بقلم : نسيم عبيد عوض
وأنا أتابع مايحدث على أرض مصر هذه الأيام ‘ من قتل وسفك دماء ‘ وإذلال وإهدار كرامة المصرى على أرضه ‘ والقاتل والمذل ومهدر الكرامة للمصريين هو مصرى أيضا ‘ تذكرت على الفور ما قيل من الوحى الإلهى فى سفر إشعياء النبى قول عجيب نقرأه سويا (( كيف صارت القرية الأمينة زانية .ملآنة حقا كان العدل يبيت فيها . وأما الآن فالقاتلون . )) ويتكلم الوحى الإلهى عن مدينة أرشليم القرية الأمينة عندما كانت فى حماية الله ‘ تتمسك بوصاياه وتتبع مشيئته ‘ كان العدل والحق يبيت فيها ‘ ولكنها عندما إنحرفت عن عبادة الله وناموسه ‘ وانحرفت لعبادة الأوثان ‘ أصبحت كعروس تزنى ‘ وعندما إنكشفت من غطاء العدل والرحمة ‘ أصبح القاتلون يبيت فيها ويتحكمون فى مقاديرها ‘ وهذا ماطرأ فى فكرى على الفور وأنا أشاهد سيدة دكتورة مصرية تنهار وتبكى على شاشات التلفزيون وتسأل لماذا يقتل المصريون أخوتهم أبناء وطنهم ‘ وكيف لهم أن يدوسوا بأقدامهم رؤوس أمرأة مسحولة على الأرض ‘ ومن هم هؤلاء القتلة وسافكى الدم ‘ هم لا يمكن أن يكونوا مصريين
‘ ولقد أبكتنى هذه السيدة وهى توصف كم من الدماء تسيل من أجساد شباب يانع فقد حياته ومنهم من فقد عينه أو عيناه ‘ وفى وصفها لما رأته أبكتنى على حاله لم أشاهدها لا فى نكسة 67 أو حرب 73 التى إشتركت فيهما ‘ كيف صار الشعب المصرى يحكمه القتلة وسافكى الدماء ‘ وآسفنى إلقاء المسئولية على هؤلاء المجندين ‘ وكل من خدم فى العسكرية يعلم إنها الطاعة العمياء لأوامر القادة الضباط ‘ وبالفعل قال أحدهم ان الشئون المعنوية للقوات المسلحة ‘ أعطت شحنة قوية لهؤلاء الجنود ان هؤلاء الثوار ماهم إلا أعداء الوطن ‘ فقاتلوهم تنقذون مصر ‘ هكذا شحنوا المجندين وما عليهم إلا التنفيذ ‘ وحاضر وتمام ياأفندم ‘ فالمسئولية تقع على من أصدر الأمر بالقتل والقتال وإعلان الحرب على شعبه.
وأريد أن أقولها بصراحة متناهية ‘ ان المجلس العسكرى الحاكم الآن للبلاد ‘ ومهما قال أو أعلن ‘ أنه يخطط لحكم البلاد بالقوة وبالدكتاتورية ‘ ولا يخيل علينا كل مظاهر الإنتخابات وجو شبيه بالديمقراطية ‘ فهناك مخطط واضح ‘ أنهم لن يتركوا حكم مصر ‘ السبب الأول لقتلهم وسفك دماء هذا الشعب لا يمكن أن يفعلة حاكم ينوى الرحيل ‘ لأنه يعرف تماما ان هذا الشعب لن يتركة بدون محاكمة ‘ كيف أحدث إنشقاقا فى قلوب المصريين وأحرق ولائهم له ‘ بعد أن حرق قلوبهم على فلذات أكبادهم ‘ وبعد أن هدم جدار الثقة فيه وفى عساكرة ‘ كيف لهؤلاء أن يتركوا كراسى الحكم الديمقراطى الحر الذى سيفتح الملفات ويحاسب القتلة على جرائمهم ضد إنسانية المصرى وكرامته ‘ إن هناك بغضة وكراهية فى النفوس ضد هؤلاء الأوغاد الذين بجبروت الملابس العسكرية وبطش وقوة السلاح بيدهم ‘ أهدر كرامة المصرى فى الأرض وبعد أن خرج الشعب يصفهم بالأوباش‘ وعلى مرأى من العالم كله ‘ خسر ثقة وإحترام الدنيا ‘ كيف له أن يرحل والعقاب فى إنتظاره ‘ سواء من قضاة مصر أو من المحاكم الدولية .
