بقلم: المحامي نوري إيشوع
بكآبة لا توصف, بقلبٍ يعتصر من الألم, بعيونٍ تنهمر منها الدموع و تسيلُ على الخد كشلالٍ لم تتوقف مياهه منذ القِدم, بإيادٍ ترتجف من الغم و الحزن, دونتُ هذه الكلمات, و أخرجتُ نفسي من فلك الآهات التي تُثقل كاهلي و كاهل كل إنسان ينشد السلام و الآمان, على ما يفعله أعوان إله هذا الدهر الجبان, هؤلاء القتلة الذين باعوا أنفسهم للخطيئة و الجريمة.
دونتُ هذه الكلمات لتكون كصرخةِ نجدة و غثاء للذين ينادون بالحريات الدينية و الشخصية و بيدهم السلطة و القرار, رسالة للذين يدعون بشفاههم بان ما يؤمنون به يدعو الى التسامح و احترام الاديان, ليقفوا بالمرصاد إن كانوا صادقين, و يقصدون ما ينادون به في العلن, للذين ينحرون الناس الآمنة ويجعلون دور عبادتهم ركاماً و أجساد المصلين أشلاء و هم يؤدون صلاة الشفاعة و الرحمة حتى لمرتكبي هذه الجرائم الشنيعة و لفاعلي هذه الأعمال البشعة و الرهيبة.
بحزن عميق, رأينا كنيسة العائلة المقدسة في العراق تٌدك بإيادٍ قذرة, و بعقول مريضة, و بقلوب وحشية تدفعهم الى الهرولة لارتكاب المزيد من المجازر اللأنسانية ضد أُناس عزل, ليفوزا بالخطيئة و يمارسونها بترخيصً رسمي من إله الرذيلة و الجريمة و السلب و النهب و الأغتصاب.
من بين القبور, سمعوا صوت الترانيم و شموا رائحة البخور, من بين القبور, سمعوا هديل الحمام الذي ينادي للمحبة و السلام, من بين القبور, أرتعدوا و خافوا من صرخات الدعاء و الصلاة للفادي لينشر العدالة في العراق. من عالم الجريمة و الإضطهاد, أوقد البغاة نيران حقدهم على البشرية جمعاء, بعد أن أرعبتهم أضواء الشموع المنبعثة من كنيسة العائلة المقدسة, فجن جنونهم و لبوا النداء, نداء القتل و هدر الدماء, نداء قتل الطفولة التي لا تعرف ألا التسامح و النقاء.
من بين القبور خرجوا كالجرذان, هللوا و كبروا, توعدوا ففجروا و دمروا, قتلوا و حرقوا و خبروا العالم بانهم طغاة متعطشين للدماء, لانهم هكذا تربوا و ترعرعوا, هكذا أقتدوا و نفذوا.
قتلة و قاطعي طرق, دربوهم على الحقد و الكره, رضعوهم حليب الجريمة و رفض الآخر, زرعوا في صدورهم قلوباً صخرية لا تعرف الرحمة و الشفقة, علموهم الرقص على الأشلاء و نشوة الفرحة لرؤية الدماء, بشروهم بنصرٍ في الحياة و الممات ليستقبلهم الجبار خالق المتعة كشهداء, فتتلقاهم حور العين و يسبحون في انهارٍ من الخمر و حدائق من الشهد و يضيعون في عالم النساء.
مرة أخرى, خرج المارد من قمقم مغطى بالدرن و الغبار, خرج ينهق و يصرخ هلموا الى لقتل الأعداء, طالبي المحبة و التسامح, الذين يصلون الى الله من أجلنا و من اجل توبتنا و خلاصنا, ليخرجنا من هذا العالم الفاني و ينتشلنا من الخطيئة و هذا الشقاء. هلموا يا أعواني الى قتل الأنسان و لا ترحموا حتى الطفل الحاني, قبل أن ينتصر صوت المحبة علينا فتفتح عيوننا و نعرف الفادي و ننعم برؤية أنوار خلاصه و ننعم بهدية فدائه للبشرية جمعاء!
ينطبق على هؤلاء الوحش البشرية ما جاء في الكتاب المقدس في يع 4: 4-5
" 4 ايها الزناة والزواني اما تعلمون ان محبة العالم عداوة لله.فمن اراد ان يكون محبا للعالم فقد صار عدوا لله. 5 ام تظنون ان الكتاب يقول باطلا.الروح الذي حل فينا يشتاق الى الجسد."
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com