ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

"عزلة إسرائيل سببها مواجهة الشعوب وليس حكامهم المطلقين"

dw-world | 2011-09-18 19:35:06

تعاني إسرائيل حالياً عزلة سياسية سببها التغيرات التي تشهدها دول الربيع العربي، إضافة إلى مواقفها من القضية الفلسطينية والجمود الذي يسود علاقاتها مع تركيا. فهل هذا ناتج عن تعامل إسرائيل مع شعوب المنطقة بدلاً من حكامهم؟

يرى المراقبون أن إسرائيل تواجه ثلاثة تحديات تتسبب في عزلتها إسرائيل السياسية في منطقة الشرق الأوسط، أولها وأهمها سعي الفلسطينيين للاعتراف بدولة مستقلة في الأمم المتحدة، وثانيها توتر علاقاتها مع تركيا على خلفية رفضها الاعتذار عن قتل ناشطين أتراك أثناء اقتحام أسطول للمساعدات كان متجهاً إلى قطاع غزة العام الماضي. أما التحدي الثالث فهو اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة وأثرها على العلاقات بين البلدين، لاسيما في ظل وجود تحرك شعبي يطالب بإعادة النظر في الشق الأمني من اتفاقية كامب ديفيد للسلام بين البلدين، التي تم توقيعها عام 1979.

دويتشه فيله تناولت موضوع عزلة إسرائيل في عدد من برامجها الحوارية الجديدة، التي تذاع على قناة دويتشه فيله عربية تحت عنوان "زمن التغيير"، مستعينة بخبرات صحفيين عرب وألمان وإسرائيليين، بالإضافة إلى باحثين في شؤون الشرق الأوسط في ألمانيا والعالم العربي. وتجلى تعقيد هذه القضية في تباين الآراء لدى ضيوف النقاش، خاصة فيما يتعلق بتقييم الخطوة التركية تجاه إسرائيل وربطها بالجولة التي قام بها رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان في عدد من دول الربيع العربي.

تركيا وإسرائيل: صراع المبادئ والكاريزما

تركيا حليف استراتيجي لإسرائيل في المنطقة ولعبت مراراً دور الوسيط بينها وبين الفلسطينيينتركيا حليف استراتيجي لإسرائيل في المنطقة ولعبت مراراً دور الوسيط بينها وبين الفلسطينيين ويرى فيليب هولتمان، الباحث في شؤون الشرق الأوسط في معهد الدراسات الدولية والأمنية في برلين، أن إردوغان يحاول بناء كتلة سياسية جديدة في منطقة الشرق الأوسط، تستبدل تحالفه الاستراتيجي مع إسرائيل، وتمهد في الوقت نفسه لنهوض تركيا كقوة إقليمية جديدة قديمة في المنطقة. ويرى هولتمان أن سياسة إردوغان منطقية، إلا أنها لم تحظ بشعبية التيارات الدينية في المنطقة، بعد دعوته المصريين إلى الاستفادة من التجربة التركية العلمانية.

أما مراسل صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية في برلين، إلداد بيك، فيوضح بأن خطاب إردوغان الأخير أفقده المصداقية في الشارع الإسرائيلي، الذي كان يتطلع إلى خروج ما أسماه بـ"ديمقراطيات حقيقية" من الربيع العربي. ويضيف بيك أن إسرائيل متخوفة من صعود التيارات الإسلامية المتطرفة على حساب الثورات الشعبية، مشيراً إلى أن الشعوب العربية أيضاً ليست راغبة في "تجديد الإمبراطورية التركية العثمانية في المنطقة".

"إسرائيل ملامة لأنها لم تلتزم باتفاقات السلام"

وبالحديث عن سعي السلطة الفلسطينية للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، وتمهيدها بذلك لإعلان قيام دولة مستقلة، يرى مراسل وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) في برلين، عبد الرحمن علاوي، أن التقارب التركي-العربي قد يسهم في حل القضية الفلسطينية. وتابع علاوي بالقول إن إسرائيل لن تستطيع أن "تحتكر" القضية الفلسطينية، وهو ما كان سائداً طوال السنوات التي أعقبت توقيع اتفاق أوسلو للسلام، لأن عودة القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة يعيد تدويلها من جديد.

