ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مستقبل‮ ‬مصر‮ ‬مرهون‮ ‬بتلاقى‮ ‬الدينى‮ ‬والمدنى

يوسف سيدهم | 2011-12-18 00:00:00

 بقلم‮: ‬يوسف‮ ‬سيدهم


نكاد نبلغ منتصف الطريق فى مسار الانتخابات البرلمانية وجميع التيارات السياسية تتسابق فى حلبة المنافسة بالمرحلة الثانية للفوز بمقاعد مجلس الشعب.وكان من شأن النتائج التى أفرزتها المرحلة الأولى أن جلس كل فريق ليراجع حساباته ويعدل من خططه، فالنتائج بالقطع أدهشت أنصار التيار الليبرالى -إن لم تكن أدهشت أنصار التيار الدينى أنفسهم-بعدما أظهرت تفوقا واضحا لمعسكر التيار الدينى:حزب الحرية والعدالة الجناح السياسى للإخوان المسلمين ومن بعده حزب النور السلفى...فإذا كان ذلك انعكاساً لرأى الشارع المصرى وصندوق الانتخاب،لامفر إذاً‮ ‬من‮ ‬إعادة‮ ‬حسابات‮ ‬المتنافسين‮ ‬من‮ ‬أنصار‮ ‬التيار‮ ‬الليبرالى‮ ‬لحشد‮ ‬الصفوف‮ ‬فى‮ ‬المرحلتين‮ ‬التاليتين‮.‬


لذلك لم يكن مفاجأة الإعلان عن تحالف ستة أحزاب ليبرالية واتفاقها معا على دعم مجموعة مشتركة من مرشحيها للمقاعد الفردية بالمرحلة الثانية مع الإبقاء على قوائمها كما هى،بل إن هذه الخطوة تعد بمثابة تصحيح للمواقف السابقة المتعنتة التى شابت محاولات الائتلاف بين تلك الأحزاب حيث غلبت عليها المساومات الشخصية والنزعات الفردية،فتفرقت كل منها ووقفت فرادى أمام صندوق الانتخاب فراحت ضحية تفتيت الأصوات،وكان تأثير ذلك واضحاً على الحصيلة المتدنية أو المعدومة التى حصدتها من المقاعد البرلمانية.


أياً كانت النتائج التى ستتمخض عنها المرحلة الثانية-ومن بعدها المرحلة الثالثة-للانتخابات وأيا كانت الحصيلة التى سيحصدها كل فريق ليستحوذ على الأغلبية أو يقنع بالأقلية،فإن الوقت حان للتفكير فيما بعد الانتخابات وماذا يكون شكل الأداء البرلمانى فى دورة تعد الأهم والأخطر فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية؟....أقول ذلك لأن الساحة السياسية تموج حاليا بالاستنتاجات والتكهنات والتصريحات التى ترسم مشاهد وسيناريوهات لكيفية حكم مصر وخطوات تغيير مؤسسات الدولة وتعديل حياة المصريين لتتواءم مع أجندات وتطلعات شتى الفرق التى تتصدر السباق البرلمانى،ولا يخفى على أحد أن سيل التصريحات التى تنطلق فى هذا الصدد عبر وسائل الإعلام يفجر ردود أفعال مقلقة بين المصريين تتباين بين الحيرة والفزع والارتباك-وحتى السخرية-إزاء مايبدو أنه تهديد لركائز المجتمع المصرى وعبث بحياة المصريين وإحلال للتشدد‮ ‬محل‮ ‬الوسطية‮.‬