السبب الثانى لتخطيط المجلس العسكرى للبقاء فى الحكم والذى هو أصلا تخطيط مبارك وهوفى الحكم ‘هو ميزانية القوات المسلحة ‘ ولقد كتبت أكثر من مقالة عن هذا ‘ وأكرر تحدياتى لأى مسئول فى الدولة من وزير المالية أو من رئيس مجلس الشعب أو من حتى أعضاء المجلس العسكرى ‘ أن يعلن لنا عن حجم ميزانية القوات المسلحة ‘ التى كانت أمر شخصى بين المشير طنطاوى ومبارك وما زالت ‘ ولا أحد غيرهم فى مصر يعلم عنها شيئا ‘ فكيف يتركون الحكم ‘ وخصوصا وان الصرف من هذه الميزانية وهى أموال الدولة ستخضع لرقابة من أجهزة الدولة وأعضاء مجلس الشعب ‘ ولو حتى من لجنة محدودة العدد ‘ ولكن هناك أيضا رئيس الدولة المدنى الذى سيكون الأمر فى يده وتوقيع الشيكات الكبيرة منه شخصيا ‘ ورقابة هذه الميزانية والصرف منها مسئوليته .
ولكن رغم ذلك أتساءل هل هذا الشعب الذى خرج بثورته عن كل مألوف ‘ وهو مازال ثائرا حتى وقتنا هذا ‘ هل سيتراجع عن القبض على هؤلاء القتله وسفاكى الدماء ومهدرى كرامة شعبهم ‘ هل يتنازل عن الذين أفسدوا أرض مصر ونجسوا طهارتها ‘ وهل سيسمحون لرافعى رايات الدين المتمسحين بالعسكر بحكم البلاد ‘ لا أعتقد ان هذا سيحدث ‘ ولو طالت الثورة وارتفعت أرقام التضحيات ‘ هذا الشعب الذى قبل راضخا على نفسه كل هذا الإذلال والعبودية والقهر ‘ واصبح الآن الأمر بيده ‘ لا أعتقد انه سيتنازل ‘ إلا إذا قتلتم شعب مصر كله فى وقت واحد ومحيتم إسمه من الوجود ‘ فقط حكم الأشباح ‘ وهذا لن يحدث ‘ وخصوصا ولقد وجد المصرى أن المسجونين فى ليمان طرة ‘ حالتهم أحسن وأكرم من حياته ‘ وهو خارج السجن ‘ وأصبح له سجن خاص محوط بالصاعقة والمظلات والثلاث سبعات .
والأمر الآخر هناك التيارات الدينية القادمة للسلطة التشريعية ‘ وهم جماعة الإخوان المسلمين والتى يرى الكثيرين انهم عقدوا صفقة مع المجلس العسكرى فى سبيل وصولهم للمجلس الشعبى ولكراسى الوزارة ‘ وأيضا السلفيين وهم المؤمنين بان الطاعة لله وللرسول ولأولى الأمر " فهم لا يشكلون عقبة أمام سلطة المجلس العسكرى ‘ ولكن ثوار مصر وشبابها هو العقبة أمام المجلس العسكرى ‘ والذى أعتقد انه بعد أن جرب معهم القوة الغاشمة والقتل ولم تنجح ‘ سيفكر فى أسلوب مختلف ‘ وقد بدأت فعلا اليوم تخرج علينا أنباء عن تحذير المجلس العسكرى من يوم 25 يناير ‘ وأن هناك مؤامرة على مصر ‘ وهذا مقدمة لمخطط لمحو ثورة الشباب ‘ وخصوصا وأن مجلس الشعب سيكتمل إنعقادة يوم 23 يناير ‘ ومن المعلوم أنه يمكن تسليم سلطة المجلس العسكرى لرئيس مجلس الشعب على الفور ‘لآن سلطة العسكريين هى تكليف بإدراة أمور البلاد ‘ لخلوها من السلطة التشريعية .
كل هذا وارد وفى الحسبان ‘ هذه أيام خطيرة للغاية على شعب مصر ‘ وعليه أن يعى مخططات التدمير حوله ‘ ومحاور تلتف حوله لأبقاء سلطة العسكرى فى الحكم ‘ أو تفجير الفوضى فى أنحاء مصر بصورة لا ياتى منها إلا إبقاء حكم العسكر ‘ وعلينا ووطنيين بلدنا ومثقفيها ان يتحوطوا لهذه المخططات ‘ لا تلتفتوا الى تهديد المؤامرة الخارجية ‘ فالعالم يبغى سلام وإستقرار مصر ‘ ولكن إهتموا بمؤامرات داخلية على درجة عالية من التسلح بأموال قطر والسعودية وبكل فخاخ الوقيعة والسيطرة ‘ ونطلب من إلهنا أن يسند مصر فى هذه الأيام وفى مستقبلها حتى يحميها شر الشرور والأشرار.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com