ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

المجلس العسكري يتحمل مسؤولية هدم أجزاء من كنيسة في مصر

| 2011-10-07 09:43:46

حمل تقرير لجنة تقصي الحقائق حول هدم قباب كنيسة في مصر، المجلس العسكري الأعلى، الحاكم للبلاد، المسؤولية عن الاعتداء المذكور كونه لم يتمكن من معاقبة الجناة في حوادث سابقة، كما حدث مع كنيسة صول باطفيح، وكنيسة إمبابة.


القاهرة: فيما تستمر تظاهرات الأقباط، احتجاجاً على هدم قباب ومنارة كنيسة مار جرجس بقرية المريناب بأسوان، انتقد تقرير لجنة تقصي الحقائق السلطات المصرية ممثلة في المجلس العسكري في طريقة تعاطيها مع الأزمة، وحملها المسؤولية عن تكرار جريمة هدم وإحراق الكنائس، بسبب إفلات الجناة في حوادث سابقة من العقاب الجنائي، كما حدث مع كنيسة صول باطفيح، وكنيسة إمبابة، وأكد التقرير الصادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن الكنيسة مقامة منذ 1985، ويمارس الأقباط فيها طقوسهم الدينية منذ ذلك التاريخ، وليست مجرد مضيفة كما يقول محافظ أسوان.

كنيسة منذ 1985

ووفقاً للتقرير فإن شهود عيان ورجال دين من المسلمين والمسيحيين أقروا بأن أقباط القرية واظبوا منذ 1985 على الصلاة وإقامة الشعائر الدينية في مبنى من الطوب اللبن لخدمة الأقباط من أهالي القرية وأهالي خمس قرى مجاورة. كما قامت مطرانية أسوان ومنذ أكثر من عقدين من الزمن بتعيين كاهن متواجد بصورة دائمة للقيام بالطقوس الدينية في المبنى، وعينت مديرية أمن أسوان حراسة دائمة على المكان أسوة بباقي كنائس الجمهورية.

إلا أن الأحداث تفجرت بالقرية مع قرب انتهاء الأقباط من إعادة بناء الكنيسة بعد الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات المعنية لإزالة المبنى المتهالك وإعادة بنائه بالخرسانة. رغم أنهم حصلوا على التراخيص اللازمة، مشيراً إلى أن لجنة تقصي الحقائق حصلت على نسخ من تلك الوثائق التي تثبت بشكل قاطع قانونية وجود الكنيسة وعلم كافة المسؤولين بذلك واستيفاء كافة إجراءات الهدم والإحلال.

وقال ثابت كامل، أحد سكان القرية المسيحيين لأعضاء لجنة تقصي الحقائق: "هذا المكان كنيسة تقام بها الصلوات الدينية دون مشاكل، وهى من الطوب اللبن ومسقوفة بجريد النخيل. وتخدم الكنيسة 50 أسرة بالقرية إضافة للأهالي في خمس قري مجاورة هي العصي والشيخ محمود والبلاليص والغنيمة والقنادلة، كما يوجد عليها حراسة تابعة مديرية الأمن."

وعلى الجانب الآخر ذكر الشيخ محمد موسي مأذون القرية في شهادته: "نحن عايشين من قديم الأزل مع بعض، في الخير والشر، في الفرح والكرب. المشكلة بدأت في عام 1985، الجماعة المسيحيين كانوا يريدون تحويل مضيفة إلى كنيسة، وقام الأهالي المسلمون بإزالتها. واجتمع والدي ومعه كبار البلاد مع المسيحيين وقالوا لهم انتوا عددكم صغير جدا، وفيه كنيسة في قرية "الحاج زيدان" على بعد ثلاثة كيلو مترات من القرية. ثم عقدت جلسة صلح بين المسلمين والمسيحيين وتم الاتفاق على أن تكون مضيفة للأفراح والأحزان ووقع محضر للصلح، واستمر الوضع دون مشاكل، هم كانوا يجتمعون في هذا المكان ويصلون معا، وكل واحد حر في عقيدته."

