بقلم: شريف منصور
فكرت كثيرا قبل كتابة هذا المقال وأن العنوان ينم عن ما يجول بخاطري. بعد ثورة 25 يناير تخيلت خطأ ان مهمتنا في توعية شعب مصر قدت انتهت بنهاية الحكم الديكتاتوري لمصر. و طبعا بعد مرور الأيام وجدت نفسي مخطئ خطأ جسيم.
و ان كان هذا الخطأ غير متعمد ولكن كان بسبب روح الأمل التي بعثتها فينا ثورة الشباب. و لكن عندما رأيت الشباب النقي الذي ضحي بروحه من أجل مصر أصبح مجرد وقود استخدمه ويستخدمه السلفيين الوهابيين عديمي الولاء لمصر و هم من خرجوا من عباءة الأخوان الخونة. وجدت نفسي مثل كل المصريين الشرفاء و نشطا الأقباط الوطنين في مفترق طرق.
علي الرغم من أنني لا انتمي رسميا لأي فرقة من فرق النشطاء المسماة بمنظمات او اتحاديات ألا أن كل محاولاتي للعمل مع أي مجموعة باءت كلها بالفشل. و بما أنني الذي لا يعرف كيف أن يعمل معهم فأكيد أنني المخطئ. و هذا تقييمي لنفسي و ليس تقيمهم لي بالطبع. فحاشا ان يكونوا هم المخطئون .
وكما تعلمنا أهم درس من دروس الرب لنا أن لا ندين احد لكي لا ندان ممن هو اكبر و أعظم منهم . ولكن سأحاسب نفسي علنا معترفا بخطئي.
ولكن هذا لم يمنعني من ان استمر من اجل الدفاع عن حقوق شعبنا القبطي في حياة كريمة علي ارض وطنه و أجداده . وان كنت أفضل ان اعمل في فريق ولكن لكل فريق نقطة جوهرية لا تتفق مع فكري كحقوقي .
لا أحب ادانه الاخرين و اري النافع في كل شخص مهما كانت النقاط الاخري التي يأخذها الاخرين ضده. وهذا في حد ذاته جعلني في نظر البعض أنني متردد ولا أستمر في علاقتي مع الهيئة او المؤسسة. علي سبيل المثال وليس الحصر.
أجدني غير مقتنع أن الحماية الدولية سيكون لها أي نفع لأنها لن تكون حماية عسكرية او حتى حماية بتوقيع عقوبات اقتصادية علي مصر. لأنه في كلا الحالتين سيعاقب الشعب المطحون أساسا بسبب تصرفات الحكام. و فرض الحماية الدولية علي الأقباط لن يأتي الا من السلطات الحاكمة. أذن كيف نرغم السلطات الحاكمة علي احترام حقوق المواطنين الأقباط دون إرغام السلطات علي حماية حقوق الإنسان للشعب المصري ككل.
أجدني غير مقتنع أن تعيين مراقبين من قبل بعض الدول علي التعديات المستمرة ضد الأقباط في مصر شيء مجدي . كأننا نصور واقعة القتل لمجرد الفرجة عليها بعد وقوعها. طالما لا يحاكم الفعلة علي ما يرتكبونه من جرائم موثقة فهذا شيء يعد من باب الترفيه العالمي. و إسكات الضمير و تخديره، كمن يقول أحنا عملنا اللي علينا وراقبنا ما يدور ووثقناه توثيق فعلي ومع هذا دعمنا النظام الديكتاتوري. هل التوثيق الفعلي لما حدث للأقباط علي يد نظام مبارك وجد أي صدي لدي الموثقين من الأمريكان او الأوربيين او حتى الأمم المتحدة ؟ الإجابة لا و السبب معروف . الأقباط دفعوا ثمن أستمراريه نظام مبارك في احترام معاهدة كامب دفيد لا أكثر ولا اقل. و مازالوا يدفعون الثمن وسيدفعون الثمن لكي يستمر من سيأتي في حكم مصر في معاهدة السلام بين مصر و إسرائيل. و كأن من أحد بنود المعاهدة أن يترك العالم النظام العنصري في مصر أي كان يفعل ما يفعل في المسيحيين في نظير استمرارية معاهدة كامب دافيد.
