ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

هذه هي خيارات رئيس "أمريكا" لشعب مغلوب مضطهد

شريف منصور | 2011-11-13 11:21:29

بقلم: شريف منصور
نظرة واقعية لما يدور حولنا الآن تجعلني حزينًا ومتشائمًا من مستقبل منطقة الشرق الأوسط.
ما يخبئ المستقبل لنا هو ما زرعته قوى العالم عن جهل في تربة الإرهاب الخصبة في منتصف القرن الماضي.

مع نهاية الحرب العالمية الثانية، تحوَّل الشرق الأوسط إلي بؤرة من الفساد السياسي، وبؤرة من الانهيار الاقتصادي، مع تزامن إعادة غرس بذور الوهابية المتطرفة، مع تزامن غرس دولة إسرائيل في المنطقة، والذي تم بطريقة جراحية في جسد الشرق الأوسط، جسد الشرق المتهالك الذي وقع فريسة للمؤامرات العسكرية ضد كل الحكام الشرعيين للبلاد في ذلك الوقت.

فتطرف الشرق الأوسط بسبب الانقلابات العسكرية التي قام بها العسكريون ضد الحكومات الشرعية في ذلك الوقت، وزرع العسكر التطرف الديني ليقضوا على كل المكاسب الحضارية التي أينعت في أربعينيات القرن العشرين في بلاد حوض الشام والرافدين ومصر وشمال أفريقيا.

هل هذا محض مصادفة؟ أم هو مخطط؟ هل كان هذا اقتناص واستغلال للثغرات التي فتحت في قلب الشرق الأوسط بالصدفة، والتي تسببت فيها رعونة وغباء أصحاب الانقلابات العسكرية في ذاك الوقت؟

 

لا أريد أن أسرد عليكم ما تعرفونه جيدًا، ولكن أود أن ألفت نظركم إلي بعض المواقف التاريخية في الشرق الأوسط، والتي تزامنت مع نهاية الحرب العالمية الثانية.

في عام 1948 كانت في "مصر" نهضة علمية رائعة في شتى مناحي العلم، سواء في الجامعات المدنية أو في مؤسسة الأزهر الشريف. ودخلت "مصر" في حرب مع "إسرائيل" في العام التالي، وخسرت "مصر" وكل الدول العربية.

وضاع حق الشعب الفلسطيني مرتين؛ مرة عندما رفض الحكام العرب قرار التقسيم الذي كان سيضمن دولة للفلسطينيين، وكان التقسيم بدون شك أقل خسارة لشعبي "فلسطين" و"إسرائيل" مما هو الوضع عليه اليوم.

ولكن لا وألف لا.. رفض العرب برعونة شيء لم يكن في الأساس حق من حقوقهم للتفاوض فيه، ولكن تسلط الممالك العربية المحيطة كأوصياء على الشعب الفلسطيني مزَّق كل فرصة لكي يكون هذا الشعب شعب معترف به.

 

وأعطوا لـ"إسرائيل" أفضل فرصة لكي تستمر فيما استمرت فيه. وإن كان التقسيم جيد للفلسطينيين، فإنني أعتقد أنه كان حتمًا شيء أكثر من ممتاز لـ"إسرائيل" نفسها؛ لأن التقسيم الدولي كان علي الأقل سيقلل ويحد من مستوى الكراهية والغضب المتراكم ضد وجودها منذ هذه اللحظة وإلى الآن بمثل هذا القدر.. أخطاء تاريخية فادحة تدفع ثمنها شعوب المنطقة كلها.

عندما يسألني أحد عن ما هو شعوري تجاه دولة "إسرائيل" أو الدولة الفلسطينية؟ أجد نفسي محتارًا أمام هذا السؤال الغبي.

 

"إسرائيل" جاءت تبحث عن وطن فقدوه وحاربوا حتى يأخذوا حقهم، ووقفت أمامهم جيوش العرب وانهزمت وخسروا المعركة والأرض معها، في لغة العرب من ينتصر يأخذ كل شيء و المهزوم يفقد كل شيء، فلماذا هم غاضبون الآن؟ في النهاية أنا كمصري يهمني "مصر" أولًا وأخيرًا، أجد نفسي أمام سؤال كما قلت غبي. لا إجابة عليه إلا "مصر" هي التي تهمني، وإن لم أهتم ببيتي أولًا كيف أستطيع أن أهتم ببيت أحد آخر مهما كان؟ هل من مصلحة "فلسطين" أن تخرب حكومات العسكر "مصر"؟ هذا هو السؤال؟ كره المصريون "إسرائيل" و"فلسطين" معًا. ولكن النعرة الدينية في الدول العربية هي التي شحنت الشعوب ضد "إسرائيل" في منعطف لا رجوع منه. لقد أصبحت الحرب بين العرب و"إسرائيل" حربًا دينية إسلامية يهودية وليست حرب سياسية. وبهذا أعتقد أننا أمام مشكلة لن تُحل، نعم لن تُحل؛ لأنه لا تفاوض في الأديان منذ عرف الإنسان الأديان، وكم من مصائب حلت وترتكب باسمها وبسببها في الشرق منبع الأديان.

