بقلم: القس / الفريد فائق صموئيل
طالعتنا الأنباء المفزعة أمس عن هجوم بربري غوغائي على كنيسة مار جرجس بالماريناب التابعة لمركز ادفو محافظة أسوان؛ حديثة البناء والصادر لها ترخيص باعادة البناء. كنيسة حديثة حلت محل كنيسة قديمة بناء على رخصة رقم 42 فى مايو لسنة 2011م. دُمرت وهُدمت وحُرقت مع بعض منازل المسيحيين المجاورة لها.
فعلنا عاب ... فعلنا نحن المصريين عاب وامتلأت أفعالنا بالعيب المتكرر؛ حيث كيف يهجم مصري على مصري؟ كيف يهجم مصريون (؟) على كنيسة مواطنين مصريين وعلى منازل مواطنين مصريين ويحرقون ويهدمون؛ تحت مسمع ومرأي المسئولين عن المواطنين والوطن في تطبيق وتنفيذ القانون؟
فعلنا عاب ... وليس ذلك فقط بل ظننا خاب؛ ظننا نحن المواطنين بعد ثورة 25 يناير خاب في المسئولين المدنيين والمسئولين العسكريين؛ ظننا خاب في اخوتنا المواطنين الذين نعيش معهم منذ قرون. فقد ظنّنا أن النظام سقط؛ لكن يبدو أن بعض رؤوس النظام السابق قد سقطت؛ وبقى النظام كما هو مع من يؤيده. وظننا خاب عندما اعتقدنا أن ماحدث في ميدان التحرير من روح وحدة وطنية عالية سيستمر في مصرنا الجميلة.
فعلنا عاب وظننا خاب بعد أحداث الماريناب؛ قرية الماريناب المسالمة (ادفو ـ أسوان). وكأن سيناريو أطفيح (صول ـ الجيزة) وغيرها يتكرر. وماذا تريد هذه الأحداث من مصر الحبيبة؟ و وإلي أين تريد هذه الأحداث أن تصل بنا أو تأخذنا إليه؟ لأن كل من يصمت عن هذه المهازل والأساليب الارهابية يحرق مصر الجميلة كلها ويهدم مستقبلها الجميل الذي لا نريد أن يخيب ظننا فيه ويصلح فعلنا لأجله كثيرا. هل تريد هذه الأحداث أن يتسلح المصريون ضد بعضهم؛ لأن الحكومة لا تنقذهم ولا تؤمن لهم حياتهم وبيوتهم؟
ماذا تريدون أيها الأرهابيون؟ بعد اغراق مصر من شمالها إلي جنوبها بأحداث إرهابية من الأسكندرية (كنيسة القديسيْن) إلي أسوان (كنيسة الماريناب) وبينهما جرزا والعمرانية وأطفيح وامبابة والكل لا ينسى الكشح وأبوقرقاص والمنيا ,... و ... و ... هل هذه هي خطة الدولة المؤمنة؟ الدولة المسلمة ورئيسها المسلم (السادات)؟ هل هذه هي الدولة المدنية بمرجعية اسلامية (المرشحون الاسلاميون للرئاسة)؟ إن كان هناك خطها أعلنوها. ماذا تريدون من المواطنين المسيحيين وكنائسهم ووجودهم ومنازلهم ومحلاتهم وكافة ممتلكاتهم؟ وأسئلتنا هذه ليست من موقع الضعف لكن من موقع قوة وموقف حب الوطن والأمان والسلام. على كل مسئول أن يعلن موقفه بصراحة من هذه الأحداث.
نريد تطبيق القانون وليس ارضاءَ الخواطر. كنا سنسعد أكثر بالقبض على جناة كل هذه الحوادث وتطبيق القانون عليهم أكثر من اعادة بناء كنيسة أو تجديدها على حساب الدولة أو القوات المسلحة. نريد تطبيق القانون على الجميع بدون استثناء حتى على محافظ أسوان وعلى رئيس أومدير مباحث ادفو وأسوان أو أي مسئول متواطيء في مديرية الأمن أو حتى أي رجل دين مُهّيج ومحرض ومخالف. لا نريد أن يطبق مجموعة ما من المصريين (الدخلاء على فكر مصر المستنير) القانون؛ ولا نريد أن يوافقهم مسئول مثل محافظ أسوان وكأنهم اداة تنفيذ القانون على كل المخالفين.
