جمهور معرض الجزيرة: الفن جزء من النضال الثوري للحصول على الحرية ضد آلة القمع والإرهاب

ميرفت عياد | 2011-12-07 11:05:20

الأعمال الفنية ساهمت في الحركات الثورية في المجتمات المختلفة عبر مراحل التاريخ
الفن الهابط والتسلية الرخيصة تساعد على تشويه وعي الجماهير
إحدى لوحات بيكاسو تنادي برسالة إنسانية ضد العنف والحروب وفناء البشرية

كتبت: ميرفت عياد
افتتح قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور "صلاح المليجي"، أربعة معارض فنية بمركز الجزيرة للفنون بالزمالك، حضر الافتتاح "محمد دياب" رئيس الإدارة المركزية لمراكز الفنون، ود. "إيناس حسني" مدير المركز، ولفيف من النقاد والصحفيين، والجمهور العاشق للفنون التشكيلية.

آلة الزمن
وقامت "الأقباط متحدون" بجولة في قاعات العرض، حيث أقامت الفنانة الفنانة "علياء رفعت" الشهيرة بـ "كوكلا" بقاعة "راغب عياد" معرضًا لمجموعة من الصور الفوتوغرافية التي تضعك فى آلة الزمن، لتعود بك للخلف، حيث الأساطير الممزوجة بعادات وتقاليد أهل جزيرة كيرلا الهندية، و جزيرة بالي الأندونيسية، من خلال تجسيد روح المرح والخيال لملك الأرواح، الذى يطلق عليه فى أسطورة بالى "البارونج"، حيث يحشد الخير ويجلب الحظ، مصورة العديد من تفاصيل الاحتفالات والطقوس التي كانت تقام من أجل جلب البهجة، واحتفالاات المعابد المقدسة والتضحيات للآلهة والقرابين وطقوس حرق الجثث، هذا كله في وحدة لا تتجزأ، اهتمت فيها بإبراز مفردات الطبيعة الساحرة، التي لا تخلو من الجمال، وتعد الفنانة "كوكلا" واحدة من أشهر المصورات اللاتي يجبن العالم بحثًا عن عادات الشعوب ومغامراتها حيث قضت العديد من الرحلات الشيقة مع الكاميرا ووجوه وملامح البشر والأمكنة .

عالم البحار
ويعرض الفنان "أيمن صلاح طاهر" من واقع خبراته في التصوير تحت الماء، تجربة متميزة وجميلة وجديدة في نفس الوقت، حيث قام بالمزج بين التصوير والألوان، فاعطت لمن يشاهدها الإحساس بأنك تسبح داخل مياه البحر حيث الصفاء والسكون والجمال، في هذا العالم الساحر النابض بالجمال، تجد الفنان طوع موضوعات أعماله الفنية، بحيث لا تخرج عن المعنى، ولا تفقد اتساقها مع الموضوع، مستغلا بهذا خبراته التي اكتسبها من عالم البحار، وجمال الطبيعة الخلابة.

أوتار الفضة والأحجار
وبحسها الأنثوي الراقي، استطاعت الفنانة الدكتورة "وهاد سمير" أن تعزف على أوتار الفضة والأحجار الكريمة لتخرج لنا مجموعة متنوعة من الحلى المتميز بدقة ومهارة بالغتين، سواء من حيث التصميم أو قدرتها على تطويع المادة وصياغتها، وتطعيم أعمالها الفضية بالفصوص المتعددة الأوجه.

تنويعات على نفس النغمة
وتحت عنوان "تنويعات على نفس النغمة" عرضت الفنانة "عزة رفعت" أحدث لوحاتها التي اعتمدت خلالها على الأسلوب التجريدي المتعمق في ألوان يغلب عليها الألوان الهادئة، التي تعطى لمن يشاهدها إحساسًا بصفاء النفس، إلا أن المعنى تركته لخيال المشاهد حتى يجوب في اللوحة مخرجًا ما بها من تفاصيل ومعانٍ وأحاسيس، تتناسب مع تكوينه الشخصي ورؤيته للحياة.

الحرية تقود الشعب
وعن أهمية الفن بوجه عام في تشكيل وعي الناس، خاصة في تلك المرحلة الثورية التي تمر بها مصر، قام "الأقباط متحدون" باستطلاع بعض آراء الجمهور المشاهد للمعرض، الذين أكدوا أن الأعمال الفنية ساهمت في الحركات الثورية، وعبرت عن التغيرات الثورية في المجتمات المختلفة، عبر مراحل التاريخ، فعلى سبيل المثال ما قام به الفنان الفرنسى "ديلاكروا" في لوحته الشهيرة "الحرية تقود الشعب" التي عبر فيها رمزيًا عن الثورة المشتعلة في ذلك الوقت، كما استخدم الألمان العديد من الأعمال الفنية التي هاجمت بقوة وبشجاعة هتلر والنازية.

بشاعة الحرب الأهلية
ويوافقهم الرأي "خالد" -طالب بكلية الفنون الجميلة- الذى يؤكد أن الفنان بيكاسو استطاع أن يصور بجرأة شديدة احتجاجه على انحراف بني الإنسان من خلال لوحته الشهيرة "جورنيكا"، التى مثلت بشاعة الحرب الأهلية ومصائبها في أسبانيا، ومن هنا جاءت هذه اللوحة لتؤكد على أن الفن التشكيلي له تاثير اجتماعي كبير، وتقوض الآراء المعارضة له، والتي تتهمه بأنه عمل ترفيهي يهدف لسرور الفنان ذاته، وليس له أي فائدة اجتماعية، ولعل أكبر دليل على خطأ هذا المعتقد قيام المهرجان الدولي الخامس لأعياد الشباب وأعياد الصداقة والسلام عام 1955؛ بنسخ وتكبير لوحة "جورنيكا" لتغطي سورًا عريضًا في أحد شوارع "وارسو" الرئيسية، لما تتضمنه اللوحة من المناداة برسالة إنسانية ضد التخريب والعنف والغدر والحروب وفناء البشرية.

النضال الثوري
ويوافقه الرأى "فادي" –طبيب- مؤكدًا على أنه من الخطأ حصر الفن فى خدمته للقضايا السياسية أو الاجتماعية فقط، فهو يهتم بالإنسان من جميع الجوانب النفسية والفكرية والروحية، فالفن بلا أدنى شك جزء من النضال الثورى لحصول الإنسان على حريته، ضد أنظمة الفساد وآلة القمع والإرهاب، أما الحرية التي تؤمن بها الحكومات ما هي إلا كذبة، إذ تظل هذه الحرية متوفرة مادام الإبداع الفكري منعزل عن الناس ومقتصرًا على النخبة، حيث يقومون ببذل كل الجهد اللازم لإبعاد الفنون عن المجتمع، وعن الإنسان البسيط، مساهمين في خلق نوع من الفن الهابط والتسلية الرخيصة التى تساعد على تشويه وعي الجماهير.