بقلم :إيهاب شاكر
ما أكثر ما قيل في هذه الأيام وقبلها عن امتلاك الكنيسة لأسلحة مخبأة فيها، وقد قيلت هذه الإشاعات من قِبل أسماء معروفة من الشيوخ والدعاة، الذين يريدون النيل من المسيحيين، بل في الحقيقة النيل من هذا البلد بكل من فيه، لأنهم بذلك يحرضون على حرب أهلية، يستخدمون فيها البسطاء والجهلاء المنساقين وراءهم كالغنم التي بلا راعٍ، ولا مانع من اندساس البلطجية والمسجلين خطر، الذين يجدون من بيئة الفوضى وسفك الدماء مرتعا لهم، هو الأمثل لعينتهم من البشر أشباه خفافيش الظلام، الذين يكرهون النور، الذي يفضح أعمالهم أنها شريرة، ومنهم من ينفس عن الكره الذي يملأ صدره تجاه الآخر بالهدم والحرق والقتل، الذي لا يمكن بأي حال أن يكون مصدره شريعة إلهية.
أما عن العنوان الذي يتصدر هذا المقال، فهو حقيقي، ولا مبالغة فيه، وأرجو ألا يأخذ بعض المتطرفون مقطعا من هذا المقال، ويقولوا" أهو مسيحي بيقول الكنيسة فيها أسلحة" كعادتهم، ويتركوا كل وجل المقال.
نعم، الكنيسة تمتلك الأسلحة، ولاحظ أني لم أقل" فيها أسلحة" بل " تمتلك أسلحة" والفرق شاسع كما سنرى، لكن ما معنى الكنيسة، وما هي نوعية الأسلحة التي تمتلكها:
معنى الكنيسة:
هذه الكلمة معربة من "كنوشتا" الآرامية (السريانية) التي تعني المجمع أو الجماعة. وهذه مأخوذة عن الكلمة العبرانية "كنس". أما الكلمة المستخدمة في الإنجيل فهي الكلمة اليونانية "إكليزيا", وتعني مجمع المدعوين من أهل المدينة المسئولين عن حياة سكان المدينة.
إذا، تعني الكنيسة جماعة المؤمنين المسيحيين, كما هو واضح في إنجيل متى والأصحاح الثامن عشر والعددين 51 و71 : "إن أخطأ إليك أخوك.....فقل للكنيسة". أي أخبر جماعة المؤمنين المسيحيين. كما أن الكلمة "كنيسة" لم تستعمل بوضوح في العهد الجديد للدلالة على المبنى الذي يجتمع فيه المسيحيون لممارسة العبادة. أي أن الكنيسة ليست هي المبنى، بل هي الجماعة التي تجتمع في المبنى، وعليه، فالكنيسة مكونة من كل عضو مؤمن بالمسيح ربا ومخلصا لحياته، أما المبنى فهو المكان المحلى الذي ارتضته جماعة المؤمنين في هذا الحي أو ذاك لتجتمع فيه الكنيسة للعبادة." إذا، الكنيسة ليس هي الحيطان، بل الناس".
نوعية الأسلحة:
أما عن نوعية الأسلحة التي تمتلكها الكنيسة كما عرفناها سابقا، فهي ليست أسلحة مادية، من رشاشات أو مسدسات أو مدرعات تدهس البشر المسالمين أو حتى الغير مسالمين، ولسبب بسيط، أنها ليست موجهة أصلا للبشر، فحرب الكنيسة " جماعة المؤمنين المسيحيين" ليست ضد أي إنسان مهما كان، حتى لو كان يمثل هو عدوانا على الكنيسة. " فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ عَلَى ظُلْمَةِ هذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّات".(رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس ( 6 : 12 ).
ولأن الحرب ليست مع البشر، فليست الأسلحة هي الأسلحة المعتادة في محاربة البشر بعضهم ضد بعض، بل الأسلحة روحية وليست مادية، لأنها موجهة ضد أجناد الشر الروحية، لأننا كمسيحيين نؤمن أن وراء الإنسان الشرير، ليس فقط دوافعه الشريرة الكامنة فيه، بل هناك من يحركه ويدفعه نحو عمل الشر، وهو إبليس، لأنه أبو كل شرير" أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ."(إنجيل يوحنا 8 :44 ).
أما عن أسماء الأسلحة فها هي:
تقول كلمة الله الكتاب المقدس المنزه عن التبديل والتحريف والنسخ" الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.(أفسس 6 : 11 )
البسوا سلاح الله الكامل،إذا، هو مجموعة من المعدات أو الأسلحة، تمثل سلاحا كاملاً جاء ذكرها في الآيات الشريفات الآتية:
فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ،
وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ.
حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ.
مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ(أفسس 6 : 14 – 18 ).
1- مِنطقة الحق: هي تمثل نوع من الجلد القوي وهي تحيط بالمحارب حول حقويه لتحميه من ضربات العدو، وهي إشارة على أن المحارب المسيحي المؤمن محاط بالحق من كل جانب، فهو من المفترض ألا يكذب البتة، لأنه ابن لله، لذلك هو مسلح بالحق، وليس بالضلال والكذب، وتحليله أحيانا.
