فى أول هجمات منسقة فيما يبدو بالعاصمة العراقية بغداد منذ اندلاع الأزمة السياسية بين الحكومة التى يقودها الشيعة، ومنافسوها السنة بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق، سقط عشرات الجرحى والقتلى أمس جراء سلسلة من التفجيرات بعبوات ناسفة وسيارات مفخخة فى ضواحٍ متفرقة فى بغداد، معظمها تعيش فيها غالبية شيعية.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية زياد طارق إن ٥٧ شخصاً قتلوا فيما أصيب ١٧٦بجروح، بينما رفع مصدر بوزارة الداخلية المحصلة إلى ٦٣ قتيلاً و١٨٥مصاباً. وأعلن المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد، قاسم عطا، أن عدد الهجمات التى وقعت فى ساعة الذروة بلغ ١٢، مشيراً إلى أنها «لم تستهدف مناطق حيوية أو أمنية بل استهدفت مدرسة ومواقع عمل وهيئة النزاهة ومواطنين»، وأضاف: «لم نتهم جهة معينة حتى الآن، إلا أن المواطنين يدركون من هى الجهة التى تقف خلف هذه الأحداث فى هذه الظروف»، فى إشارة إلى الأزمة السياسية الحالية.
وقالت مصادر أمنية إن الهجمات شملت أحياء الكرادة والعلاوى والأمين والشعب والعامل والدورة والشعلة والغزالية والأعظيمة (ذات الأغلبية السنية). وتسببت الهجمات فى فوضى بشوارع المدينة التى كانت تجوبها سيارات الإسعاف دون توقف، فيما انتشرت قوات الجيش والشرطة فى أنحاء العاصمة.
وتعد هذه الهجمات الأعنف التى تستهدف العراق منذ أشهر، كما أنها أول سلسلة هجمات منذ اكتمال الانسحاب الأمريكى. ويمكن اعتبارها أول مؤشر على تصاعد العنف فى وقت يشهد فيه العراق أزمة سياسية حادة، مع سعى رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى (شيعى) إلى تهميش ٢ من الزعماء السنة بعد سنوات محدودة فقط من أعمال عنف طائفى دفعت العراق إلى حافة الحرب الأهلية، حيث تم إصدار مذكرة توقيف بحق نائب الرئيس طارق الهاشمى (سنى) المتهم بالإشراف على فرق موت، فيما طلب المالكى من البرلمان سحب الثقة عن نائبه السنى صالح المطلك بعدما وصفه بـ«الديكتاتور»، فى تطورات باتت تهدد التوافق السياسى الهش الذى تستند اليه الحكومة.
وكانت كتلة «العراقية» (٨٢ نائباً من أصل ٣٢٥) التى يقودها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوى، وينتمى إليها الهاشمى والمطلك، قررت، فى وقت سابق، مقاطعة جلسات البرلمان وجلسات الحكومة، التى دشنت أمس عامها الثانى فى الحكم، متهمة المالكى بتسيييس القضاء والانفراد بالسلطة، بينما هدد رئيس الحكومة باستبدال الوزراء المنتمين إلى الكتلة إذا واصلوا مقاطعة جلسات الحكومة، ملمحاً أيضاً إلى إمكان تشكيل حكومة «أغلبية سياسية».
وعلى وقع تهديدات المالكى، أعلنت «العراقية» مساء أمس الأول أنها تدرس تقديم طلب للبرلمان من أجل حجب الثقة عن المالكى، فى خطوة من المستبعد أن تفلح. وعزا المتحدث باسم الكتلة النائب حيدر الملا مساعى «العراقية» إلى «خرق (المالكى) للدستور ومخالفته للقوانين المرعية وإثارته للازمات التى بدأت تهدد الأمن والسلم الاجتماعى»، وطالبت الكتلة «الشركاء فى التحالف الوطنى» بتقديم مرشح جديد لرئاسة مجلس الوزراء لتشكيل «حكومة ما بعد الاحتلال»، وأوضح الملا أن «العراقية»- وهى الحزب الرئيسى الذى يدعمه السنة- ترفض دعوة المالكى للحوار، «كونه يمثل السبب الرئيسى فى الأزمة والمشكلة وليس عنصراً إيجابياً فى الحل».
ومن ناحيته، حذر وزير الخارجية العراقى هوشيار زيبارى (كردى) أمس الأول من أن العراق سيكون عرضة لمزيد من التدخل الإقليمى فى شؤونه ما لم يتوصل زعماؤه على وجه السرعة إلى حل للأزمة السياسية المتصاعدة، معتبراً أن التصعيد ليس فى مصلحة أى طرف، ورأى زيبارى أن أكبر تحد يواجه العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية هو تحد سياسى ويليه الأمن.
ويرى محللون أن الأكراد هم الذين يستطيعون الآن التوسط بين الزعماء الشيعة والسنة المتخاصمين فى العراق، مرجحين أن يمارسوا هذا الدور فى الأيام المقبلة فى محاولة لإحياء، أو ربما إعادة صياغة صيغة التوافق فى البلاد.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com