ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

البابا شنودة و 40 عاماً في خدمة مصر والكرازة المرقسية

| 2011-11-14 14:26:07

 البابا شنودة هو "بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وسائر إفريقيا وبلاد المهجر وإثيوبيا وليبيا والنوبة والسودان والخمس مُدن الغربية"..
وهو رجل دين بارز، يجمع بين شجاعة الفكر وصلابة الرأي وبين الهدوء والتسامح، وله العديد من المواقف الوطنية من القضايا العربية والعالمية، خاصة مُساندته للقضية الفلسطينية ونبذ الصراع والعُنف والإساءة إلى المُعتقدات، وشارك في العديد من المحافل الدولية، وحصل على العديد من الجوائز والشهادات التقديرية العالمية، إلى جانب المكانة الرفيعة التي يحتلها لدى قلوب المصريين والعرب.


وصف البابا شنودة الثالث بالإنسان والراهب والشاعر والمُفكر والصحفي والموسوعة التي لا تنضب، والوطني الذي لا يبخل بوقته على قضايا وطنه وأمته العربية، وصاحب الرأي الذي يتحدث في كل النواحي الاجتماعية والروحية والعقائدية والفكرية.


وهو شخصية فذة بين البطاركة الذين تولوا كرسي الكرازة المرقسية منذ أن تولى البطريرك الأول مارمرقس الرسول عام 61م الذي أدخل المسيحية إلى مصر، ليُصبح "البابا شنودة الثالث البطريرك الـ 117" فمكانته في نفوس المسلمين قبل المسيحيين في مصر والعالم تؤكد ذلك، والذي من خلاله امتد دور الكنيسة القبطية من الصعيد الوطني إلى الإقليمي ثم العالمي.
شهدت فترة رئاسته للكنيسة الأرثوذكسية ولاتزال نهضة رعوية غير مسبوقة في تاريخ البطاركة، وحفلت بالعديد من المواقف الروحية والاجتماعية والسياسية على مختلف الأصعدة محلياً وإقليمياً بل ودولياً، ساهمت في إخراج الكنيسة القبطية التي تقوقعت في مصر وانفتاحها على العالم.


السيرة الذاتية:

ولد نظير جيد روفائيل "البابا شنودة" في 3 أغسطس 1923 بقرية سلام بمحافظة أسيوط لأسرة من الطبقة المتوسطة، وذاق طعم اليُتم مع يوم مولده، إذ توفيت والدته عقب ولادته مُباشرة متأثرة بحُمى النفاس، واختصر نظير جيد السنوات الدراسية، والتي كان يُطلق عليها التمهيدي في عام واحد، ثم أمضى عام آخر في المرحلة الابتدائية، مع اخوته في الإسكندرية، ولكنه قضى السنة النهائية وهي الرابعة الابتدائية في أسيوط، ولم يحصل على الشهادة الابتدائية إلا متأخراً.


التحق "نظير جيد" بجامعة فؤاد الأول، في قسم التاريخ، وبدأ بدراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والتاريخ الحديث، وحصل على الليسانس بتقدير "ممتاز" عام 1947، وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليريكية، وبعد حصوله على الليسانس بثلاث سنوات تخرج من الكلية الإكليريكية عمل مُدرساً للغة العربية ومُدرساً للغة الإنجليزية، وحضر فصولاً مسائية في كلية اللاهوت القبطي، وكان تلميذاً وأستاذاً معاً في نفس الكلية، وكان يحب الكتابة وخاصة كتابة القصائد الشعرية، ولقد كان ولعدة سنوات محرراً ثم رئيساً لتحرير مجلة "مدارس الأحد" وفي الوقت نفسه كان يُتابع دراساته العُليا في علم الآثار القديمة، وكان من الأشخاص النشيطين في الكنيسة وكان خادماً بجمعية النهضة الروحية التابعة لكنيسة العذراء مريم بمسرة [شبرا] وطالباً بمدارس الأحد ثم خادماً بكنيسة الأنبا انطونيوس بشبرا في مُنتصف الأربعينيات، والتحق بالجيش برتبة ملازم احتياطي .


