بقلم: د. فكرى نجيب أسعد
قصص وكلمات منفعة
هناك أنواع مختلفة من العطاء فهناك عطاء بالأعمال الحسنة ، وعطاء بالمادة ، وعطاء بالصلاه والصوم من أجل الآخرين ، وعطاء بالكلمات الطيبة والتشجيع ...الخ وقد وضع القديس يوحنا ذهبى الفم مرتبة العطاء بالأعمال فى الأولوية من جهة القيمة عن بقية أنواع العطاء
حينما يصلى الأب الكاهن فى القداس الإلهى طالباَ من الله : " عملاَ للمحتاجين " لا يختصر طلبه بالنسبة للعاطلين فقط الذين يبحثون عن عمل يغطى إحتياجاتهم الحياتية ، بل الذين أيضاَ يبحثون عن أعمال المحبة والبر الصالحة ليقومون بها فى أقتداء بالسيد المسيح الذى عاش الشطر الأكبر من حياته بالمحبة العملية لكل إنسان محتاج دون تمييز أو محاباه بين إنسان وآخر على حسب اللون أو الجنس أو الدين أو العقيدة أو على حسب المستوى الغنى والفقر، فقد عاش الشطر الأكبر من حياته يجول يصنع خيراَ، وأعطى لنا أمثال محبة نحو المحتاجين كمثل السامرى الصالح، ولمشاطرته للمحتاجين بأعمال المحبة لقب بمسيح المحتاجين وبغاسل الأرجل.
من القصص العديدة التى تظهر فيها العطاء بالأعمال الصالحة أذكر :
+ كان القديس القوى موسى الأسود سارقا وقاطع طريق لا يبالى بشىء - ولو بقتل الآخرين - فى سبيل الحصول على ما يريده وإذ به بعد توبته يمارس السرقة أيضاَ !! لكن فى هذه المرة سرقة من أجل الله، ومن أجل الوصية .. فكان يخرج ليلاَ فى الظلام فى البرية ليسرق من أبواب القلالى جرار الشيوخ الرهبان الفارغة ليملأها لهم بالماء من بئر على بعد حوالى ساعتين إلى ثلاث ساعات دون أن يدرى به أحد .
+ قيل أن ملكاَ قرر أن يبنى كنيسة ضخمة لا يشترك أحد غيره فى نفقاتها. وكان الملك ينفق بسخاء عليها حتى تم البناء .. وإذ وضعوا لوحة تذكارية عند المدخل جاء فيها أسم الملك قبل تدشينه وافتتاحها ، لاحظ المسئولون أن أسم الملك قد أختفى ومكتوب بدلاَ منه أسم من أعطى أكثر منه بالمحبة العملية. لقد تم كتابة اسم طفلتين شقيقتين فقيرتين هما : أجيا وصوفيا . تعجب المسئولون لذلك ، فانتزعوا الحجر ، وجاءوا بغيره نقش عليه أسم الملك ، وتكر الأمر ثانية ثم ثلاثة ... سمع الملك بذلك فلبس المسوح وصلى إلى الله أن يكشف له الأمر . فظهر له ملاك الرب وأخبره أن طفلتين يستحقان ذكر اسمهما أكثر منه ، لأنهما دفعا الكثير.
تساءل الملك : كيف دفع الطفلان الكثير ، وقد قام هو بدفع كل النفقات ؟ قال له ملاك الرب : إن الطفلان محبان لله جداَ ، اشتاقا أن يقدما لبناء بيت الرب تبرعاَ، لكنهما لا يملكان مالاَ إنما قلبين غنيين بالحب .
لقد قررا الطفلان أن يحملا وعاء يملآنه ماء ومقدار من الحشائش ، يضعانه فى طريق الجمال الحاملة للحجارة التى يبنى بها بيت الرب ... كانا يتعبان طول النهار، ليقدما حبهما وجهدهما، فاستحقا هذه الكرامة .
قد يعتقد البعض أن البركة فقط فى الأموال الكثيرة .. حتى يظن البعض أن الإنسان الفقير هو إنسان تخلت عنه البركة لكن الطفلتين أجيا وصوفيا قد أكدتا بأن عطاؤهما بالعمل المصحوب بالحب قد فاق كثيراَ عطاء الملك بالأموال الجزيلة. وعن قيمة عطاء الفقراء يقول القديس غريغوريوس النيسى لنا : " لا تحتقر تقدمة الفقراء كأنها لا تليق ، ضعها فى الحسبان وتأكد أن قيمتها ثمينة " ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم للذين يحاولون تقييم العطاء على أساس مقدار ما نعطيه وفقاَ للمقاييس الأرضية : " نخطىء إذ نقيس الغنى بالمقاييس المادية فنحسب انفسنا اغنياء وهم فقراء ، مع أن ربنا يسوع المسيح نظر فى الأرملة التى أعطت الفلسين - كل ما عندها - أنها غنية جداَ وأما الأغنياء فرآهم بائسين .
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com