كتب وصور: عماد توماس
قال الدكتور "منير مجاهد"- منسق مجموعة "مصريون ضد التمييز الديني"-: إن ما حدث في "ماسبيرو" سيظل إكليل عار في رقبة الجيش المصري، ولن يزيل هذا العار إلا بتقديم المسؤلين عن هذه المذبحة للعدالة، ويُطهَّر الجيش المصري من بقايل نظام "مبارك" وينضم إلى القوى الثورية، مؤكّدًا أن ما حدث كان له تأثير خطير على التماسك الوطني، وأوجد ملاسنات واحتقانًا حقيقيًا بين المسلمين والمسيحيين لم يكن موجودًا بهذه الصورة، ويحتاج لجهد كبير من كل القوى المدنية في "مصر" التي تؤمن بالعدالة والمساواة وعدم التمييز بين المصريين.
تحليل لأسباب التوترات الطائفية المؤدية للمذبحة
وأوضحت "كريمة كمال"- الصحفية والكاتبة بـ"المصري اليوم"- أنه لأول مرة في مذبحة "الكشح" يتعرَّض الأقباط للقتل من جيرانهم وليس من الإرهابيين، والأكثر صدمة عدم عقاب أحد من الجناة، وهو ما جعل العلاقات بين المسلمين والمسيحيين تتوتر، وبعد مذبحة "ماسبيرو" لا يمكن أن نقول أن هناك تمييزًا دينيًا في "مصر" لكنه اضطهاد؛ ففي "ماسببرو" حدثت مذبحة على أيدي السلطة، وتحريض سافر من التليفزيون المصري للمواطنين الشرفاء أن ينزلوا للدفاع عن الجيش من الأقباط!!.
وأضافت "كمال"- خلال ندوة "مستقبل مصر بعد مذبحة ماسبيرو وسبل رأب الصدع الوطني"، والتي انعقدت مساء أمس الاثنين بمقر مجموعة "مصريون ضد التمييز الديني"-: إن صعوبة الواقعة ليست فقط في مشهد المدرعة وهي تدهس الأقباط وعمل "مطب بشري" على أجساد الأقباط، لكن الأسوأ هو الأداء الإعلامي ونزول المواطنين الشرفاء تصديقًا لدعوة التليفزيون، معتبرةً أن ما حدث في "ماسببرو" هو تجسيد لسلطة غاشمة تدفع الأقباط للضرب وشارع متعصب أصبح معادي للأقباط، فهذه المذبحة هي نقطة التصعيد الكبرى منذ فبراير الماضي حتى الآن في تاريخ الحوادث الطائفية، ولو كان المجلس العسكري تصدى لأول حادث طائفي بداية من هدم كنيسة "صول" وقطع أذن مواطن قبطي، ما كانت حدثت مثل هذه الحوادث الطائفية بعد ذلك.
وأشارت "كمال" إلى أننا يجب أن ندرك أننا لم نعد شعبًا واحدًا بل شعبين، وأن المجلس العسكري لو كان يقدِّر تبعات ما حدث بعد "ماسبيرو" ربما فكَّر كثيرًا في ذلك، موضحةً ان الأداء الإعلامي هو الذي كشف مؤامرة "ماسبيرو" التي كان مخطط لها.
انعكاسات مذبحة "ماسبيرو" على التماسك الوطني
من جانبه، أكَّد د. "عماد جاد"- عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي- أن أي شهادة يسمعها مناقضة لما حدث في "ماسبيرو" لن تخيل عليه؛ لأنه كان شاهد عيان على ما حدث في "ماسبيرو"، وشاهد بنفسه دهس المدرعات وهجوم البلطجية.
وتحدَّث "جاد" عن المكوِّن الإدراكي بدايةً من حكم "السادات" في ضخ مواد تحث على التعصب والتطرف في كل أدوات التنشئة الاجتماعية؛ فمن كانوا يركبون المدرعات كان لديهم حالة من التعمد والغل في دهس الأقباط، وكان الموقف مدبَّرًا بدقة شديدة في الاعتداء على الأقباط، وهذا المكوِّن الإدراكي يدفع إلى المكوِّن الانفعالي، الذي ظهر في عدم استطاعة مواطنين في قرية "الماريناب " بـ"أسوان" رؤية "الصليب" على كنيسة، بدعوى أنه يستفز مشاعرهم، رغم أن "الصليب" موجود قبل وجودهم. أما المكوِّن السلوكي، فيظهر من خلال التجنب في العلاقات بين المسيحيين والمسلمين، والعنف اللفظي ثم البدني ثم القتل حتى يصل إلى المذبحة.