في 18 يوليو 1954 استقال الشاب "نظير جيد" من كافة وظائفه ليلتحق بدير السريان في وادي النطرون ، حيث تمت رسامته "تنصيبه" راهباً باسم "أنطونيوس السرياني"، وظل به ولم يُغادره قرابة عشرة أعوام، حيث اختار مغارة في الصحراء، عكف فيها على القراءة ونسخ المخطوطات الأثرية القديمة، حتى اختاره البابا السابق "كيرلس السادس" سكرتيراً خاصاً له لثقته الكبيرة به، وتمت رسامته أسقفاً عاماً للمعاهد الدينية والتربية الكنسية باسم "الأنبا شنودة"، ليكون أول أسقف للتعليم المسيحي وعميد الكلية الإكليريكية، وذلك في 30 سبتمبر 1962.


وعندما تنيح [توفى] البابا كيرلس السادس في 9 مارس عام 1971 أجريت انتخابات لاختيار البابا الجديد في 13 أكتوبر من نفس العام في الكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة، وذلك بعد أن تم اختيار ثلاثة من المرشحين الخمسة للكرسي البابوي، ووقع الاختيار عليه عن طريق إجراء "القرعة الهيكلية".
وتمت رسامته "تنصيبه" بطريركاً في 14 من نوفمبر عام 1971 ليُصبح البابا رقم 117 ضمن بابوات الأقباط الذين جلسوا على كرسي مارمرقس الرسول بالكنيسة المصرية القبطية الأرثوذكسية، وتم تسميته بـ "البابا شنودة الثالث" لأنه يعتبر "ثالث" بطريرك يحمل اسم "شنودة" على مدار تاريخ البطاركة في مصر، بعد البابا شنودة الأول "859-880م" .. البابا رقم "59"، والبابا شنودة الثاني "1032-1046م" البابا رقم "65".


حصاد 40 عاماً من العطاء:

الآن وبعد مرور 4 عقود من الزمان، مازال البابا شنودة يقود سفينة الكنيسة القبطية بحكمة مصرية، ومواجهة الأزمات بروح إنسانية مُتسامحة دون إدعاء، يرعى خدمة الوطن والكنيسة بكل الحب ووداعة القلب كما تعلم من الكتاب المقدس، أثمرت هذه الفترة العديد من الثمارات الروحية والإنسانية.


شهدت خدمة بابا الإسكندرية على مدار 40 عاماً سيامة - أي تنصيب - أكثر من 150 أسقفاً "رتبة كهنوتية" يرعون الإيبارشيات - تقسيمات إدارية للخدمة - مع تقسيم الإيبارشيات الكبيرة للتركيز في الرعاية، وقام بسيامة مئات الكهنة وآلاف الشمامسة - خدام الكنيسة - وذلك لخدمة كافة احتياجات الشعب، من أنشطة روحية واجتماعية وخلافه، وأيضاً سيامة مئات الرهبان والراهبات، سواء في أديرة مصر أو خارج مصر بعد قيامه بتشييد أديرة جديدة هناك، بالإضافة إلى دوره البارز في إنشاء عدد كبير من الكنائس سواء داخل أو خارج جمهورية مصر العربية.


لم يدخر البابا شنودة جهداً في قيامه بالزيارات المستمرة للإيبارشيات لتدشين الكنائس بها والعمل على حل مشاكلها، وتقديم الدعم اللازم لها مادياً وروحياً، وسعيه الدءوب لإرساء قواعد ومبادئ للوحدة الوطنية، ومن بينها اللقاءات المستمرة بين مسلمي وأقباط مصر، خاصة من خلال "حفلات إفطار الوحدة الوطنية" التي يرعاها قداسته في شهر رمضان المبارك، والتي تجمع معظم رجال الدولة والكنيسة والأزهر الشريف.