لا منارة أو صليب أو قباب

وأوضح التقرير أن أهالي القرية من المسلمين اعترضوا في البداية على وجود منارة وجرس وصليب أعلى المبنى، ووافق المسيحيون على هذه الطلبات. ثم طالب مسلمو القرية بهدم القباب الست الموجودة أعلى المبنى الخرساني، وبعدها حررت الإدارة الهندسية بمركز ادفو محضراً للكنيسة بمخالفة الارتفاع المقرر بالرسم الهندسي – زيادة أربعة أمتار – وطالبت بإزالتها وهو ما يعني هدم القباب تلقائيا.

وبينما وافقت مطرانية أسوان على التصالح وتنفيذ هدم القباب وشرعت في ذلك بالفعل، إلا أن الأوضاع انفجرت مرة أخرى قبل الانتهاء من عملية الهدم عندما قام مئات المسلمين ـ بعد تحريضهم من إمام مسجد القرية في خطبة الجمعة وفقاً لما أكده محافظ أسوان ـ بإشعال النيران في أجزاء من الكنيسة وهدم القباب والحوائط وأجزاء من الأعمدة الخرسانية في حضور القوة الأمنية المتواجدة أمام الكنيسة. كما طالت النيران ثلاثة منازل مجاورة يمتلكها أقباط، دون أن تقع خسائر في الأرواح.

وأشار الشيخ على مكي، أحد سكان القرية إلى أن "صلى الأقباط خلال عام 1985 بأحد منازل القرية، فقام بعض الشباب بهدم المبني ليلا، فتدخل المسئولون وتم الاتفاق على السماح للأقباط بالصلاة فقط دون أن يكون كنيسة. بعد الثورة وجدنا المبني يتم بناؤه على شكل كنيسة وعليه قباب وهذا مخالف للاتفاق القديم. وحصول الأقباط على تصريح رسمي من المحافظ لا يعني أن الموضوع يمر بسهولة. المسلمون لم يعتادوا على رؤية كنيسة بها قباب، فهي تثير مشاعر المسلمين."

 

كنيسة تحت البناء وقال محمد موسى مأذون القرية وأحد مشايخها والذي وجهت إليه أصابع الاتهام بأنه لعب دوراً في تحريض المسلمين لهدم المبني: "هذا المبني كان مضيفة مخصصة للعزاء والأفراح ثم قاموا بالصلاة فيه ولكنه ليس كنيسة ولن يكون. ولذلك صدر قرار إزالة من المحافظ للقباب.
وانتظر المسلمون أكثر من 15 يوما ليقوم المسيحيين بتنفيذه لكن هناك بطء متعمد. نحن لم نحرض الناس، كان هناك إجماع على هدم القباب والمبنى. المسلمون كانوا متفقين على تنفيذ القرار بأنفسهم. تخيل هم جابوا مقاول مسيحي بطيء. إحنا لو عاوزين أذيتهم وكان عندنا نية كنا حرقنا البيوت وهم أقلية، أو ضربناهم وإحنا نقدر نعمل ده. دورنا فقط هو هدم القباب وإزالة المخالفات".

تراخيص رسمية

وأكد التقرير أن أعضاء لجنة تقصي الحقائق اطلعوا على صورة مذكرة صادرة من الوحدة المحلية لمركز ومدينة إدفو وموقعة من المهندسة ليلي محمود صغير رئيس الإدارة الهندسية وطايع عثمان بشير رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة إدفو بتاريخ 8/6/2010، وذلك للعرض على السيد محافظ أسوان.

وتضمنت الإشارة إلى الطلب المقدم من كاهن الكنيسة للترميم ثم عرضت لنتائج المعاينة على الطبيعة ثم أوضحت المذكرة أن الوحدة المحلية لمركز ومدينة إدفو طلبت من راعي الكنيسة تقديم تقرير استشاري يفيد دراسة الحالة الراهنة للمبني معتمدة من المهندس الاستشاري، وقد تقدم راع الكنيسة بالتقرير.