وقال "جاد": إننا الآن نجني ثمار الطائفية والتعصب منذ بداية السبعينات، مشيرًا إلى أنه لا يريد أي مبرِّر سياسي لما يحدث، فهناك عددًا من أعضاء المجلس العسكري متشددين دينيًا، كما أن قائد الشرطة العسكرية قام بشحن طائفي للجنود وكأنهم قادمين إلى معركة ستدخلهم الجنة، وما أكمل المذبحة هو محاولات الاعتداء على المستشفى القبطي. وأضاف: إن المجلس العسكري يتعامل مع الثورة كأنها حدث تاريخي أو حركة تغيير أطاحت بـ"جمال مبارك" وليست "ثورة"، كاشفًا عن لقاء تم مع عدد من أعضاء المجلس العسكري، أعربوا فيها عن معارضتهم لتولي "جمال مبارك" حكم "مصر"، وكانوا في صدام معه.
وأوضح "جاد" أن مذبحة "ماسبيرو" كانت مرتبة، ولم يكن المجلس يتوقع تبعات ما حدث، وكان يتوقَّع أن تحدث مذابح في كل محافظات "مصر"، ولكن مازالت هناك بقية في الشعب المصري تعي لما يحدث، كما أن الشعب المصري ليس دمويًا بطبعه، والبعض أصبح لا يؤثر فيه الكذب الفاضح، لافتًا إلى أن هناك محاولات لإعادة المسيحيين إلى حضن الكنيسة بعد خروج الأقباط من الكنيسة إلى الشارع، كما أن اختيار "أسامة هيكل" وزيرًا للإعلام جاء لأنه كان محررًا عسكريًا، والمعروف أنه كان يأخذ دورات تدريبية مع ضباط الجيش.
واختتم "جاد" حديثه بالقول: "من نعم ربنا أنه لا يوجد لدينا انقسام ديني مع تقسيم جغرافي، فلأول مرة هناك تحركات دولية لإدانة ومحاسبة مصر على مذبحة ماسبيرو، وهو ما جعل المجلس العسكرى يفرج عن "شاليط" الإسرائيلي مقابل 25 من تجار المخدرات ومهربي البشر عبر الحدود".
سُبل رأب الصدع الوطني والانطلاق إلى المستقبل
وقبل نهاية الندوة، تحدَّث "عبد الغفار شكر"- عضو هيئة مكتب حزب التحالف الشعبي الاشتراكي-عن سُبل رأب الصدع الوطني بعد ما حدث، ليس فقط في "ماسبيرو"، ولكن بسبب عدم حصول الأقباط على حقوقهم. مشيرًا إلى أن مشكلة الأقباط في "مصر" بدأت تظهر مع بناء الدولة الحديثة في "مصر" بما تفرضه من مساواة بين المواطنين وعدم حصول الأقباط على حقوقهم، وأن المشكلة أخذت طابعًا أكثر حدة بعد وفود الفكر الوهابي في تكفير الآخر خلال الثلاثين عامًا الأخيرة.
ووضع "شكر"، بعض من بنود الاستتراتيجية المقترحة لحل سُبل رأب الصدع الوطني، جاءت كالتالي:
- الإسراع بالإصلاح السياسي والاقتصادي في "مصر"، وبذل الجهد من أجل استمرار التحول الديمقراطي، والاهتمام بالدستور الجديد بدفع عناصر تؤمن بالمساواة في لجنة واضعي الدستور.
- الإصرار على التمتع بأكثر قدر من الحقوق؛ من حرية الاعتقاد، والعمل الجماعي، ودعوة الأخرين لما أؤمن به.
- تعميق التعددية في المجتمع المصري، وجعلها سمة أساسية للمجتمع المصري وليست منحة من الحاكم.
- وجود إعلام حر ومتنوع، وإلغاء وزارة الإعلام، وإنشاء هيئة يكون مثل فيها كل التيارات الفكرية.
- أن تتولى الدولة مسئوليتها في حل المشاكل المتفجرة، مثل: أصدار قانون لبناء دور العبادة الموحد، وفتح الكنائس المغلقة.
- محاكمة كل من ارتكب جريمة في التعدي على الأقباط وكنائسهم، وإعمال القانون.
- مراعاة عدم التمييز بين الأقباط في الوظائف العليا في الدولة.
- تنقية وسائل الإعلام من عناصر الفتنة الطائفية والتحريض عليها، وإتاحة كل الفرص للتيارات المختلفة.
- إعادة النظر في مناهج التعليم والمعلمين، بالمطالبة بتدريس الحقبة القبطية في المناهج التعليمية.
- الاهتمام أكثر بالفن، وتقديم أشكال فنية تدفع للمواطنة وعدم التمييز.
- مسئولية الأقباط في المشاركة في الانتخابات والأحزاب السياسية، والتخلي عن السلبية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com