ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

كلمات هزيلة في خَطْبٍ جلل

الأقباط متحدون | 2011-10-21 00:00:00

 بقلم: إدوارد فيلبس جرجس

 
حتى لو كنت أكبر الأقلام ، لعجزت أن أكتب كلمات تتعدى القول بأنها هزيلة ، من يستطيع وأي قلم هذا الذي يتحمل الكتابة عن كل هذه الدماء ، هذه المصيبة ، هذا الشر المستطير الذي فرد جناحي الحزن والكآبة فترنحت كل قوى الإنسانية والآدمية وتهاوت تنزف الدماء فملأت بحر الخطيئة ولن يجف حتى يوم القيامة ، ليكون شاهداً على وحشية الإنسان على الإنسان ، وحشية الباطل الذي غرس أنيابه في جسد الحق ، ليسجلها التاريخ في مدونة  "جريمة ماسبيرو "                                                                         
إرتديت الحداد داخل قلبي ، لن أرتديه كثوب وأجلس لأنوح وألطم وأبكي وأنا أعلم أنني عاجزُُ عن رد قطرة واحدة من الدماء الشابة الذكية إلى أوردة الحياة التي مزقتها أنياب الغدر. حدادي هو القلم ، أن أكتب ، أن ألهب دموعه لتتساقط فربما تريح نفسي التي تعذبت بمرأى جثامين كانت بالأمس تزغرد للحياة ، وفي لحظات إنطفأ نور عينيها وأُغلقت للأبد ، وكلمات حُفرت في قلوبها بأظافر العتاب قبل أن تتوقف " ليه كدا يا وطن " . لن اُطيل في كلمات لن تعيد الزمن ، ولن تعود بالماضي ، ولا تستطيع أن تسترجع الشمس إلى الوراء ، سأعتصر قلمي لتستنطق حروفه حتى الجماد " كيف لا نُجبر على السباحة ثانية في نهر الدماء "!! . كنت قد كتبت مقالاً بعنوان " من يغلق أبواب جهنم " وتليته بآخر بعنوان " الجمعوية " وكلاهما كان شبه رؤية مبكرة لما حدث في ماسبيرو ، لكن الأذان الصماء ، والأعين العمياء ،
 
والألسنة الخرساء ، تواطأت  جميعها في إنشودة لامبالاة " لا أسمع ، لا أرى ، لا أتكلم " ، وعقب كل كارثة تطل علينا وجوه ممسوحة من كل انفعال تردد قول الجهلاء " هي جات كدا واللي عنده كلمه يلمها "  ، وكأن الأمر لا يعنيها ، أو حدث في بلد آخر أو كوكب آخر ، ثم تنسحب على أنها أدت واجبها وهي للأسف الشديد تعلم جيداً  " كيف جات كدا " ،  لا تستشعر أن الكلمات ممكن " تتلم مرة واثنتين " ، لكن عندما يُفرط اليأس تتحول إلى صرخات تعبر عن كأس الغضب الذي امتلأ وفاض . لقد اختطفت الذئاب ثورة  يناير25  كغنمة بلا راع ، وتوالت المشاهد " الجمعوية " المهووسة تحت مسميات عجيبة وهتافات متطرفة مثيرة للقلق ، وجلس على الكراسي من لا يستطيع حتى تولي مسئولية نفسه  ، إناس هلامية الكلمات والأفعال ، لا يمكن أن تأخذ لها كلمة أو فعل يمكن أن يوضع في خانة محددة لتقود البلد في هذه الفترة الإنتقالية الخطيرة ، التي يمكن أن نمثلها بقول بسيط بأنها الصبة الخرسانية التي سيشيد عليها بناء المستقبل ، فإن لم تكن هذه الصبة قوية وراسخة فباطل هو البناء كله ، وما بني على باطل فهو باطل ، ولا أريد أن أكرر ما يردده البعض بأنه من السهل تغييرالحاكم أو النظام بعد أن تنكمش فترة الحكم إلى فترة محددة ، فلا يزال أمامنا الوقت طويلاً ليصل معظم الشعب أو أغلبيته إلى هذا الفكر المثقف القادر على الإختيار السليم ، والوضع الحالي للبلد لا يتحمل التجارب وتولي مسئولين أو حاكم جاءوا كما يقول المثل العامي " يتعلموا الحلاقة في رؤوس اليتامى " ، لقد وصلت كل أساسيات البلد إلى قاع الإنهيار ،
 