وفي عهد قداسته تم نشر فروع الكلية الإكليريكية داخل مصر وخارجها لدعم التعليم اللاهوتي الكنسي السليم لدى الآباء والكهنة والخدام والخادمات، وتعيين أسقف عام لخدمة الشباب داخل وخارج مصر وهو الأنبا موسى، وإصدار البرامج المُلائمة لكل الأعمار من الحضانة للجامعة إلى الخريجين من أجل توحيد الفكر الكنسي ووصولاً إلى التعليم السليم لكل الفئات والمراحل، وإصدار كتب خاصة بالخدام والخادمات وخدمة التربية الكنسية للأطفال والفتيان والشباب، وعقد دورات تدريبية لخدام وخادمات التربية الكنسية في العطلة الصيفية، بالإضافة إلى تأسيس المهرجان الصيفي الذي يتضمن كافة الأنشطة منها الدينية والفنية والرياضية والذي يتم تنفيذه في كافة الإيبارشيات، ويتخذ شعاراً مُتجدداً كل عام، يقوم البابا شنودة في نهاية كل مهرجان بتوزيع الكئوس والجوائز لأفضل الأنشطة ومنح شهادات التقدير للمُتميزين.


يحرص البابا دائماً على تكريم الأوائل في المراحل الدراسية العامة كل عام بهدف تحفيزهم وتشجيعهم على استمرار التفوق، بالإضافة إلى قيامه برعاية عشرات المؤتمرات والمهرجانات الخاصة بفئات مختلفة، من خدام القرى في كافة الإيبارشيات وخدام المدينة في كافة الإيبارشيات، بالإضافة إلى مهرجانات لكافة مراحل التربية الكنسية، وأيضاً رعاية مؤتمرات شباب المهجر بأنحاء أمريكا الشمالية وأوروبا واستراليا وكندا.

البابا شنودة .. مُعلم المسكونة:

يُعد البابا شنودة الثالث من الرعيل الأول كراع للتربية الكنسية، والتي شهدت فيه هذه المرحلة نهضة تعليمية ورعوية مُباركة،
لا شك أن تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية لم يشهد مُعلماً انتشرت تعاليمه في أقطار مُتعددة وبكثافة شديدة وبصورة لم يسبق لها مثيل مثل البابا شنودة، فلقد أصدر أكثر من مائة كتاب وآلاف الشرائط المُسجلة بالصوت والصورة، تتحدث عن موضوعات روحية وسلوكية وفضائل وخلافه، وإصدار كتب ونبذات خاصة بالشباب، بالإضافة إلى مئات الأحاديث الصحفية والإذاعية والتليفزيونية، التي نشرت فكره وروحه في دول عديدة، بعد أن ترجم العديد منها إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والهولندية.


لقد أصبح للكلية الإكليريكية في عهد البابا شنودة فروع في الوجه البحري والقبلي، بل وفروع في بلاد المهجر مثل سيدني وجرسي سيتي ولوس أنجلوس، فالكلية الإكليريكية تمثل الدعامة الأولى للكنيسة، حيث يكون من خريجيها الآباء الكهنة والرهبان والشمامسة بتعليم لاهوتي ورعوي جيد، بالإضافة إلى السماح للمرأة بالدراسة في الكلية وقد تخرج منها نساء يقمن بالتدريس بالإكليريكية.
واهتم البابا شنودة بإنشاء معاهد عُليا بهدف دعم روح التخصص في الكنيسة، وهذه هي إحدى سمات العصر والتفكير العلمي، فهناك معهد الدراسات الكتابية، إذ تقدم هذه المعاهد دراسات رعوية وتربوية ونفسية واجتماعية وطقسية وعلمية، ومن المعروف أن البابا شنودة يقوم بنفسه بالتدريس بالكلية الإكليريكية وبالمعاهد العُليا وفي مواد مُتعددة.


