ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

صِـرَاع "اللا نِـهَـايَـات"

مايكل فارس | 2011-11-01 15:52:34

بقلم: مايكل فارس

• أيها الأقوياء نحن الضعفاء ونـــفـتـخر... لن ندفن مشاعرنا في القبور ولن نلقي بها في أودية الاحتقار.
• سياط النفس هي التي تُعذب وتُرهب وتنشئ صراعًا أبديًا بين شريعة البشر وناموس القلب فما يبغاه القلب يلفظه البشر بشريعتهم.
• هل نفتح أبواب القبور التي أوصدناها وألقينا بمفاتيحها في أودية الاحتقار.. لاستعادة المشاعر التي دُفنت؟
• رمموا المتهالك من عقولكم ومشاعركم وأنظاركم قبل أن يحيين موعد رحيلكم عن نفوسنا وعقولنا وأشيائنا.

 

رَفضَ منذ عِدة أشهر مصطلح "الأفكار السلبية" الذي أطلقة علماء النفس، واستبدله بآخر جديد أطلق علية "سِــيَــاط الـنـفـس" لتصبح تلك "السياط" المرادف لـ"الأفكار السلبية" في عقله.
يعتقد أن سياط النفس هي التي تُعذب وتُرهب وتنشئ صراعًا أبديًا بين شريعة الناس وناموس القلب ،فما يبغاه القلب يلفظه البشر بشريعتهم.
السياط التي تُلهب ظهر النفس بأشد الضربات لتقع علي كاهلها كالجبال.. وتتحملها وتتجرع الآهات بالعويل في داخلها.. وتتنفس الصعداء منها.. تتعذب النفس بتلك السياط ويرتسم على وجهها.. أشباح الحزن.. وتتوشح باليأس رداءً جديدًا في ظل العذاب... ولا يوجد علي وجه الخليقة من يشعر بالعذاب إلا هي،؛ تتعذب وتحزن وتتشح باليأس وهي الوحيدة السائرة في طرقات الجحيم بلا رفيق... إنها "النفس التي تطأ الشوك.. هي النفس التي تتجرع العلقم كل يومٍ وكأن العلقم صار الصديق والرفيق في طرقات الجحيم.

وتدور رحى الحرب والصراع بين فارس المشاعر (كقيمة) في (النفس) وفارس العقل (الجلاد الممسك بالسياط).. لنصف بعدها لحظات التعبير عن المشاعر بلحظات ضعف وكبتها وتحجيمها بـ" القوة ".. وكأن مشاعرنا أصبحت عارًا علينا لا يجب أن يعلمها أحد... حتى لا نُـتَهَـم بالضعف في كَــون الأقوياء.
حرب ضروس بين خليطين امتزجا في إناءِ واحد وأصبحا "آخر جديد" يتصارعان ولا يفترقان.. ولا يلتقيان أمد الدهر، فوجود أحدهما مرهون بإقصاء المزيج الضد (الآخر الجديد) الممتزج معه بنفس الإناء.. هل العقل هو لحظات القوة وهل المشاعر هي لحظات ضعف.. ولما لا يجتمعان ويتصالحان وعلى عهدٍ جديد يتقاسمان.. أم هي حكمة الأقدار.. أم مشيئة خالق الأعمار.
يعتقد: إن كان هناك صراع فهي طبيعة الأشياء.. قد لا يكون انتصار أو هزيمة لأحدهما على الآخر.. ولكن تبقى الحياة بلحظاتها وصراعاتها ونستمر في دروبها، حاملين على عاتقنا أشد الصراعات وطأةً (فرسان المشاعر وفرسان العقل).. لأن قدرتنا على الإدراك بالعقل والتصور بالمشاعر بلا نهاية كما أن الرحلة بلا نهاية.. حتى الممات.. ليُخلق صراعًا جديدًا...صراع "اللانِــهَـايـات"..... هو لا يدري هل سينعم الجسد البائد براحته حتى ولو لحظات بسلام.. في ظل صراع اللا نِـهَايات.. كيف يُحرر المشاعر لتنطلق في بحور السعادة وتحلق في سماء العشق (القيمي) دون اتهامها بالضعف والانكسار..
يتسائل هل ندفن المشاعر في قبورٍ ونُحكِم وَصدْ أبوَابها حتى نتآ كد إنها لن تُـبعَـث من جديد.. كي نصير أقوياء بالعقل فقط (مثلهم ).. ولكن من ذا الذي يستطيع أن يمنع البعث من القبور غير الله.
هل إرادتنا تمكننا من دحر مشاعرنا ووأدها في قبور عميقة تدب جذورها في أغوار الكون العتيق.. أم نلقيها في بحور النسيان حتى لا تعود.
لا لن يستطيع العقل دحر المشاعر فكل ما يفعله هو تغير مكانها في دوائر عقله الذهنية، أو بمعنى أدق استبدالها بأخرى لتحل الأخرى بمكانها وتتراجع الأولى إلى الخلف.
وتبقي مشاعر الماضي (كقيمة) في ترتيب جديد في عقله الرافض لها من الحين والآخر
ليطلق الإنسان على نفسه مصطلح الــ"قوي".. لتصبح مشاعرنا "عـــارًا" علينا يجب إخفاءه!!!
كيف نُخفي هذا العار..؟ وكيف نفك الحصار..؟ وكيف نلغي شريعة البشر الثِـقَـال.. على الأنفس التي مِنْ مُـقْـتَـها للشر صارت بُخار.. أمام جيوشه العِضًال..؟ كيف وكيف كيف؟
هل ستأتي لحظه الانتصار وتتحد اللحظتان بلا انفصال؟
وهل نفتح أبواب القبور التي أوصدناها وألقينا بمفاتيحها في أودية الاحتقار.. (لاستعادة المشاعر التي دُفنت)..
لا.... لن نفتح أبواب القبور لأننا لن ندفن "المشاعر".
أيُها الأقوياء نحن الضعفاء ونـــفـتـخر... لن نُدفن مشَاعرنا في القبور ولن نُلقي بها في أودية الاحتِقار... فهي نعمتنا التي مَنَ الله بها علينا وإن كان ظهورها هو الضعف عندكم فنحن (مَعـقَـل الضعفاء)... اذهبوا إلى قبوركم وأوديتكم تفقدوا ما تبقى من عبق المشاعر التي تشربتموها وأنتم صغار، قد تجدوا شيئًا لم يمت فأعيدوه للحياة بلا انتظار.. رمموا المتهالك من عقولكم ومشاعركم وأنظاركم قبل أن يحين موعد الرحيل.. رحيلكم عن نفوسنا وعقولنا وأشيائنا.. قبل أن نخرجكم بأشد قرار..
قَـبـَرتُـم مشاعركم لتظهروا لنا وحوش فتاكة وأمسخ قميئة تفتك بمن تريد... فإن كانت المشاعر نقاط ضعفكم وفي اعتقادكم عارًا.. فهي عارنا الذي نفخر به هي المصدر لقوتنا وهي الملهم لدروبنا وهي المتاع لسفرنا والطعام لأجوافنا والهواء لرئتنا.
هي رحيق أزهارنا... ونسيم قلوبنا... وبلسم عقولنا.. ولن نتخلى عنها وإلا سَنَمُوت.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com