2- درع البر: عبارة عن جزء صلب يحيط بالمحارب حول الصدر والظهر لحمايته من ضربات العدو وسهامه، فالإنسان المؤمن هو شخص بار لأنه يلبس درع البر، الذي يحميه من أي هجوم من الأعداء، وهي رمز لحماية القلب أيضا، لأنه المنطقة الأهم، والإنسان البار نقي القلب، لأن المسيح يسكن فيه (طوبى لأنقياء القلب لأنهم أبناء الله يدعون) فالمؤمن المسيحي بار، ليس لأنه يفعل البر، وإن كان هو يفعله فعلا بناء على وصايا الله، لكنه بار لأنه يلبس المسيح البار، قال الرسول بولس: " مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ" (غلاطية 2 : 20 ) .
3- حاذين أرجلكم باستعداد إنجيل السلام: المؤمن والجندي المسيحي لا يحيد عن الدستور السماوي، الذي هو الكتاب المقدس"كلمة الله" ( سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي ) فهو يسلك أيضا في طريق السلام، وقد قال المسيح له كل المجد، أنا هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي(يوحنا 14 : 6 ). فالمسيح هو رئيس السلام، وليس هناك سلام بعيدا عنه، والدليل، أنظروا حولكم!! فالمسيحي يمثل مسيحه في صنع السلام بين الناس، كما علمنا قائدنا العظيم في الميدان (طوبى لصانعي السلام لأنهم أبناء الله يدعون). إذا، قطعة السلاح الثالثة، هي إنجيل السلام.
4- ترس الإيمان: الترس هو جزء صلب يُحمل على الذراع لصد السهام والضربات من العدو، والإيمان بالنسبة للمسيحي في المعركة الروحية، مع أجناد الشر الروحية يعتبر من أهم و أقوى الأسلحة ( الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام إبليس الملتهبة) فلابد لكل جندي مسيحي مؤمن في المعركة أن يؤمن بالقضية التي يحارب من أجلها، فبدون إيمان لا يمكن إرضاء الله، ونحن نؤمن أن محاربتنا ليست مع دم ولحم ........ أيضا الإيمان يجعل الموت بالنسبة للمؤمن، هو ربح، لكن المؤمن لا يسعى للموت أو يفجر نفسه ويقتل الآخرين، لكن إن فُرض عليه الموت، فيرحب به من أجل إيمانه، لذلك، لا يخيفنا اضطهاد أو ضيق، فقد سبق وأخبرنا الكتاب المقدس (لأنه قد وهب لكم لأجل المسيح، لا أن تؤمنوا به فقط، بل أيضا أن تتألموا لأجله) فيا له من سلاح فتاك.
5- خوذة الخلاص: الخوذة هي الجزء الذي يوضع على الرأس لتحميها من ضربات العدو، وهي تمثل حصول المؤمن المسيحي على الخلاص بصليب المسيح وموته الكفاري، محررا من خطيته بدم المسيح المسفوك عنه، أيضا كما أن الخوذة تحمى الرأس، فالخلاص يحمي المسيحي من تشويشات إبليس، وخداعه وضلاله الذي هو ضد كلمة الله، ومن أفكاره الردية والمضللة، فما أهم هذا السلاح!
6- سيف الروح: ليس هو إلا كلمة الله، والسيف هو الأداة التي يدافع بها المحارب عن نفسه في المعركة بل ويضرب بها العدو، فهي أداة هجوم ودفاع في نفس الوقت." لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ."(عبرانيين 4 : 12 ). وهنا أيضا دليل على أن كلمة الله هي أقوى أداة لصد العدو وهزيمته، كما فعل السيد المسيح على جبل التجربة وهزم إبليس بكلمة الله أيضا، كلمة الله تستطيع أن تفصل بين النور والظلام وبها ننتصر على ضعفاتنا، وتعطينا الحياة كما قال السيد المسيح، الكلام الذي أكلمكم به هو روح وحياة، فما أنفع هذا السلاح .
7- الصلاة: تقول كلمة الله، مصلين كل حين، والصلاة تمثل سلاح الإشارة أو الاتصالات في المعركة، فهي الأداة التي يتصل بها الجندي بقائده، وبدون هذه الصلة يتوه الجندي في الميدان وربما يهلك، وهكذا نحن المسيحيين نملك أقوى سلاح، فكلما وضعنا العدو في ضيق ننحني ونطلب المشورة والإرشاد من قائدنا الأعلى، وليس مجلسنا الأعلى، وقد قال أحد خدام الرب عن اختبار: "الركب الساجدة أقوى من الجيوش الزاحفة".
إذا، الكنيسة، بمعنى كل مسيحي مؤمن يمتلك هذه الأسلحة، التي توصف بأنها سلاح الله الكامل، ولعل عدد قطع هذا السلاح هو 7 ، إشارة للكمال، فالكنيسة إذا، تمتلك سلاح الله الكامل، الموجه ضد إبليس وجنوده الروحيين، فحربنا ليست مع دم ولحم، لأنهم مجرد عبيد لإبليس وأعوانه، فنحن نهاجم إبليس مباشرة، وليس مجرد عبيده.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com