بقلم: سحر غريب
لم تكن الثورة التي أرادها الشعب المصري هي مجرد ثورة على مبارك لجعله يتنحي عن الحكم، الثورة أكبر من ذلك، ثورة على الجهل والغباء والتخلف، ثورة علي مخلفات لم تحاول الأجيال السابقة أن تمحوها، الثورة التي أبحث عنها لا أجدها.
للأسف روائح القمامة التي مازالت تزكم أنوفنا أول دليل واضح وضوح الشمس على أن الثورة كانت سرابًا، والعمل الحضاري الذي صنعه أبناء الرعيل الأول من ثوار التحرير كان تصرف مُستورد من فئة قليلة من خيرة أبناء الشعب المصري، هؤلاء الجبابرة الذين نظفوا الميدان بعد إعلان التنحي فكانت رسالة لنا وللعالم بأننا شعبًا يقدر النظافة، أتأمل هذا التحضر اليوم فلا أجد له سندًا على أرض الواقع، بواب العمارة الذي بلطج أكثر مما كان مبلطجًا وأصبح يُلقي بالمخلفات ويصنع الخرابات ويبيد الأخضر، يدل على أن الثورة كانت لشعب غير الشعب ووطن غير الوطن.
الممرضة التي مازالت تمد يديها لتحصل على الخمسة جنيهات لتدخلك قبل ميعادك، وأنت تشجعها على تصرفها وتعطيها مما معك فتحصل على دور غير دورك وحق غير حقك.
الرشاوي التي مازلت تدفعها لتحصل على حق من حقوقك، فعل أحمق منك وجريمة نكراء من قبل الموظف المُرتشي، الذي خان نزاهة اليد وخان الثورة وخنتها أنت معه.
رائحة الدخان الذي أهل علينا في زيارته السنوية المُعتادة أكبر سند علي كلامي، أبعدنا مبارك لكنه لم يكن الوحيد الذي كان يجب أن يُبعد، فبعضًا من تصرفاتنا الغوغائية وعادات بعضنا المقيتة يجب أن يتم إعادة النظر فيها، ويجب على الفور سن قوانين تجرم كل تلك التصرفات التي تحكم بلدنا وتشد تفاؤلنا سنينًا للوراء، فعندما لا نسمع عن رشاوى ولا نسمع عن استهتار الجهلاء بنظافة بلدهم، وصحة شعب مصر المسكين ساعتها فقط سنقول كان عندنا ثورة ونجحت.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com