 

ماذا حدث في "سوريا"؟ وماذا حدث في "لبنان"؟ وماذا حدث في "العراق" و"مصر" و"ليبيا" و"تونس" و"الجزائر"؟ ولم تتأثر بعض الممالك العربية ذات الصلة الوثيقة بالغرب. لم تتأثر كما تأثرت الدول التي رفض الرعناء من حكامها التعاون والتفاوض مع الغرب، فجاء الدرس القاسي لهم جميعًا. انهارت "مصر" اقتصاديًا بداية من حرب 1956، وتلاها حرب "اليمن" بمساندة الحكم الديكتاتوري الملكي بواسطة مملكة آل سعود ضد "مصر" التي لم يكن لها أي سبب أو داعي أن تتدخل في شؤون بلد يبعد آلاف الأميال منها. ولكن حرب "اليمن" في محاولة انتقام غير محسوبة العواقب من "عبد الناصر" ضد مملكة آل سعود؛ لأنهم دعموا الهاربين من الإخوان المسلمين. واستمر الغباء السياسي المصحوب بنرجسية "عبد الناصر" ملك العسكر من أصحاب انقلاب 1952 ضد جماعتهم السياسية "الإخوان المسلمين"، ولكن العسكر في "مصر" انقلبوا على رؤوس الإخوان أعوان آل سعود، وهم ذيول البدوية الوهابية السعودية، فلقنوهم درس الخيانة عام 1967، واستراحوا نهائيًا من "ناصر" خائن العهد.

 

وجاء عهد "السادات" وبدأ بداية جديدة يضع الدين في الدولة من جديد، وأطلق يد الوهابية في "مصر"، على آمل أن يرضى عليه آل سعود مرة أخرى.

ولكن طموحات "السادات" السياسية كانت أكبر من طموحاته الدينية بعدما فشل في أن يكون الرئيس المؤمن والمرشد العام لجماعته في آن واحد، فانقلب 180 درجة ضدهم، وسافر يضع يده في يد "إسرائيل". كاد "السادات" أن يقلب الخطة الموضوعة لتدمير الشرق الأوسط، لولا أن عالجته الوهابية بعلاج فعال سريع من انقلاب القوى الظلامية عليه، وهو الذي أطلقهم في "مصر"، ففقد الرجل عقله، وعاد إلى تنفيذ مخطط تدمير الشرق الأوسط دون أن يدري؛ لأنه دخل إلى عش الدبابير من آل سعود، ولمع نجمه، وأصبح له صوت مسموع عالميًا، فتمت تصفيته بالطريقة الوهابية المعتادة.

بعدها ظلت خطوط المخطَّط المشبوه في منطقة الشرق الأوسط في الاستمرارية، حتى انهارت انهيارًا كاملًا في شتى مناحي الحياة، فهذه هي أفضل وسيلة لضمان بقاء هذه الشعوب في وضع لا تكون قادرة على النهوض ضد حكامها بأي صورة من الصور. لاحظوا أنني قصدت أن القول الشعوب وليس الحكومات؛ لأن الشعوب شيء وحكوماتها الديكتاتورية شيء آخر.

والآن وصلنا إلى منعطف جديد في هذا المخطط، الكراسي الموسيقية تعزف موسيقاها الدول الغربية، واللحن المميز معزوفة حقوق الإنسان وحق الشعوب في التخلص من الديكتاتوريات؛ من أمثال "مبارك" و"القذافي" و"الأسد"، ولكي يحل محلها دكتاتوريات جديدة مزروعة زرعًا كاملًا باتفاق وبتخطيط وتمويل وهابي، بالتعاون مع "أمريكا" الصديقة الكبرى باسم الديموقراطية واختيار الشعوب المسيسة دينيًا.

 

إلي هنا نأتي إلي عنوان الموضوع.