أليس مخالفة للقانون أن يهجموا ويحرقوا مبنى تكلف الآلاف في قرية مسالمة؟
أليس مخالفة أن يتعدوا على منازل مواطنين ويسرقوها ويدمروها ويحرقوها وعلى مرأي ومسمع من قوات الأمن والمسئولين في الدولة؟
ثم ماهي المخالفة لمن يبنى ومعه رخصة؟ ثم أين هو قانون بناء الكنائس الذي تقولون أننا نخالفه؟
افعل شيئا يا سيادة المشير حسين طنطاوي.
افعل شيئا يا سيادة رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف.
افعل شيئا يا وزير الداخلية سيادة اللواء العيسوي.
افعل شيئا يا فضيلة شيخ الأزهر الدكتور الطيب؛ طبّق لنا ما أعلنته في وثيقة الأزهر.
أي شخص يعمل أي حاجة. أظهروا الحق نفذوا القانون.
قولوا لنا جميعكم ما هو موقفكم من الصليب وجرس وقبة الكنائس والكنائس نفسها والشعب المسيحي المخلص في في عمله والمحب لمصر ولجميع المصريين؟
ارحمونا وعلّموا الناس الحق؛ وافعلوا الحق؛ وطبقوا القانون والدستور بحق.
وأجيبوني على هذا السؤال: هل تقبلون أن يقوم المسيحيون المصريون بتجمعات تأمر بهدم مساجد مخالفة للقانون ـ وهي كثيرة كما يعلم الجميع ـ بحسب فكر وفلسفة واستراتجية محافظ أسوان؛ سليل النظام الأمنى السابق؟
تقول لي لا توجد مساجد مخالفة؛ أقول لك وماذا عن المساجد المبنية على أطراف سكك حديد مصر؛ وعلى النهر الخالد وعلى ترع مصر المحروسة والمساجد التي أُخذت عنوة في أفضل الشوارع والميادين وتعلمها جميع الادارات الهندسية ومديريات التخطيط العمراني؛ المساجد التي تُبنى ثم بعد ذلك يعدلون الرسومات والخرائط لأجلها.
هل تقبلون أن نقول أن الهلال (رمز الاسلام) يؤذي مشاعرنا؟ الهلال يُحترم من الجميع وعلى الجميع أن يحترمون الصليب (رمز المسيحية).
يقول محافظ أسوان ـ كذبا وتحليلا خاطئا ـ أن الأخوة المسيحيين أخطأوا والأخوة المسلمين عدلوا الخطأ. هل تقبلون عندما يخطيء الأخوة المسلمين أن يعدلوا خطائهم الأخوة المسيحيين؟
لماذا قسّمت يا محافظ أسوان المواطنين إلي قسمين؟ لماذا تُقّوى المواطنين بعضهم ضد بعض؟ حرام؛ مصر لا تتحمّل كل ذلك. ارحمونا وراعوا ضميركم؛ واعملوا على توحيد مصر الواحدة وفعلّوا القانون والمواطنة والمساواة والعدل والحرية والكرامة الانسانية. انصروا المظلوميين المُعتدَى عليهم وعاقبوا الظالمين المعتدين.
كفانا مؤامرات على أمن الوطن وحافظوا على مكاسب ثورة 25 يناير؛ أم أنكم تريدون أن تلهون الشعب عنها بمثل هذه الحوادث المدّبرة والمُؤيدة من مسئولين كبار. وقد كان غيركم كبارا وهم الآن يُحاكمون؛ وإن أفلت من العدالة في الأرض لن تفلت منها في السماء.
وأترك لكم هذه الآية الكتابية من الكتاب المقدس ـ على لسان سليمان الحكيم:
"إِنْ رَأَيْتَ ظُلْمَ الْفَقِيرِ وَنَزْعَ الْحَقِّ وَالْعَدْلِ فِي الْبِلاَدِ، فَلاَ تَرْتَعْ مِنَ الأَمْرِ، لأَنَّ فَوْقَ الْعَالِي عَالِيًا يُلاَحِظُ، وَالأَعْلَى فَوْقَهُمَا". (سفر الجامعة 5: 8).
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com