ولا يصلح لها إلا إناس تجيد العوم لتنتشلها إلى السطح قبل أن تتحشرج أنفاسها ولا نرى سوى فقاعات تتصاعد إلى السطح تتلاشى سريعاً ورحمك الله يا بلد ، وروحكِ التي زُهقت باطلاً معلقة في كل عنق لايملك بصيرة القيادة ولا جرأة حساب من قتلوا الثورة والوطن والأبرياء على طول الطريق حتى وصلنا إلى مذبحة " ماسبيرو " ، ومن يدري كم ينتظرنا من دماء لو استمر الحال على ما هو عليه !!!  . حتى الآن وعام قارب على الإنتهاء بعد الثورة لم نر" صبة " بل قشرة إسمنتية تتكسر وتتفرول عند مجرد ضربة بقبضة اليد ، لأن من يقوم بصبها أقسم بأن يغمض عينيه ويصم أذنيه ويخرس لسانه ، يرى المصائب قادمة فيتعامى ، يسمع أجراس الإنذارات تطلق دقاتها الصاخبة فيصم أذنيه ، و تحدث المصيبة فيتخارس عن ذكر الحقيقة التي يعلمها جيداً . إن موضوع البناء الوطني أو ما نسميه بالوحدة الوطنية من أهم الموضوعات التي كان يجب أن توضع لها الأوليات لتكون الصبة الخرسانية أو القاعدة الخرسانية متينة وصلدة ، فلو انتهت هذه المرحلة  بالوصول إلى نتيجة رائعة أن مصر " شعب واحد فقط "  لهتفت بأعلى صوتى لقد وصلنا إلى بر الأمان ،
 
أن تكون الأيد في الأيد حقيقي لا كشعار فارغ ، لافرق بين يد تحمل الإنجيل ويد تحمل القرآن ، تعاهدا أن تكون مصر سقفاً للكنيسة والمسجد وغطاءً للجميع حتى لو كان ليس لهم أي مسمى ديني ، الذي يدخلها يدخلها آمناً والذي يخرج منها يخرج مصحوباً بالسلامة ، هل أنا أحلم ؟! ، لست أعلم ، هل هو رجاء وأمل في أن تكون " مذبحة ماسبيرو " هي الصرخة الهستيرية التي ستفيق الجميع إلى حقيقة الكابوس الذي نعيش فيه ؟! ، وآخر كلمة في سطر الغيبوبة ونضع نقطة ونبدأ سطراً جديداً من الرؤية الصحيحة  لنصحح الأخطاء القاتلة ، وأهمها وليس هناك ما يفوقها أهمية ترك الحبل على الغارب للتيارات الدينية المتشددة والمتطرفة والوهابية لتتغلغل في كل ذرة من عقول الضعفاء علماً وثقافة وديناً وتحولها إلى تجويف ممتلئ بالبارود لا يجيد سوى التفاهم إلا بالمفرقعات والمعاول والفئوس ، ولا يرى " الله أكبر " إلا من خلال القتل والضرب وهدم دور العبادة والبلطجة ، منذ حادثة نجع حمادي التي تمت في العهد الماضي مروراً بغيرها منتهية بحادث كنيسة قرية المريناب بمحافظة أسوان التي كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ،
 
إنذارات وامضة لا تخطئها عين من يريد الصلاح لهذه البلد ، أما من تجاهلها تجاهلاُ يبدو فيه الوضوح كقرص الشمس أنه مقصود وأن الفكر لم ولن يتغير ، فهو لا يعبأ بأبسط ما استبشرناه من الثورة ، لقد أصبح التجاهل المقصود عنواناً لكل الجرائم التي وقعت على المسيحيين ودور عبادتهم وتكررت سواء بصفة فردية أو جماعية  ، فالأمر لا يحتاج إلى ذكاء أو فطنة لكي نصل إلى أن السبب الرئيسي هو الوقوع تحت تأثير التيارات الدينية المتشددة وخاصة الوهابية السلفية ، وهنا نقف ونتساءل ، هل هذه مبادئ الثورة التي نتشدق بها ، أم لا تزال دماء النظام السابق تجري في العروق والتي والله لو قارن بينها وبين ما يحدث الآن لعرفنا أنها رحيمة كل الرحمة أمام هذه القسوة الشيطانية على أبناء الوطن ، وخرس وطرش وتعامي كل من جلس على كرسي المسئولية كبر أو صغر ، وسكوتهم عن كلمة الحق ، ونسوا أو تناسوا أن الدين يقول " الساكت عن الحق شيطان أخرس " ، فلو أحصينا كم مرة سُكت فيها عن الحق وكم شيطان أخرس ، لعلمنا ما معنى كلمة جهنم أو الجحيم التي ذكرت في الأديان وتنتظر الشياطين الخرساء!!!! .
 
