بقلم / د. ممدوح حليم
يرى بعض علماء النفس السياسي أن الشعوب العربية تتمتع بطاقة كراهية زائدة، ومن ثم إذا لم تجد عدوا ً خارجيا ً تخرج نحوه هذه الطاقة، فإن العداوة والبغضة تتجه نحو الداخل، وهذا يفسر شيئا ً مما يحدث في الساحة المصرية في هذه الأيام.
في بداية القرن العشرين، أخرج الشعب المصري عداوته نحو الاستعمار الإنجليزي، ولما خرج في منتصف القرن، حلت مكانه للعداوة لإسرائيل، ولما هدأت الأمور معها نسيبا، اتجهت الكراهية نحو الداخل، فكانت الكراهية لنظام مبارك ورموز نظامه من أجهزة أمنية وحزبه الوطني، ولما سقط كل هؤلاء إلى أين تتجه طاقة العداوة والكراهية؟
لقد اتجهت إلى الداخل، ومن ثم كان التطاحن الداخلي، انظر إلى التطاحن بين القضاة والمحامين، والصراعات الطائفية بين المسلمين والمسيحيين، و غيرها مما يعكس تفشي الكراهية والاستعلاء على الآخر ورفضه. في الدائرة المسيحية، يرفض بعض الأرثوذكس البروتستانت ويتعالون عليهم، والعكس صحيح. وفي الدائرة الإسلامية، يمقت السلفيون الصوفيين والشيعة، و غيرها من الأمثلة التي تعكس قابلية الوطن للتفتت والحروب الداخلية.
إننا بحاجة شديدة لثقافة قبول الآخر وعدم التعالي على الآخرين، فالتعددية العرقية والدينية والطائفية والمهنية ثراء للمجتمع، وإلا سيغرق الوطن بكل من فيه.
لقد أخرج العرب عداوتهم تجاه الحضارة الغربية، فكانت تفجيرات 11 سبتمبر ولندن ومدريد، والتي كانت نسبة لا بأس بها من فاعليها من المصريين أو ممن تعلموا في مصر، ويحتمل أن يكون الغرب قد نجح في تحويل طاقة العنف والشر إلى الداخل، فيكون ما يحدث يحظى بقبول غربي ضمن خطة لمكافحة الإرهاب العالمي، وغني عن البيان أن رجال السياسة في الغرب يستعينون بعلماء نفس خلافا للسياسة العربية التي تدار بأسلوب "المصطبة".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com