وفي نهاية المذكرة أبدت الوحدة المحلية رأيها كالتالي: "لعدم إمكانية عمل إحلال جزئي على مراحل فإن الإدارة الهندسية ترى عمل إحلال كلي للكنيسة بهدمها لمنسوب سطح الأرض وعلى الطالب بعد الموافقة التقدم بطلب للحصول على التراخيص المطلوبة من هدم وبناء. وسجلت المذكرة برقم وارد 153 بتاريخ 17/ 6/2010 حيث رأى السيد السكرتير العام للمحافظ عرض الموضوع على المستشار القانوني لمعرفة قانونية الإزالة وإعادة البناء لكنيسة ثم كتب بخط اليد "الأمر مفوض للسيد المحافظ". بينما قام المحافظ بالتأشير على المذكرة "أوافق وطبقا للقواعد والقوانين والحصول على الموافقات من الجهات المعنية."

هدوء نسبي

وحسب التقرير فإن حالة من الهدوء النسبي تسود القرية الآن، غير أن المحافظ قام بزيارة موقع الكنيسة في الأول من أكتوبر ثم طلب من رجال الدين المسيحي هدم أغلب البناء والنزول به إلى مستوى 4 أمتار فقط فوق الأرض، وهددهم بأن المحافظة ستقوم بتنفيذ عملية الهدم ما لم يقم به رعاة الكنيسة.

وقال القمص صليب: "هو يريد المبنى من دور واحد وارتفاعه 4 أمتار وأن يكون مضيفة وتمنع فيه الصلاة ولن نوافق على ذلك." ومع استمرار المواجهة وتصاعد احتجاجات الأقباط في عدة مدن ومحافظات أخرى على أحداث قرية المريناب، فإن من غير المستبعد أن تعود الأمور للاشتعال مجددا.

قلق من تكرار الجريمة

وقال إسحق إبراهيم، الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومعد التقرير، إن ما يبعث على الأسى ليس فقط الاعتداء على منازل وممتلكات الأقباط ومكان عبادتهم وفشل الدولة في حمايتهم، ولكن تكرار هذه الأحداث بنفس التسلسل، بل وتقريبًا بنفس التفاصيل من قبل. محذراً من أن هذه الأحداث ستتكرر مجدداً طالما لم تغير السلطات في مصر طريقة تعاملها مع الملف الطائفي.

وأضاف لـ"إيلاف" أنه بالرغم من الإشارات المبكرة التي كانت تنذر بتزايد الاحتقان داخل القرية فإن المسؤولين فشلوا في إيجاد حلول جذرية للمشكلة قبل تفاقمها. مشيراً إلى أن أجهزة الدولة وفي مقدمتها الأجهزة الأمنية عجزت عن عقدت 3 جلسات للصلح العرفي على مدى شهر كامل، كما عجزت عن منع حدوث الاعتداءات على الكنيسة ومنازل الأقباط أثناء تعرضهم للهجوم.

ضوء أخضر

ويرى حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية، أن إهدار العدالة وإفلات المجرمين من العقاب بعد هدم كنيسة قرية صول بحلوان في شهر مارس/آذار الماضي كان بمثابة ضوء أخضر بتكرار حرق الكنائس وهدمها في إمبابة واليوم في أسوان.

وأضاف أن حرية العقيدة وممارسة الشعائر منصوص عليها في المادة الثانية عشر من الإعلان الدستوري الصادر عن المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يدير البلاد، بالقول " تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية"، وهو ما يتضمن بالضرورة حماية حق المواطنين في إقامة دور العبادة لممارسة الطقوس الدينية التي يؤمنون بها. وتساءل بهجت: كيف نسارع جميعا لإدانة حظر إقامة منارات المساجد في سويسرا ثم نفرض على مواطنين مصريين أن يقيموا دار عبادة بشرط ألا تضم منارة أو جرساً أو صليباً أو قبابا بدعوى أن هذه المظاهر تؤذي مشاعر المسلمين؟.
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com