فى مساء مثل هذا اليوم من عام ٢٠١٠ وقعت الجريمة المروعة التى هزت مصر والعالم، ارتكبتها أيادٍ شريرة، حولت الغناء إلى نحيب، وأطفئت الشموع بالدموع وجعلت من عيد الميلاد مأتماً بإزهاق أرواح أكثر من ٢٤ مصرياً وإصابة ٩٦ آخرين فى عملية تفجير بشعة لكنيسة القديسين فى سيدى بشر بالإسكندرية، وقتها استولى الانقباض على القلوب التى استشعرت أن أول القصيدة كفر بالاستقرار، وأن القادم لا يبشر بخير، وأن هناك من لا يريد إحراق كنيسة القديسين فحسب بل يريد إحراق مصر كلها، لنشر رائحة الهلع والخوف والحذر فى كل مكان.
وفى محاولة للفهم انطلقت الأقلام لتجتهد فى البحث عمن له المصلحة فى زيادة الاحتقان الطائفى وتوظيف ذلك الملف الشائك من أجل ضرب استقرار مصر فى مقتل، البعض وجه التهم لإسرائيل استناداً لما اعترف به مدير مخابراتها فى ذلك الوقت من أنه قد أمكن توظيف ملف الفتنة الطائفية فى مصر وتأجيج العصبية الدينية بما يخدم مصالح إسرائيل، والبعض حمل المسؤولية لتنظيم القاعدة بعد أن أعلن أحد أعضائه صراحةً نية التنظيم فى استهداف الكنائس المصرية، لكن لم يدر بخلد الكثيرين أن يُتَّهم فى تلك القضية من أُنيط به حماية الأمن فى البلاد ورعاية مصالح عباد الله.
لم يدر بخلد الكثيرين أن وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى وبعض معاونيه من أبالسة النظام السابق سيكونون من المتهمين فى التخطيط لتفجير كنيسة القديسين، وستكون هناك مؤشرات متعددة تؤكد تورطهم فى ارتكاب تلك الجريمة البشعة ويكفى أن نذكر منها: أن المخابرات البريطانية أكدت أن وزير الداخلية المحبوس حالياً شكل منذ ست سنوات جهازاً خاصاً يديره ٢٢ ضابطاً وبعض أفراد الجماعات الإسلامية المحبوسين بسجون وزارة الداخلية وأعداد من المسجلين الخطر وتجار المخدرات وأصحاب السوابق، ومهمة هذا الجهاز أن يكون قادراً على إحداث تخريب شامل فى جميع أنحاء مصر.
عندما يتعرض أمن النظام للاهتزاز وتنفيذ أى مؤامرات من شأنها بناء توازنات فى مصلحة النظام، ومنها كانت مؤامرة تفجير كنيسة القديسين، والتى بدأت بمعرفة رائد مقرب من حبيب العادلى وبمشاركة أحد المحبوسين المنتمين لجماعة اسمها جند الله، وقد استعان كلاهما بالشخص الذى سيقوم بوضع السيارة المفخخة أمام الكنيسة، وقيل له إنك سوف تضع السيارة وهى ستنفجر تلقائياً بعد ذلك، لكنها انفجرت بيد الرائد عن بُعد قبل أن يغادرها الشخص، وأكدت صحة تلك الرواية ما نشرته جريدة اليوم السابع بتاريخ ٣/٣/٢٠١١ حول وجود خطة مسبقة من جانب حبيب العادلى لتفجير كنيسة القديسين.
وذلك عندما كلف بتاريخ ٢/١٢/٢٠١٠ القيادة ٧٧ ببحث إمكانية تكتيف الأقباط وإخماد احتجاجاتهم المتتالية، وإجبار البابا شنودة على تهدئة نبرته فى مخاطبة النظام، وذلك عن طريق تنفيذ عمل تخريبى ضد الكنيسة فى توقيت محدد، بعده يتم إلصاق التهمة بإحدى القيادات المسيحية التابعة للكنيسة بعد جمع التحريات من المعمل الجنائى والنيابة العامة ثم إطلاع البابا شنودة على نتيجة التحقيقات سراً ثم مفاوضته على القبول بأحد الخيارين: إما إخماد الاحتجاجات القبطية المتتالية على أتفه الأسباب وتخفيف حدتها مع القيادات السياسية وعدم تحريض الأقباط على التظاهر والاحتجاج، وإما الإعلان عن القيادة الكنسية المتورطة فى تدبير الحادث وإظهار الأدلة على الملأ أمام الرأى العام المحلى والعالمى لتأليبه على الكنيسة.
كل هذه اتهامات أَليَق بأن تلصق بشياطين وليس بأشخاص حكموا مصر، اتهامات كان من المفترض أن تقيم الدنيا ولا تقعدها، لكن الدنيا ناعمة نائمة وكأن من ماتوا من بلاد واق الواق وليسوا من مصر، وكأن من ارتكب هذه الجرائم فوق مصر وقانون مصر وشهداء ومصابى مصر، والغريب أنه رغم مرور عام كامل على تلك الحادثة المؤلمة لم يتمكن محامى الضحايا من تصوير ملف القضية من نيابة أمن الدولة العليا إلا منذ ٥ أيام فقط، رغم مرور عام كامل على تلك الحادثة المؤلمة لم تتكشف الحقائق ولم يُحاكم العادلى وأى من عصابته على ما فعلوا بالأقباط وبمصر كلها.
ليس المراد من محاكمة العادلى هو مجرد التشفى فيه أو رؤيته معلقاً بحبل المشنقة لكن يجب كشف الحقائق عن التنظيم الإجرامى الذى كونه، وما مصيره؟ ومدى قوته؟ ومن يموله إذا كان لا يزال موجوداً؟ وكيف تجرأ على دور العبادة بهذا الشكل؟ يا سادة، لا أحد فوق القانون ولا مجاملة فى الحقوق، ولا معنى للتباطؤ فى محاكمة العادلى وعصابته، فمن أخطأ يجب أن يدفع الثمن، ومن استباح إزهاق أرواح الأبرياء وجب القصاص منه ومن هانت عليه مصر لا يستحق الرحمة مطلقاً، فلماذا يرحم العادلى إذن؟ لكم الله يا شهداء مصر.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com