خبراء: الاستثمارات الأجنبية تراجعت بسببه
عبر ما يزيد على عشرين عاما ظل السيد عربي (48 عاما) يعمل في مجال السياحة في مدينة الغردقة المصرية المطلة على ساحل البحر الأحمر، لكنه الآن عاجز عن التفكير في كيفية تغيير نشاطه. فعربي الذي يملك مركبا سياحيا يحمل السياح في رحلات ترفيهية في مياه البحر يخشى كألوف غيره من المد الإسلامي المتنامي في مصر وأثره على توافد السياح الأجانب على البلاد التي تمثل السياحة نحو 11 في المائة من إجمالي دخلها القومي وفقا للإحصاءات الرسمية، لكن خبراء يخشون من امتداد أثره إلى الاستثمارات الأجنبية في مجال السياحة.
وأثار صعود العديد من التيارات الإسلامية في الحياة السياسية في مصر بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني) قلقا متناميا من تطبيق أفكارها في مجال السياحة، كهدمها للآثار أو تحريمها السياحة. ورغم أن التيارات الإسلامية السياسية الرئيسية لا تتبنى موقفا مضادا للسياحة بشكل عام، فإن تصريحات أخرى نسبت للسلفيين قضت مضاجع عم عربي وثلاثة ملايين مصري يعملون في مجال السياحة في مصر.
وقبل عدة أسابيع دعت منشورات وزعت في منطقة شيراتون بمدينة الغردقة، والتي تعد مركزا مهما للفنادق والملاهي الليلية بالمدينة، المصريين للتوقف عن العمل بالسياحة بسبب المنكرات التي يقوم بها السياح على حسب تعبير المنشورات التي قالت إن السياحة نشاط محرم. بعدها بأيام دعا عبد المنعم الشحات، المتحدث باسم الدعوة السلفية، إلى تغطية وجوه التماثيل الفرعونية المصرية بالشمع، وقال الشحات إن التماثيل تشبه الأصنام التي كانت موجودة بمكة المكرمة في عصر الجاهلية قبل الفتح الإسلامي، وطالب الشحات بأن يتم النظر في أمر هذه التماثيل.
وتمثل السياحة في مصر 11 في المائة من الدخل القومي المصري، بحسب الإحصاءات الرسمية الصادرة عن الهيئة العامة للاستعلامات، لكن تقديرات أخرى تشمل ما ينفقه السياح خارج برامجهم السياحية، قدرتها بـ17 في المائة، ويعمل بها قرابة ثلاثة ملايين مصري، كما تسهم في تغذية أكثر من 72 صناعة مختلفة تقوم على نشاط السياحة. ويتركز النشاط السياحي في مصر في مدن شرم الشيخ ودهب وطابا والغردقة شرقا والأقصر وأسوان جنوبا، بالإضافة لمعالم القاهرة السياحية.
ويضيف الخوف من المد الإسلامي أعباء مضاعفة على النشاط السياحي الذي يعاني بشكل كبير بسبب تدهور الأوضاع الأمنية القائمة حاليا، وهو ما علق عليه عربي لـ«الشرق الأوسط»: «المصائب لا تأتي فرادى.. مش عارف هنلاقيها من غياب الأمن ولاّ من الإسلاميين».
اللافت أن تلك التهديدات ليس لها مكان على الأرض بخصوص السائحين حتى اللحظة، فالسياح الأجانب عادوا للتدفق على الغردقة وشرم الشيخ وبقية المدن المصرية. وأوضح محمد نور، منظم رحلات سياحية في الغردقة، أن أكثر ما يقلق السياح خاصة في المدن السياحية البعيدة عن التجمعات السكانية هو غياب الأمن لا تهديدات الإسلاميين، مشيرا إلى أن الأمن هو أكثر ما يسأل عنه السائح الأجنبي، خاصة عندما يتعلق الأمر برحلات السفاري أو رحلات البحر.
ويقول مايكل برتسلاف، 28 عاما، سائح سلوفاكي، إنه سمع كثيرا قبل سفره لمصر عن وجود نفور من قبل المسلمين في مصر لوجود السياح، لكنه لفت إلى أن ما أقلقه بشكل كبير قبل سفره هو مدى توافر الأمن. وتابع برتسلاف أنه لم يجد إلا الترحاب من المصريين الذين قال عنهم إنهم ملتزمون وغير متشددين.
وفي مدينة شرم الشيخ، بدا أنه لا أثر مباشرا لتصريحات الإسلاميين على السياح بقدر ما كان أثرها واضحا على تفكير المصريين العاملين في السياحة بخصوص مستقبلهم، فبالنسبة لمصطفى رمضان، صاحب محل صغير لبيع مشروبات روحية، فإن هاجس وصول الإسلاميين لحكم البلاد يسيطر على تفكيره حتى إنه تراجع عن قراره بفتح فرع آخر له بعيدا عن الممشى السياحي خوفا من سيطرة الإسلاميين على حكم البلاد. لكن نادر الشرقاوي، الخبير السياحي ومسؤول ملف السياحة بحزب المصريين الأحرار، أكد أن خطر تصريحات الإسلاميين بخصوص السياحة يؤثر مباشرة ليس فقط على توافد الأجانب ولكن على استثمارات رجال الأعمال الأجانب، وقال الشرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: «معظم المستثمرين الأجانب من أصحاب المشروعات الكبيرة أو حتى الصغيرة توقفوا عن ضخ أموال جديدة في مجال السياحة». وتابع الشرقاوي أن مخاوف المستثمرين تنصب حول تحول مصر إلى نموذج إسلامي على شاكلة إيران.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com