وفي هذا الصدد اتهم إلداد بيك الجانب الفلسطيني بعدم انتهاز الفرص التي قدمتها لهم الحكومة الإسرائيلية للتفاوض على مدى العامين ونصف الماضيين، مشيراً إلى أن مسألة التوجه إلى الأمم المتحدة ليست سوى مناورة لإضفاء نوع من الشرعية على رئاسة محمود عباس، التي تعتبر غير قانونية بالنظر إلى انتهاء فترته الرئاسية منذ سنتين وعدم إقامة انتخابات رئاسية في الأراضي الفلسطينية.

لكن الصحفي الألماني ومراسل صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" هايكو فلوتاو يلقي باللائمة على إسرائيل في عزلتها، لأنها لم تلتزم بما تم الاتفاق عليه مع الجانب الفلسطيني في مؤتمر مدريد للسلام قبل عشرين عاماً، بل وقامت بالتوسع في بناء المستوطنات على الأراضي المحتلة عام 1967. وإضافة إلى ذلك، فإن إصرار إسرائيل على عدم الاعتذار عن قتل المواطنين الأتراك في حادثة اقتحام سفينة "مرمرة" يعني أنه لا توجد أي إمكانية لعودة علاقاتها مع تركيا إلى سابق عهدها، كما يرى فلوتاو.

"إسرائيل تتعامل مع الشعوب الآن وليس مع حكام أفراد"

ويشير فلوتاو إلى وصف صحيفته للسلام الإسرائيلي مع الدول العربية بأنه "سلام بارد"، معتبراً أن السلام في المنطقة كان "مشروعاً نخبوياً مع الحكومات وليس مع الشعوب"، في إشارة إلى أن السلام لم يصل إلى شعوب المنطقة، التي تنظر إلى إسرائيل كدولة معتدية وعدوة. إلا أن هذا لا يعني أن الشعوب العربية تسعى إلى حرب مع إسرائيل، على حد قول الصحفي الألماني.

وحول العلاقات الإسرائيلية-المصرية أوضح عماد الدين حسين، رئيس تحرير صحيفة الشروق المصرية، أن حادثة اقتحام متظاهرين مصريين للسفارة الإسرائيلية في القاهرة أظهرت ما يشعر به الشعب المصري تجاه إسرائيل، وهو ما لا تعبر عنه اتفاقيات السلام الموقعة مع إسرائيل. ويضيف حسين أن جميع اتفاقات السلام المبرمة، منذ اتفاقية كامب ديفيد بين الرئيس المصري السابق أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحم بيغين عام 1979، عقدت مع حكام مطلقين وليس مع شعوبهم، مما يعني أنها لا تعبر عن رغبة الشعب.

حادثة اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة أظهرت بوضوح أن السلام مع مصر سلام بارد لا يحظى بقبول شعبيحادثة اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة أظهرت بوضوح أن السلام مع مصر سلام بارد لا يحظى بقبول شعبي

واعتبر رئيس تحرير صحيفة الشروق أن اتفاقية كامب ديفيد، خاصة الشق الأمني منها والمتعلق بانتشار القوات المصرية في شبه جزيرة سيناء، لا تعبر عن توازن القوى الراهن ولا عن الظروف التي تمر بها المنطقة العربية حالياً، وأشار إلى مطالبة عدد من مرشحي انتخابات الرئاسة في مصر بإعادة النظر في بعض بنود هذه الاتفاقية، التي يقولون إنها مجحفة بحق مصر.

وفيما لا يرى عماد الدين حسين سبيلاً لخروج إسرائيل من عزلتها الحالية إلا بتغيير سياساتها الإقليمية لتتناسب مع الظروف الحالية، خاصة التعامل مع الشعوب بدلاً من حكامهم المطلقين، يؤكد الصحفي الألماني هايكو فلوتاو أن الحل ببساطة يكمن في تنفيذ إسرائيل للاتفاقيات التي وقعت عليها والاعتذار لتركيا في سبيل إصلاح علاقاتها معها.

 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com