بالإضافة إلى ما سبق هناك الاجتماع الأسبوعي للبابا شنودة بالقاهرة، والذي يُعد أحد معالم الكنيسة القبطية في العصر الحاضر، يحضره الآلاف من الأقباط ومجموعات ضخمة من الأجانب من كل أنحاء العالم، ويجدون فيه الترجمة المناسبة باللغة التي يعرفونها، ويشمل الاجتماع إجابات على استفسارات الشعب بكل فئاته سواء من جهة مراحل العُمر أو مستوى التعليم أو حسب الظروف الاجتماعية والثقافية، والتي أدت إلى إحداث تواصل وتفاعل بين رأس الكنيسة وأبنائها وبين الراعي ورعيته، وبالإضافة أيضاً إلى الاجتماع النصف شهري بالإسكندرية.


ويُعد المركز الثقافي القبطي أحد أهم ثمارات العمل المُعاصرة والتي اهتم بها البابا شنودة الثالث، قام بافتتاحه فى 14 نوفمبر عام 2008، حيث يعتبر المركز إحياء لمكتبة الكنيسة المصرية الأرثوذكسية القديمة، وتحتوي على أعداد كبيرة من الكتب والمخطوطات التاريخية النادرة، ويُعتبر المركز جسراً للحوار مع التراث المصري القبطي، وتنمية الوعي باللغة القبطية وإعادة إحيائها كلغة حديث وتحرير، وحلقة ربط بين حاضر مصر وماضيها ومستقبلها، ولم تقتصر الكتب الموجودة بالمركز على الاهتمامات الدينية واللاهوتية فقط، لكن مُنفتح على التاريخ القبطى والثقافة المصرية بوجه عام، ويعتبر إضافه ثقافية مهمه لمُساعدة المؤرخين والباحثين ونشر الوعي الثقافي بتاريخ مصر، وتوثيق ونشر ودعم الثقافة القبطية على المستوى المصري والدولي.

البابا شنودة .. بابا العرب:

"إن مصر ليست وطن نعيش فيه بل وطن يعيش فينا"، بهذه العبارة البليغة التي أطلقها البابا شنودة الثالث قبل سنوات، وفر البابا شنودة الكثير من الوقت والجدل ليقطع الطريق على لعبة المُزايدات السياسية التي تضرب أجواء منطقتنا العربية، ففي مناخ اختلط فيه الهوس الديني بالسياسية، يُصبح العالم أحوج ما يكون إلى حكمة رجل من طراز البابا شنودة.


ويملك البابا شنودة حساً وطنياً رفيعاً ويُجسد الوطنية المصرية في أوضح وأنقى صورها، فعلى الصعيد الإقليمي يهتم البابا بمشاكل وقضايا الإنسان العربي حتى أطلق عليه "بابا العرب"، وعالمياً ترأس مجلس الكنائس العالمي عن منطقة الشرق الأوسط لأكثر من مرة، وحصل على العديد من درجات الدكتوراة الفخرية من جامعات غربية، وكان يُستقبل بحفاوة دائماً في العديد من المُدن الأوروبية والأمريكية، وأهديت إليه مفاتيح لهذه المُدن، وبعضها أطلق "يوم البابا شنودة" على يوم زيارته للمدينة.


وصف البابا شنوده بأنه من أهم بطاركة العالم، كما هو حال بابا روما، وبطريرك القسطنطينية باسطنبول، نظراً للتأثير الذي يتمتع به في حل القضايا المختلفة، فقد لعب دوراً بارزاً في تشييد الجسور بين الطوائف المسيحية وبين المسلمين والمسيحيين، بالإضافة إلى جهوده المكثفة على مدى سنوات طويلة للتعايش السلمى بينهما فى مصر، ودوره فى وقف تصعيد الأحداث، ودعوته للسلام والمُصالحة، والتهدئة بين أبناء الوطن الواحد.