أجدني غير مقتنع أن من يطلقون علي أنفسهم المفكرين و المحللين السياسيين من الأقباط بمنظماتهم سواء مقاهي الفكر او مصاطب المؤتمرات يقدمون شيء يذكر لخدمة الأقباط في داخل مصر ولا حتى خارجها . يقولوا أنهم قدموا الكثير و الحقيقة لا اعرف ما قدموه إلي ألان وكأنه سرا عسكريا لا يفصحون عنه . وان لم يكن سرا عسكريا لأنهم ليسوا بعسكريين فما هو إذن المانع لديهم من نشر ما قدموه لخدمة مصر و الحياة السياسية في مصر. يذكروني بأحد عظات أبونا القمص تادرس يعقوب ملطي عندما شرح ببساطة الفرق بين العهد القديم و العهد الجديد . قال ان العهد القديم كان يقول للإنسان أنت خطئ و تستحق عقوبة الموت ولم يعطي للإنسان طريقا مؤكدا للخلاص من عقوبة الموت. و العهد الجديد جاء بالخلاص بموت جسد الكلمة المتجسدة ربنا يسوع المسيح من أجل خلاصنا وقال أن من آمن بي يحي حتي ولو مات . أي كما يفعل هؤلاء نشطاء العهد القديم يتركون الأقباط الضعفاء يموتون من أجل خلاصهم ولا يموتوا هم من اجل وضع حد لكل هذا الاضطهاد. و مازالوا يمارسون شريعة العهد القديم بتفنيد أخطاء وخطيه النظام بدون تقديم وسيلة لخلاص شعب الأقباط من كل هذا الاضطهاد الواقع عليهم. و منهم من يقدم التقارير عن اضطهاد الأقباط في مصر و المسيحيين في العراق لبعض الجهات الحقوقية و يتقاضون أجرا علي هذا. ومازالوا يقولون عن أنفسهم أنهم مناضلين من أجل القضية القبطية.
أجدني غير مقتنع ان البعض ذهب إلي التعاون مع أجهزة المخابرات التي تبنت اضطهاد الأقباط المنظم لعلهم يفلحون فيما لم يفلح فيه احد من قبلهم . و أسسوا كيان انتهي قبل ان تكون له قائمة بسبب فضح علاقتهم بهذه الأجهزة التي بنيت أساسا علي حماية الحكم و الحكام الظالمين ولم تبني لكي تحمي مصر. مازالوا مقربين للسلطة الحالية بسبب علاقتهم بالسلطة السابقة و اثبتوا لي ان الحال لم يتغير بل ازداد سواء وهاهي تعينات المحافظين بعد وعود براقة مزيفة لهم أثيبت لهم وليس لي فقط أنهم واهمين مسيسين.
أجدني معترض بل مستاء من تصرفات لا يمكن ان توصف بأقل من أنها أجرام في حق مصر و المصريين و الأقباط خاصة . عندما قام أحد المشاهير من المناضلين الداخليين بتوزيع كعك العيد علي المتظاهرين إمام احد السفارات لإطلاق صراح مجرم خطط لقتل الأبرياء و قتل بسببه خطته الأبرياء و من فشل هذه المحاولة استمرت خلية الشيطان الملقبة بالقاعدة في التخطيط للهجوم الثاني الشهير و الذي راح ضحيته أبرياء لا ذنب لهم . هل يؤيد هذا الشخص قتل الأبرياء مهما كان الدافع ؟ فضيحة إنسانية ولم يكتفي فيوزع الكعك علي إتباعه المتطرفين ؟
وأخيرا أجد نفسي في منتهي الحزن و الاستياء من حرمان شخصية مثل الراحل المهندس عدلي ابادير يوسف من نشر أقواله و أحاديثه المسجلة وهو من كان أكثرنا أمانه في نضاله من أجل حقوق الأقباط و أكثرنا صراحة وتضحية من أجل القضية القبطية. بل هو كان أول من أشار علنا لثروات مبارك و رجال نظام مبارك و التي قال عنها أنها مليارات المودعة في بنوك سويسرا. مؤتمر الأقباط في واشنطن عام 2005 شاهد علي هذا ولن يمحي من سجل تاريخ نضال الشعب المصري.
و أخيرا المنظمة الوحيدة التي انتميت لها انتماء روحي هي منظمة الأقباط متحدون. بسبب هذا الرجل العظيم وزملائي في العمل الحقوقي فيها.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com