يقول البعض إنه لايمكن لأى فصيل سياسى أن يفرض أجندته الخاصة على جميع المصريين،ولايمكن لأية أغلبية برلمانية أن تختطف الدستور أو التشريع،وأن المصريين الذين نزلوا للشارع فى يناير الماضى ثائرين على نظام مبارك وجهازه الأمنى الرهيب ونجحوا فى إسقاطه رافعين شعارات الحرية والدولة المدنية لن يتوانوا عن النزول للشارع مرة أخرى للوقوف فى وجه أى محاولة لتغيير وجه الحياة المصرية أو اغتيال وسطية المجتمع المصرى...لكن هل ذلك هو السيناريو الوحيد المحتم أن تسلك فيه مصر؟...وهل مقدر على المصريين أن يظلوا فى حالة ثورة وصراع وهم يعيدون‮ ‬تشكيل‮ ‬مستقبل‮ ‬مصر‮ ‬الجديدة؟‮.‬
لا أتصور أن ذلك هو السيناريو الوحيد المحتم أن تمضى فيه مصر،بل هناك مسار آخر لإنقاذ الوطن من براثن التشرذم والعراك وهو مسار التواصل والحوار والتوافق..مسار البحث عن المساحات المشتركة التى تجمع الفصائل السياسية المختلفة...مسار البصيرة السياسية التى تغلب مصلحة الوطن‮ ‬وتعمل‮ ‬على‮ ‬جميع‮ ‬الشمل‮ ‬لما‮ ‬فيه‮ ‬صالح‮ ‬كل‮ ‬المصريين‮.‬


فى هذا السياق أتصور أنه على كل من قادة التحالفات الليبرالية وقادة التحالفات الدينية أنه يبحثا عن بعضهما البعض وأن يدخلا فى حوار سياسى لتأسيس توافق وطنى حول كيفية إدارة شئون البلاد واجتياز المرحلة الانتقالية المقبلة بأمان وسلام لتحقيق الاستقرار والتركيز على الإصلاح والتنمية...ولست أجد ذلك عسيراً أو صعب المنال،لأن وسط صخب التصريحات المتشددة الأصولية التى غزت وسائل الإعلام فى الفترة الماضية لم أغفل عن التقاط أصوات حكيمة عاقلة تدعو للتوافق الوطنى وللعمل المشترك وتؤكد التزامها بصيانة وسطية المجتمع المصرى وحماية حريات‮ ‬المصريين‮ ‬وعدم‮ ‬فرض‮ ‬شئ‮ ‬غريب‮ ‬يتعارض‮ ‬مع‮ ‬الشخصية‮ ‬والطبيعة‮ ‬المصرية‮.‬


هذه الأصوات الحكيمة ليست مقصورة على فصيل سياسى ليبرالى بعينه،إنما هى صادرة من داخل حزب الحرية والعدالة-الجناح السياسى للإخوان المسلمين-عن قيادات الحزب التى سبق أن جمعتنى بهم لقاءات بناءة على مائدة المواطنة أثبتت أن هذه القيادات تقدر أهمية وخطورة مرحلة إعادة بناء مصر وأن هذه المرحلة ملك لكل المصريين وتتسع لهم جميعا بلا أى شكل من أشكال الفرز أو فرض أجندة بعينها على أى منهم...هذه الأصوات لا يجب أن تترك تذهب أدراج الرياح وعلى سائر الفصائل السياسية الليبرالية أن تلتقطها وتتجاوب معها لتنسيق العمل الوطنى فى المرحلة‮ ‬الدقيقة‮ ‬المقبلة‮.‬


مهما كانت النتيجة التى ستفضى إليها انتخابات مجلس الشعب-ومن بعدها انتخابات مجلس الشورى-ستظل تجربة الانتخابات بآلياتها الجديدة تجربة ثرية نجحت فى إخراج المصريين من اللامبالاة إلى المشاركة بفاعلية وحماس فى صندوق الانتخاب...لكن سيظل التحدى الحقيقى مرهوناً بنجاحهم‮ ‬فى‮ ‬التلاقى‮ ‬حول‮ ‬مائدة‮ ‬العمل‮ ‬الوطنى‮ ‬لإنقاذ‮ ‬مصر‮.‬

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com