البابا شنودة صحفياً وشاعراً:

كان البابا شنودة في طوال مراحل دراسته متفوقاً والأول باستمرار، وعندما كان بالسنة الأولى والثانية الثانوية، التي تعادل الإعدادية الآن وعُمره 16 عاماً كان يكتب الشعر ويتذوقه، وقد أجاد عروضه وقوافيه وكل ما يختص به، وكانت أول قصيدة له عام 1939 يوم ذكرى وفاة والدته ومطلعها "أحقاً كان لي أم فماتت أم إني خلقت بدون أم .. رماني الله في الدنيا غريب أحلق في فضاء مُد لهم".
ومحبة البابا للشعر وكتاباته كانت السبب في دخوله القسم الأدبي ثم كلية الآداب، فكان كلما تأتيه فكرة أثناء نومه يقوم ويكتبها، ولما رأى إضاءة النور ربما تقلق غيره كان يكتب على الحائط بالقلم الرصاص، وكان يكتب في مواضيع كثيرة، ثم تحول إلى الشعر الديني ولقداسته قصائد كثيرة، ومما يُذكر أنه كان يكتب مواضيع الإنشاء بالشعر وكانت موضع إعجاب المدرسين والأساتذة.


وأحب البابا الصحافة وهو تلميذ بالثانوي، وكان يحرر المجلات المدرسية وبعد تخرجه رأس "مجلة مدارس الأحد" ثم أنشأ "مجلة الكرازة" وهو أسقف عام للتعليم عام 1965، ومازال يصدرها ويرأس تحريرها، كما أنه لا يزال عضواً في نقابة الصحفيين وقبل ذلك كتب البابا في عدد كبير من المجلات الدينية، وكان وهو شاب يكتب تحت عنوان "توجيهات شبابية .. مقالات رائعة".


البطريرك والسياسة:

وللبابا شنودة سمات شخصية منها التسامح والهدوء، مُطبقاً كلمات مأثورة له "الإنسان السوي يُقيم توازناً بين العقل والعاطفة في كل مشاعره وانفعالاته وتصرفاته" فكان له مواقف عديدة أظهر فيها الحكمة والعقل في التعامل مع كل القضايا، فحينما وُضع البابا شنودة رهن الإقامة الجبرية في أحد الأديرة الشهيرة، بعد صدور قرار الرئيس الراحل أنور السادات بتحديد إقامته.
وكان قد مر 40 شهراً على تحديد إقامة بطريرك الأقباط في الدير، قبل أن يلغي الرئيس السابق حسني مبارك هذا القرار، ليعود بذلك البابا شنودة إلى مقره الرسمي في البطريركية، فإنه على الرغم من هذا الإبعاد الذي استمر نحو 40 شهراً، غير أنه نظر للأمر باعتباره فرصة للاستجمام الروحي، كتب خلالها 16 كتاباً، وكان دائماً يسعى لتعميق المحبة والسلام والصُلح بين الكنيسة والدولة، وتعزيز الصلة التاريخية مع الاخوة المسلمين، استناداً على أن المسلمين والمسيحيين هم أعضاء في الجسد الواحد الذي هو مصر، والتي هي ليست مجرد "وطن نسكن فيه بل وطناً يسكن فينا" ..
ولبابا الإسكندرية مواقف عديدة أسهمت في نشر السلام بين شعوب العالم، على سبيل المثال أدان بشدة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على المسجد الأقصى، واصفاً إياها بأنها جريمة وتمثل اعتداءً على كل الشعوب العربية، ودعا إلى التصدي لهذه الانتهاكات الإسرائيلية ومواجهت