إن من أكبر الأخطاء التي ارتكبت هي التراخي أمام أفكار وأفعال الوهابية السلفية منذ البداية حتى استفحل أمرهم وأصبح لهم صوت ونعرة وقانون يطبقونه بأيديهم ، وكأنهم يقولون إلى المزبلة يا قانون الدولة واصطحب معك هيبتها ووقارها والقائمون عليها أيضاً ، ولا اعتقد أنني مبالغاً في كلماتي ، لأن هذه هي الحقيقة التي يريدون تكبيلها بأحط أنواع القيود ، لقد فُتحت الأبواب للوهابية السلفية المستوردة على مصراعيها ، وصنع الإعلام من القتلة والإرهابيين أبطالاً ، من يقول أن متهماً في جريمة قتل الرئيس السادات يُصرح له بتكوين حزب !!! ، أمهزلة أم جنون ؟!! ، من يقول أن أحد المتهمين في محاولة اغتيال مبارك في أديس بابا عاد الآن إلى مصر وقد عب طوال هذه السنوات من مستنقعات الإرهاب في أفغانستان ليرشح نفسه في مجلس الشعب ، أمسخرة هذه أم دعارة ؟!! من يعقل ما يتردد على أفواه شيوخهم من فتاوى منذ قيام الثورة والتي تكشف عن عقول خربة ، كنت أود أن أكتب بعضها لولا ضيق المساحة ليعلم الجميع أن هذا الفكر الدخيل ما هو إلا عار وتشويه لصورة الإسلام والمسلمين ، فإذا كان هؤلاء هم الشيوخ ، فما بالك بالأتباع . همجية أم سفاهة أن تُترك هذه النوعية للذهاب إلى مقاعد البرلمان ومجلس الشورى وغداً التطلع إلى كرسي الرئاسة !! ،
 
جميع أحداث الفتنة الطائفية التي بلغت ذروتها بعد ثورة يناير ، ما هي إلا نتيجة طبيعية للشحن والتحفيز من هؤلاء الشيوخ ، ضد أبناء الوطن من المسيحيين والذي يحدث على الملأ عبر إعلام متدني شكلاً وموضوعاً ، إن مصر التي ينادى بها جميع المثقفون من أبناء الوطن تغاير تماماً مصر التي ينادي بها هؤلاء ، مصر المنفتحة على العالم تخالف مصر المنغلقة على النقاب والجلباب القصير ، فكيف وتحت أي بند يقال أن الديمقراطية تفتح الأبواب أمام الجميع للوصول إلى الحكم ، أي ديمقراطية كسيحة هذه !!! ، هل من حق الديمقراطية أن تفتح الأبواب إلى أتباع بن لادن الذين ترحموا عليه واعتبروه شهيداً ، هل الديمقراطية تفتح الأبواب أمام من فجروا أبراج أمريكا وقتل من قتل فيها ، إن أردتم مكنوهم من الحكم والسلطة بطريقة دائرة الجنة الخضراء ودائرة جهنم السوداء كما حدث في الإنتخابات السابقة ليفجروا حياة الوطن ويحولوه إلى وطن أموات .  للوصول إلى قتلة شهداء ماسبيرو يجب أولاً التخلي عن التصريحات الخائبة الكاذبة عن أيدي خفية وفلول النظام السابق ومحاولات تلفيق التهم لمداراة خزي هذه الجريمة عن العالم كله ، حل لغز هذه الجريمة لن يخرج عن العملية الحسابية الآتية :                                           
موقعة ماسبيرو =الوهابية السلفية وتحريضاتها + طرش وخرس وعمى السلطة المتعمد                                                                                    
نعم ..الوهابية السلفية هي مقبرة الوطن ، وقد يظن البعض أن هذا القول تجنياً وليس له أي أساس من الحقيقة ، لكن رأي رجل الدين الإيراني الذي نُشر على أكثر من موقع عن السلفيين يسير في نفس الخط معي فهو دعا المسلمين إلى التحلى باليقظة والحذر من  "ألاعيب " الوهابيين والسلفيين الرامية لبث الفرقة بين السنة والشيعة ، وأضاف : أن الوهابيين قد سلبوا الأمن في جميع أنحاء العالم وانهم يحاولون إيجاد حالة من إنعدام الأمن بين المسلمين أيضاً .                                                                      
أقول لكل شرفاء مصر الذين هزتهم فجيعة ماسبيرو , أوقدوا الشموع ، وابحثوا عن الحق ، فلقد ضاع الحق في وضح النهار، بين مجلس عسكري متهالك ومتواطئ ، ورئيس وزراء أيقظني صوت شخيره وأنا في أمريكا !!!!                     .                                                                 
 
 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com