أجمع الشيخ الدكتور سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الأوقاف،والقمص صليب متى ساويرس،كاهن كنيسة ماجرجس الجيوشي بشبرا، على أن هناك أزمة في الخطاب الديني في مصر بوجه عام، مشيرين إلى ضرورة العمل على ترشيد الخطاب الديني حتى يلبي احتياجات المرحلة الراهنة التي تمر بها مصر وكسر حالة الاحتقان السائدة بين طرفي الأمة المصرية.
جاء ذلك خلال لقاءهما مع الدكتور عمرو حمزاوي في برنامجه 'كلام مصري' على شاشة تليفزيون 'سي بي سي' مساء أمس الجمعة، حيث ناقشوا سبل ترشيد الخطاب الديني الصادر عن المؤسسة الرسمية (الأزهر والكنيسة) والدور الذي يجب أن تلعبه في هذا الأمر في الوقت الحالي.
وأوضح القمص ساويرس أن الخطاب الديني المسيحي له خصوصية معينة، مشيرا إلى أن الكنيسة مكان للتعبد وإقامة الصلاة فقط والتي لا تخرج عن إطار الإنجيل طوال العام، وتهدف في الأساس إلى ترسيخ فكرة التسامح.
وفي رده على سؤال لحمزاوي حول إن كانت هناك فجوة بين خطاب الكنيسة والمواطنات والمواطنين المصريين الذين يدينون بالمسيحية، أكد ساويرس على أنه 'لاتوجد فجوة بين خطاب الكنيسة ومن يتبعونها من المواطنين والمواطنات'.
من جانبه، لفت الشيخ سالم عبد الجليل النظر إلى ضرورة التمييز بين خطاب المسؤولين في المؤسسة الدينية الإسلامية (الأزهر الشريف والأوقاف) وبين الخطاب الديني الصادر عن غير التابعين لها من أئمة ومشايخ، مؤكدا على أن 'كل من يتبع المؤسسة الدينية الرسمية من أئمة ودعاة على وعي وفهم لدورهم المنوط بهم'.
كما أكد وكيل وزارة الأوقاف على أنه 'لاتوجد أزمة بين الخطاب الديني الرسمي والواقع المجتمعي'، لكنه أجزم بأنه 'إذا تحدثنا عن القائمين على الخطاب الديني (الدعاة والخطباء) فبعضه لا يتوافق مع الواقع العام ولا يلتفت إلى احتياجات الجمهور'.
وأرجع الشيخ سالم عبد الجليل عدم توافق بعض القائمين على الخطاب الديني من خطباء ودعاة مع الواقع المجتمعي إلى 'عدم التدريب وافتقاد الخبرة ونقص الإمكانيات وكذلك افتقاد التعليم الأزهري للجودة المطلوبة'.
وأشار القمص متى ساويرس إلى 'نحن نعاني من أزمة؛ فهناك تيارات دينية لا تقبل الآخر.. وهذا من تداعيات النظام السابق الذي عمل وفق مبدأ: فرق تسد، حتى بات القبطي المسيحي يشعر بأنه لا يأخذ حقه في مصر'.
وتحدث ساويرس عن الحوادث الطائفية التي قال إن '192 أزمة طائفية تمت كلها في أيام جمع، وهناك ملفات شتى نحتاج لفتحها والبحث عن حلول دون مسكنات'.
وأكد رفض الكنيسة لقانون بناء دور العبادة الموحد بشكله الحالي وشروطه العشرة، مقترحا إضافة مادة لقانون الإسكان الحالي بحيث تسري أحكامه على بناء الكنائس'، مشيرا إلى أن هذا 'تصور شخصي منه'.
ورفض الشيخ سالم عبد الجليل ربط الأحداث الطائفية بأيام الجمع، وقال 'لايمكن أن يخرج من مسجد خطيب في يوم جمعة ويحرض على هدم الكنائس وغير ذلك'.
ولفت الشيخ والقمص إلى أن هناك آليات في الأزهر والكنيسة لمراقبة أداء الأئمة والخطباء والقسيسين والرهبان، وأشار الشيخ سالم إلى أن الأئمة يعاملون كأي موظف في الدولة وهناك ما يسمى بـ 'تقرير سري' سنوي لكل إمام؛ وأضح القمص أن كل من يخالف تعاليم الكنسية من رجال الدين المسيحي يحال إلى التحقيق وقال 'منبر الكنيسة يكون للأمور الدينية فقط ولايستخدم بأي حال من الأحوال للأمور السياسية'.
ولمواجهة المتحدثين باسم الدين بغير ذي صفة أو علم اقترح القمص ساويرس 'تسجيل الزي الديني للدعاة من الجانبين حتى لايتحدث أي شخص باسم الدين على أن يكون لكل منهم بطاقة هوية صادرة من الدولة'. وقال إن 'هناك خطابات تتحدث باسم الدين المسيحي وهي لا تنتمي للكنيسة'.
وبشأن الفضائيات الدينية التي انتشرت ولا تعمل على نشر نقافة التسامح وقبول الآخر أكد الاثنان على رفضهما لأي دعوة لا تتسم بالتسامح، مشيرين إلى الحاجة إلى قانون يحكم مثل هذه الفضائيات'. وقال الشيخ سالم إن 'شيخ الأزهر يمكنه وقف أية برامج دينية تخالف التعليم الدينينة المسيحية على التليفزيون الرسمي'.
وخرج الدكتور عمرو حمزاوي بعدة توصيات أهمها البعد عن 'الجدل السجالي بين الأزهر والكنيسة الذي يفرق أكثر مما يقرب'، 'أن تعمل المؤسسة الدينية الرسمية على ضبط من يتحدث باسمها وأن يكون الحوار أساس مواجهة الانفلات الديني، وأيضا العمل على الانفتاح على قضايا أخرى تهم المجتمع مثل تأسيس دولة المواطنة والحقوق المتساوية'.
وأضاف حمزاوي أن 'التفاعل الصحي بين المؤسسة الرسمية (الأزهر والكنيسة) ومن يصنع الخطاب الديني من غير التابعين للمؤسسة الدينية'. ودعا أيضا إلى استقلال المؤسسة الدينية عن الدولة 'لأنها تفقد الكثير من مصداقيتها إذا كانت غير مستقلة'.
كما دعا الدكتور عمر أهل الفكر والثقافة إلى 'احتواء الحديث المنفلت من قبل البعض، وفي نفس الوقت الانفتاح على من هو قادر على إنتاج خطاب ديني معتدل'.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com