ها، كما دعا الشعب الفلسطيني إلى الوحدة لمواجهة هذه التحديات.
وكذلك سجل البابا شنودة الثالث موقفاً رافضاً لتهويد القدس، أو القبول بالسيادة الإسرائيلية عليها، وكان للبابا شنودة موقف تاريخي حين حرم على رعاياه الأقباط الذهاب للقدس وهي تحت الاحتلال الإسرائيلي، وقال: "لن ندخل القدس إلا مع اخواننا المسلمين بعد تحريرها".
وفي موقف آخر أدان بابا الإسكندرية الانتهاكات المُشينة التي ارتكبتها الصُحف الدانماركية والأوروبية للإسلام، وأكد البابا شنودة على أن هذا السلوك يُشكل اعتداءً صارخاً على المُعتقدات واستفزازاً للمشاعر الدينية وبوقاً ناعقاً لتأصيل الفكرة المُسماة بـ "صراع الحضارات"، كما دعا البابا شنودة ومجلس كنائس الشرق الأوسط في بيانين منفصلين الحكومة الدانماركية إلى مُساءلة الجهات التي أثارت هذه الفتنة ومُحاسبتها، والتعهد بعدم العودة إلى تلك المُمارسات، وأيضاً أشار البابا شنودة ورؤساء مجلس كنائس الشرق الأوسط في بيانيهما إلى أن الاعتداءات الآثمة التي تستهدف الكنائس في العراق تندرج في إطار المحاولات الشريرة لبث الفرقة بين أبناء الشعب العراقي.
البابا شنودة في لقاء الحوار المسيحي-الإسلامي في الدوحة:
وكان للبابا شنودة حواراً رائعاً في الدوحة في يونيه 2004 حينما أكد فيه على أن هناك قومية واحدة تجمعنا هي القومية العربية ولغة واحدة، وإيمان بإله واحد، وتجمعنا في هذا الحوار أيضاً مصالح مُشتركة ومصير واحد، وتجمعنا في هذا الحوار أيضاً مصالح مُشتركة ومصير واحد وقيم وأخلاقيات واحدة، وأكد على أن دور رجال الدين هو نشر الخير على الأرض وتوجيه التدين نحو تحقيق الصالح العام وحل المشكلات الاجتماعية والبيئية والتنموية، ونشر السلام والخير بين الناس، فنلقترب من بعضنا البعض، ولنذكر في كل هذا ما ورد في الآية 13 سورة الحجرات بالقرآن الكريم حيث يقول الله تعالى :
"يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، إن الله عليم خبير "، فالتعارف هو فضيلة كبرى أن يعرف كل منا الآخر، وإذا تعارفنا مع بعضنا البعض فسوف نتقارب ونتفاهم ويطمئن كل منا إلى أخيه، وتكون النتيجة أن نتعاون جميعاً معاً، بالحوار تلتقي العقول والأفكار ويمكن تصحيح أية صورة مغلوطة أو خاطئة.
ودائماً يدعو البابا شنودة إلى الحوار ونبذ الصراع بين الأديان والحضارات، مؤكداً على أن كلنا مُتدينون .. المسلم مُتدين والمسيحي مُتدين، وكلنا نعبد الله وكلنا نحب الفضيلة والخير .. فبقي أن نعمل معاً، فبالحوار يمكن لكل منا أن يفهم الآخر، وأن يكشف ويحب الخير الذي فيه


البابا شنودة .. رجل دين من الطراز الأول:

بدأ البابا شنودة الثالث منهجاً جديداً خاصاً من العمل الروحي في شتى المجالات والعمل الكنسي لخدمة الشعب القبطي، وقد أخذ منه جهداً شاقاً إلا أنه قد تعود وتمرس في الخدمة على مثل هذا العمل الروحي الشاق منذ شبابه، وقد لوحظ أن الذين حوله كانوا لا يستطيعون مُلاحقة قداسته في العمل، حيث أن ذهنه الحاضر وعبقريته قد أهلته لأن يكون شعلة تحترق من أجل خدمة الآخرين، وفي بعض الأحيان كراهب مُتمرن لم يعط راحة لجسده ولا لأجفانه نعاساً حتى يضع اللمسات الأخيرة في اهتماماته بشعبه ليريحهم في الوقت الذي يذهب مساعديه ليأخذون راحة، بينما هو يستمر في سهر وأتعاب وصلوات.
يتحلى البابا شنودة بالعديد من الفضائل الروحية، مثل الوداعة والطهارة والشخصية المُتكاملة، فهو يجمع بين شخصيته المُهابة بين الخشوع في رفعة وورع الأتقياء وحكمة الآباء والملامح البشوشة، كما يجمع بين صفات رجل الدين الروحاني والوطني المُحب لبلده.
الجوائز والشهادات العالمية:


نال البابا شنوده الثالث العديد من الجوائز وشهادات الدكتوراه الفخرية:
- شهادة دكتوراه فخرية عام 1977 من جامعة بلومفيد في أمريكا تقديراً لمركز قداسته ودورة القيادي الإنساني البارز في المجتمع المسيحي.
- شهادات دكتوراه فخرية عام 1977 من جامعة سان بيتر بأمريكا تقديراً لدروره العظيم في العلوم الإنسانية، وكان هذا في أول زيارة له في الولايات المتحدة.
- شهادة دكتوراه فخرية عام 1989 من الكلية اللاهوتية الكاثوليكية في بتسبرج، وهى أقدم كلية لاهوتية كاثوليكية في الولايات المتحده الأمريكية تقديراً لدوره اللاهوتي العظيم.
- شهادة دكتوراه فخرية عام 1990 من كلية اللاهوت الكاثوليكية في بون بألمانيا، وهي كلية تابعه لجامعة فريدريش فلهام تقديراً لجهوده البارزة في العمل المسكوني والسعي الدائم نحو تحقيق الوحدة بين الكنائس المسيحية.
- شهادة دكتوراه من جامعة بون بألمانيا عام 1995.
- شهادة دكتوراه من جامعة تورث بارك بشيكاغو عام 2001.
- شهادة دكتوراه من جامعة نوشاناهاوس عام 2001.
- مفتاح مدينة آن أربور بولاية ميتشجان بأمريكا من عُمدة المدينة لقداسته أثناء زيارته في أبريل عام1977.
- مفتاح مدينة لوس أنجلوس بأمريكا من عُمده المدينة عند زيارته في أبريل عام1977.
- وتم تتويج هذا بعدد من الجوائز لدوره البارز في الحوار والتسامح الديني وحقوق الإنسان، منها "جائزة "اليونسكو للحوار والتسامح الديني"، و"جائزة الأمم المتحدة للتسامح الديني"، و"جائزة أوجوسبورج الألمانية للسلام".
- وفي يناير 2004 منحت جامعة القاهرة البابا شنودة درع جامعة القاهرة وشهادة تقدير في احتفالها بعيد العلم الذي أقامته جامعة القاهرة لكبار الخريجين وبعض الشخصيات العامة.
- وقد أهدت إيطاليا لقداسة البابا شنودة الثالث ميدالية هيئة السلام والسياحة لعام 1979م.
- وفي 9/9/1989، دعا الكونجرس الأمريكي البابا شنودة الثالث لافتتاح دورته بالصلاة، كما التقى مع رئيس المجلس، وحضر اللقاء السفير المصري في "واشنطن".. وتسلم البابا شهادة تقدير لزيارته.
محاضرات البابا شنودة:
ودُعى البابا "شنودة" لإلقاء محاضرة في جامعة "سيدني" بـ"استراليا" حضرها 5000 شخص، وألقى قداسته أيضاً محاضرة أخرى في جامعة "بون" بـ"ألمانيا".. ومحاضرات أخرى في "الولايات المتحدة الأمريكية" في "كليرمونت" و"سان فرانسيسكو"، وغيرها.
أيـــــام البابا شنودة الثالث:
أصدر عمدة "سان فرانسيسكو" في "الولايات المتحدة الأمريكية" قرارًا بإطلاق اسم "أيام البابا شنودة الثالث" على الفترة من 24 - 28 أكتوبر من كل عام .. وذلك تخليداً لذكرى زيارة البابا شنودة الثالث للمدينة عام 1989 .. وقد أطلقت ولايات أخرى كثيرة على يوم زيارته لها اسم "يوم البابا شنودة" مثل "جرسي سيتي" و"كليفلاند" و"سانت لويس" و"دالاس" وستة مدن أخرى.
أقوال ذهبية للبابا:
- مخافة الله هي بداية الطريق وهي سياج للحياة الروحية ح  

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com