الأقلية القبطية في "مصر" إلى أين؟ وأين وضعها من معزوفة حقوق الشعوب في تقرير مصيرها؟ حقوق الأقلية القبطية ضاعت عندما وقف رئيس الدولة الديموقراطية العظمى "باراك حسين أوباما" يلوم الأقباط على مذبحة "ماسبيرو"، ويقول لهم بالحرف الواحد: "
Now is a time for restraint on all sides so that Egyptians can move forward together to forge a strong and united Egypt.”

لم نسمع ولم نرَ رئيسًا أمريكيًا في تاريخ "أمريكا" قال للمغلوب على أمره، الشعب القبطي المعتدى عليهم في مسيرة سلمية مرخص لها بتصاريح من النظام، بالبلدي اتربوا وانصاعوا لأوامر الديكتاتورية العسكرية، خلي عندك ضبط نفس عندما يعتدوا عليكم.
اضبطوا أنفسكم ووارضخوا أمام من حرق كنائسكم وهدمها وقتل منكم ما قتل، اصمتوا فأنتم منذ فجر التاريخ وقود للتطرف العنصري في هذه المنطقة. كاد "باراك حسين أوباما" أن يقول إنكم تعطلون مخططنا في إهداء الشرق الأوسط لآل سعود.

 

كيف يريد "أوباما" من الشعب القبطي الأعزل أن يقف منضبطًا لا يدافع عن نفسه أمام المدرعات ورصاص القناصة؟

لا أظن أن الشعب الأمريكي المطحون اقتصاديًا من جراء غزوة أبراج التجارة العالمية، أن رئيسه قال للضحايا اتلموا واتركوا المعتدي وهو جيش الدولة بمدرعاته وأسلحته وتليفزيونه وإعلامه يعتدي عليكم ويدعوا للجهاد ضدكم؟ كأن رئيس "أمريكا" يقول لضحايا غزوة أبراج التجارة: اضبطوا أنفسكم أمام طائرات المتطرفين وهي تحرق قلب تفاحة أمريكا "نيويورك". ما هو الفارق عندما يقول للأقباط قفوا صامتين أمام من يغتصب حقوق مواطنتكم ويقتلكم؟!!.

 

السيد رئيس أمريكا الديموقراطية العظيمة، وصلنا إلى نهاية المطاف:
هل هذا هو ما تريد أن تفرضه على الأقباط:
أولًا- عليكم أن تعيشوا أذلاء في وطنكم، لا حقوق لكم، وبالبلدي اتربوا وصيروا ماسحي أحذية كوعد "السادات" لآل سعود في "جدة" عام 1955.
ثانيًا- عليكم أن تعرفوا أنكم تعيشون مغلوبين مهزومين في أرضكم، تدفعون الجزية حسب الشريعة الإسلامية، لأنها هي قانون الأرض في "مصر".
ثالثًا- أريحوا أنفسكم وأريحونا واسلموا، وعيشوا مثلكم مثل بقية الشعب، وتصيروا أنتم أيضًا عبيدًا لآل سعود.
رابعًا- اتركوا "مصر" واذهبوا إلي أي مكان في العالم، وحتي هذه سننتقي أفضلكم لنا، حتى بهذا نكون أجهزنا على الأقباط في "مصر"، وانتهت مشكلة "مصر"، وأصبحت دولة إسلامية وهابية 100%.

 

سؤالي لجنابك، ما هو المقابل لكل هذا؟ لمنْ ومِن منْ ؟ لابد وأن يكون هناك مقابل لما يحدث في الشرق الأوسط ؟ وإلا لماذا تفتعلوا كل هذه المجازر وكل هذا التجويع والترويع؟ أين ديمقراطيتكم هذه التي تغنون علينا بها؟.. وسؤالي الأخير، هل يعلم الشعب الأمريكي ما يفعله "باراك حسين أوباما" بالأقليات في الشرق الأوسط؟

لو فرضنا تخلُّص الأمريكان وآل سعود من الأقباط أيًا كان عددهم، فما هو مصير المسلمين المتحضرين المصريين وهم الأغلبية الصامتة التي تحترق يوميًا معنا؟ هل ستتخلصون منهم هم أيضًا؟ وكيف وعلى أي أساس؟ بتكفيرهم إن لم تلبس نساؤهم النقاب، أو لم يلبسوا الجلابيب البيضاء والسراويل، وأطلقوا اللحي الوهابية، وإن لم يتركوا أعمالهم ويذهبوا إلى الجوامع حتى يحصلوا على شهادة حسن السير والسلوك من بلطجية الأديان؟..

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com