بقلم : زهير دعيم
من حقّ المظلوم ان يصرخ ويقول بلغة جدتي : "آخ".
من حقّ المكلوم أن يتأوّه خاصّة وأنّه يتلقّى الضربة تلو الضربة على جرحه النازف، من حقّهم – حقّ الاقباط- أن يتظاهروا ويرفعوا عقيرتهم بالصّراخ واصواتهم بالتحذير ، فما عاد الوضع يُطاق ، فمسلسلات اختطاف القبطيات وحرق الكنائس وكمّ الأفواه ودوس الكرامات جارٍ منذ سنين واليوم ترتفع وتيرته تحت اللاحكم والانفلات والسلفية والبلطجيّة ، بل تحت نظر وسمع الزمرة العسكرية الحاكمة هناك ، فالطنطاوي والنطنطاوي والطهطاوي استعذبوا في ماسبيرو بالامس قتل الاقباط الشباب والاطفال تحت عجلات مدرّعاتهم بحجج واهية.
شهداء ...نعم شهداء الحرية والايمان ..وابطال واكثر .
انا لست مع العنف ، فقناعتي الايمانيّة ترفض وتأبى ، ولستُ مع الإضرار بالمصالح والمؤسسات العامّة والخاصّة ..
ولكن للصبر حدود !
فالربّ يسوع عندما دخل الهيكل في احد الايام ووجده وكرًا للصوص ولباعة الحمام والتجارة قلب موائد الصيارفة بغضب مُقدّس قائلا : "فَصَعِدَ يَسُوعُ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَوَجَدَ فِي الْهَيْكَلِ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ بَقَراً وَغَنَماً وَحَمَاماً، وَالصَّيَارِفَ جُلُوساً. فَصَنَعَ سَوْطاً مِنْ حِبَالٍ وَطَرَدَ الْجَمِيعَ مِنَ الْهَيْكَلِ، اَلْغَنَمَ وَالْبَقَرَ، وَكَبَّ دَرَاهِمَ الصَّيَارِفِ وَقَلَّبَ مَوَائِدَهُمْ. وَقَالَ لِبَاعَةِ الْحَمَامِ: "ارْفَعُوا هذِهِ مِنْ ههُنَا. لَا تَجْعَلُوا بَيْتَ أَبِي بَيْتَ تِجَارَةٍ". فَتَذَكَّرَ تَلَامِيذُهُ أَنَّهُ مَكْتُوبٌ: "غَيْرَةُ بَيْتِكَ أَكَلَتْنِي".
بالامس القريب كانت تظاهرة اجتماعية اقتصادية غاضبة في عدة مدن بريطانيّة ، هشّم فيها المتظاهرون وكسّروا..وتعامل الامن البريطاني مع هؤلاء المواطنين والذين في غالبيتهم من احبابنا السود ومن اصول غير بريطانية ، تعامل معهم بكرامة ..ولم يدسهم بالمدرعات وأظنّه يملك.
لقد حطّموا وكسّروا.- وانا لست في صفّهم في هذا –وما كان هناك اختطاف ولا حرق ..
تخيّلوا معي لو ان المسيحيين في اوروبا حرقوا مسجدا ومسجدا وآخر ، أما كان الشرق وغير الشرق سيقوم ويبقى قائمّا ؟
امّا في مصر المحروسة فالأمر أضحى طبيعيّا ، كلّ يوم حادثة وكل يوم تحريض بل وصل الامر الى الوقاحة السافرة من احد السلفيين الذي دعا الاقباط الى الهجرة الى استراليا فالاراضي هناك واسعة !!...اَضحكني هذا السلفي ، أضحكني حتى الدموع : " فالدّار دار ابونا ..."
بالمدرّعات يا راجل !!يا طنطاوي ..اليس الاقباط مواطنين؟ اليسوا مصريين أقحاح يشربون من النيل ويستعملون كلمة " كده".؟ أليسوا اصل مصر وعنوان حضارتها ؟ ألا يجري عشق مصر في عروقهم ؟ ألم يُصدّروا الى العالم حضارة ما زالت ماثلة حتى اليوم؟.
بالمدرّعات يا راجل ؟..ماذا دهاك..اسمعهم ..انصت اليهم ، قد يكونون على حقّ أليس من المفروض وبعد الثورة الشبابية أن تكون ابًا لكل المصريين؟
أكنت تفعلها لو كان المتظاهرون من الاخوان؟
لن تستطيع ان تُخرس المحبّة من قلوبهم ، ولن تستطيع ان تسلبهم الطمأنينة الآتية من السماء ، ولن تسرق منهم الفرح السمائيّ، حتى ولو سحقتهم عن بكرة أبيهم !
بالمدرعات يا راجل ألا تخاف الله؟
أين العالم الحرّ ؟ اين المنظمات الانسانية والامم المتحدة ؟ أين الضمير العالميّ ممّا يحدث؟
أيعقل ان يكون بناء كنيسة اصعب الف مرة من اقامة عشرين مرقصًا ؟
اين المشكلة يا طنطاوي في اناس يريدون ان يعبدوا الله ويرنّموا : " المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وفي الناس المسرّة "
أين المشكلة في اناس يردّدون خلف الههم : " أحبّوا اعداءكم ، باركوا لاعنيكم ..." .
لا انكر وقد رأيت بأمّ عيني وعبر الفضائيات ، رأيت الكثيرين من اهلنا المسلمين المتحضّرين – وهو كثر- رأيتهم يقفون الى جانب الاقباط ويسيرون معهم في المظاهرات السلمية مطالبين برفع الظلم.
لقد سرقوا الثورة ...سرقوها ولوّنونها بالاسود الاشلاء.
سرقوها وعلى الدنيا السلام !!!
ومع هذا فليعلم الطنطاوي أنّ التاريخ 201110 9 سيبقى محفورًا في الضمير القبطي والبشري ، وسيكون ويبقى نقطة نور وتحوّل ، وستروي دماء الشهداء الزكية تربة الحقّ والمحبة وسينمو هناك الاقحوان وشقائق النعمان.
لن تعود الايام الى الوراء ، ولن يرضى القبطي والمصري الاصيل في الايام القادمة ان تُداس كرامته وهو صامت.
لماذا تضربني إن لم افعل سوءًا ؟ سيقولها بصوت عال كل شريف في مصر ، صوت هادر يصل الى السماء، والسماء مفتوحة والإله حيّ ويسمع.
بالمًدرّعات يا راجل ؟!! يا ويلّك من الله !!!
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com