غياب الأمن مشكلة أكبر من التباطؤ الاقتصادي في مصر
النخبة المصرية منشغلة بإنجاز الشق السياسي دون الاقتصادي من مطالب الثورة
حل الأزمة الاقتصادية في عودة الاستقرار والأمن إلى المجتمع المصري
كتبت: ميرفت عياد
رصدت صحيفة "فاينانشيال تايمز" تأثير حالة انعدام الأمن على قطاع الأعمال في مصر، حيث أن العصابات المسلحة استقوت في ظل حالة الفراغ الأمني منذ بداية الثورة، لهذا تقوم بشن هجمات على الممتلكات العامة والخاصة، كما أن ارتفاع معدلات الجريمة زاد من التحديات التي تواجه مصر في ظل محاولاتها إحياء الاستثمارات المطلوبة بشدة خلال المرحلة الانتقالية فقد أفزعت حالة الاضطراب التي تلت الثورة المستثمرين والسائحين، وتسببت في تراجع النمو الاقتصادي إلى 1.8% في العام المالي المنصرم، بعد أن كان 5.1% في العام السابق، وهذا أدى إلى ارتفاع معدل البطالة من 9 إلى 12%، كما زادت الضغوط على السكان الفقراء الذين يعانون من ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
تداعيات الربيع العربي
وفى هذا الإطار كشف تقرير مؤسسة جيوبولوسيتي للاستشارات الاقتصادية عن خسارة مصر لنحو ١٠ مليار دولار، منذ بدء الاحتجاجات التي اندلعت يوم ٢٥ يناير، مشيرًا إلى أن الانتفاضات الشعبية في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، المعروفة بالربيع العربي، كلفت المنطقة أكثر من ٥٥ مليار دولار، إلا أن الأكثر تضررًا كانت مصر وسوريا وليبيا، محذرًا من أنه من دون برنامج دعم إقليمي يمكن أن تكون تداعيات الربيع العربي أكثر ضررًا.
عجز الميزان التجارى
وعلى صعيد آخر أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء زيادة قيمة الصادرات الوطنية إلى نحو ١٥.٩ مليار جنيه في شهر يوليو الماضي، وتراجع قيمة السلع المستوردة بنحو ١٨٦%، وبلغت قيمتها ٢٩.٥ مليار جنيه، مما أدى إلى تراجع العجز في الميزان التجاري للبلاد، كما رصد تقرير صدر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء آثار ثورة 25 يناير على مؤشرات الأداء الاقتصادي المصري، وعن تكبد قطاع السياحة خسائر ملايين الدولارات نتيجة إلغاء الحجوزات السياحية.
تحت خط الفقر
وتعليقًا على هذه التقارير يشير الخبير الاقتصادي دكتور "مختار الشريف" أستاذ الأقتصاد ومستشار إتحاد جمعيات التنمية الأقتصادية – لـ"الأقباط متحدون - إلى أن النخبة المصرية انشغلت ومازالت منشغلة بانجاز الشق السياسى من مطالب الثورة فى الوقت الذى تتركز فيه اهتمامات القطاع الأكبر من المصريين على الشق الاقتصادي والمرتبط بالمتطلبات المعيشية اليومية للمصريين، الذين عاش الملايين منهم تحت خط الفقر طيلة السنوات الماضية حيث استطاعت فترة حكم مبارك أن تجعل أكثر من 40 % من الشعب المصري، يعيشون تحت خط الفقر.
طموحات الشعب المصري
مؤكدًا على أن الحكومة أصبحت في موقف لا تحسد عليه، مع ارتفاع سقف الطموحات لدى الشعب المصري عقب نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير، وهو مايستلزم تحويل اهتمام الموازنة العامة خلال المدى القصير من الإنفاق علي مشروعات البنية الأساسية، إلى الإنفاق علي البنود التي يشعر بها المواطن البسيط، والتي تتحقق من خلالها العدالة الاجتماعية، مثل تحسين الأجور وتوفير فرص عمل للشباب والاستمرار في دعم السلع الغذائية حتى تتخطى مصر هذه الأزمة، وبعد ذلك يتوازن الإنفاق بين الاحتياجات والمطالب اليومية ومشروعات البنية الأساسية.
علاج الأزمة الاقتصادية
مشيرًا إلى أن عودة العمالة المصرية القادمة من الدول العربية ستضيف عبئًا على الإنفاق العام، خاصة مع تراجع تحويلات المصريين من الخارج، لذلك لابد من وضع خطة عاجلة لضمان توفير السلع الغذائية في المقام الأول، مطالبًا بترشيد الاستيراد حتى لا يحدث عجز في الميزان التجاري بسبب زيادة الإنفاق علي السلع المستوردة، مؤكدًا على أن علاج الأزمة الاقتصادية يكمن في عودة الاستقرار الأمني والاجتماعي، والحد من الاضرابات والاعتصامات والمظاهرات الفئوية مما يدفع هذا بعجلة الاقتصاد القومي.
الرأسمالية الوطنية
بينما يناشد الكاتب والمحلل السياسي "طلعت رضوان" الدولة بالتوقف عن الحصول على أية قروض التي من شأنها أن تحمل الاقتصاد المصري عبئًا إضافيًا، وهو فوائد هذه القروض خاصة وان "مصر" غنية بمواردها الطبيعية والبشرية، مطالبا الرأسمالية الوطنية بلعب الدور المنوط بها والمشاركة في دفع عجلة الإنتاج إلى الأمام وخلق اقتصاد قوي ترتكز دعائمه على الاقتصاد الصناعي والزراعي، وليس على الأنشطة الريعية التي لا تحقِّق إنتاجًا أو تنمية حقيقية، هذا إلى جانب ترشيد الإنفاق والتوسع في المشروعات التنموية الصغيرة.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com