بقلم: جرجس وهيب
على الرغم من التصريحات المستفزة والغريبة التي تصل لحد التكفير والعدوانية التي صدرت خلال الفترة الماضية من عدد كبير من قيادات الأحزاب الدينية الإسلامية ضد الأقباط والكنيسة، وخاصةً حزبي "النور" و"الأصالة" السلفيين، والتي كان آخرها تصريح رئيس حزب "الأصالة" السلفي اللواء "عادل عبد المعطي"- والذي لا أعلم كيف كان لواءً سواء بوزارة الداخلية أو بوزارة الدفاع- بأنه لا يجوز تهنئة الأقباط بعيد الميلاد لأن في ذلك مخالفة للعقيدة الإسلامية، ولأن الكنيسة لم تحاسب من تجاوزوا- حسب زعمه- ضد الإسلام- ومن قبل هذا التصريح صدرت العشرات من التصريحات من قيادات حزب "النور" السلفي جميعها تصب في أن الأقباط ليسوا مواطنين درجة أولى في "مصر"، فالأقباط لابد أن يدفعوا الجزية للمسلمين لكي يدافعوا عنهم، ولا يجوز تجنيد الأقباط في الجيش المصري، كما أن القبطي لا يجوز أن يكون عضوًا بالبرلمان المصري؛ لأن البرلمان المصري من مهامه التشريع الذي لابد أن يكون طبقًا للشريعة الإسلامية. ولا يجوز أن يكون القبطي رئيسًا للوزراء أو حتى وزيرًا. كما أن الأقباط وعلى أكثر من لسان لقيادات بحزب "النور" السلفين، ومنهم الدكتور "ياسر برهامي"- نائب رئيس الحزب- "كفار" وإنهم يبغضونهم.
بالإضافة إلى أن السلفيين أول من تظاهروا ضد الكنيسة وقداسة البابا "شنودة الثالث" بحجة احتجاز عدد من القبطيات ممن أشهرن إسلامهن. وتعرَّض قداسة البابا- الذي يحظى بحب وتقدير كافة فئات الشعب المصري والعالم العربى حتى أنه يُطلق عليه في بعض الدول العربية "بابا العرب"- خلال هذه التظاهرات لحملة شتائم لم تعهدها "مصر" من قبل ضد قداسة البابا، بل ديست صور قداسة البابا خلال هذه المظاهرات الهمجية بالأحذية!!.
سيل من التصريحات العدوانية والعدائية وغير المسئولة صدرت من عدد من قيادات الأحزاب الدينية، وخاصة الأحزاب السلفية. ومع هذا كعادة أقباط "مصر" والمسيحيين بصفة عامة، مد يد المحبة للجميع حتى لمن أساء إلينا.. هكذا علمنا السيد المسيح. فرئيس الكنيسة الأرثوذكسية البابا "شنودة الثالث" أعطى تعليمات بإرسال دعوات للجميع لحضور قداس عيد الميلاد المجيد، حتى منْ تطاولوا عليه ومن كفّروا الأقباط في واحدة من أنبل الدعوات، وأن نرد على الشر بالخير والمحبة.
كما قامت العديد من الوفود القبطية بعدد من المحافظات بزيارات لنواب حزب "الحرية والعدالة" و"النور" السلفي لتقديم التهنئة لهم ومد يد المحبة السلام.. هكذا الأقباط دائمًا دعاة محبة وسلام وتعايش ووطنية.
تقديم المحبة من قداسة البابا "شنودة الثالث" للجميع، وزيارات الوفود القبطية لنواب التيار الإسلامي، هذا ليس نوعًا من الخوف، فنحن لا نعرف الخوف، ومن لا يعرف تاريخ الأقباط عليه قراءة تاريخ الأقباط المشرِّف؛ فالأقباط هم أحفاد عشرات الآلاف من الشهداء على مر العصور.. أسمى شىء لديهم هو الاستشهاد على اسم المسيح.
ومع هذا نبادر بتقديم المحبة التي لا نعرف سواها. وفي مقابل هذه المحبة لن نرضى ولن نوافق على أي قوانين تخالف الشريعة المسيحية، أو تهمشنا، أو تعاملنا كمواطنين درجة ثانية، أو تحرمنا من بعض المناصب القيادية. وإذا حدث ذلك ستتحوَّل الحملان إلى أسود للدفاع عن حقوقها في الحياة في "مصر" في ظل شريعتنا التي لن نرضى عنها بديلًا مهما كانت التضحيات.
الأقباط والكنيسة قدَّموا محبة على الرغم من تقديم البعض- وليس الكل- كراهية دون مبرِّر، ويبقى على هؤلاء أن يراجعوا أنفسهم مرة أخرى، ويراجعوا أفكارهم؛ ليعم "مصر" السلام والمحبة، وتعود "مصر" لقيادة العالم كما كانت في عصور كثيرة أهمها عصر الفراعنة، ولتكون قدوة لجميع البلدان العربية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com