنيسة " سياسيا , لكن كان همهم الأول هو الهجوم علي خصوصيات الكهنوت التنظيمية , بدلا من تكوين كيان مسيحي مدني قوي ليصير لسان حال المسيحيين . لا أنكر أن أجد قليلا منهم يدافعون في بعض الفضائيات عن " شعب الكنيسة" لكن كل هذه الدفاعات ما إلا فردية تفقد الكثير من قوتها وتأثيرها ... لذلك بدت لنا المؤسسة الكنسية وبدون قصد منها كجبل حوريب فتوارينا داخلها ولم نخرج منها.
أما الصورة الثانية لجبل حوريب هي تلك المجموعات التي تعيش معنا من المسلمين المعتدلين المحبين لوطنهم والذين ينادون بحياة مدنية .. فقد إختبأنا في وسطهم , وتاهت قضيتنا في هذا الزخم من المشاكل .. صحيح انا لا انكر أن هناك مشاكل مشتركة يُمكن حلها بمشاركتنا معهم في أحزاب ليبرالية أو أحزاب مدنية معتدلة .. لكن هناك أمور ومشاكل تخصنا لا يُمكن حلها إلاّ اصحابها .. لذلك فالإعتماد علي البشر هو ما إلا جبل حوريب آخر ..!
يقول الرب :
" كفاكم قعود في هذا الجبل , تحولوا وإرتحلوا وإدخلوا .." تثنية 1 : 6 – 7 .
وما يعنينا من هذه الاية هو قول الرب لنا أنه علينا أن لا نقف تحت الجبل أو امام المشكلة ونصمت بل علينا ان نتحول, ونرتحل إلي الأمام , وندخل الأرض الموعوده والتي هي حياة الحرية و نتخذ أجراء آخر هام وهو أن نتحول من هذا السكون القاتل , وان لا نعتمد علي غيرنا في تحقيق طلباتنا الخاصة , بل علينا أن نتحول ونغير من فكر الشعور باننا اقلية وبناء عليه يجب أن لا نخضع للأغلبية وخصوصا في الشئون التي تمس حرياتنا الروحية أولا ثم حرياتنا الثقافية والإجتماعية.
جاءت لنا الفرصة بعد ثورة 25 يناير , وتحركنا من تحت جبل حوريب , وتحولنا وإرتحلنا عن طريق اكتسابنا بعض الجراة وإلتفاف اغلب الشعب المصري حول مدنية الوطن , وذهبنا إلي ماسبيرو , وأخذنا نتظاهر لكن كانت طلباتنا محدودة جدا , إنحصرت فقط أو اغلبها في مشاكل وقتية , كان يمكن حلها لو طالبنا بعدم المساس بمطالب الثورة الحقيقية , وخصوصا بعد ما ظهرت مجموعات دينية اسلامية تلوح بإسلامية الوطن .
يقول الرب :
[ ثم تحولنا وإرتحلنا إلي البرية علي طريق بحر "سوف" كما كلمني الرب ودُرْنَا بجبل "سعير" أياما كثيرة . ثم كلمني الرب قائلا : كفاكم دوران بهذا الجبل ]
أخذنا ندور حول ماسبيرو , ولم نتحرك خطوة واحدة ... وجعلنا جبل سعير ( ماسبيرو ) جبلا ندور حواليه , ونسينا أنه لا بد من أن نوقف الدوران حول ماسبيرو ونتقدم إلي الإمام , وذلك عن طريق اقامة كيان لنا , له صوت , له شخصية مؤثرة في مجري الحياة السياسية . هذا الكيان يجعل وجود خطوط حمراء لكل من تتوسل له نفسه أن يمس حدقة أصغر طفل من أبنائنا .. كفانا تلقي تهديدات .. كفاهم إعتبارنا اننا من الدرجة الثانية لا يحق لنا ممارسة حياتنا المسيحية بكل حرية كما يعيشون حياتهم في منتهي الحرية والسهولة . أخيرا.. لو كان لنا كيان كانت الحكومة لآ تتجرأ تعيين المحافظين الجدد بدون واحد مسيحي.... ولسة ياما هنشوف .......!!!
سوف لا أكِلْ عن المناداة بهذا الكيان المسيحي الشامل .. فهو الأمل الوحيد لأولادنا وبناتنا وشخصية وكيان المسيحي ..! كفــــــــانا قعـــــــــود تحت جبـــــــــل حوريب ..... وكفـــــــــانا دوران حول جبــــــــل سعير .....!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com