في حديث لإذاعة هولندا العالمية مع ثلاثة ناشطين أقباط عشية عيد الميلاد المجيد أجمع ثلاثتهم على أن 'عهد الخوف قد ولى'.
مشهد من ليلة رأس السنة:
اقتحمت مجموعة غاضبة من الشبان المسلمين منزل طالب قبطي في أسيوط في جنوب مصر وهي تردد صيحات الله اكبر! لأن الطالب المذكور قد وضع صورة مهينة للنبي محمد على صفحته في فيسبوك حسب زعمهم.
يبدو المشهد مألوفا بالنسبة لنا: إنها ليست المرة الأولى التي تسبب فيها صورة ما غضب المسلمين وهلع المسيحيين. أية دعوى غامضة وغير موثوقة يمكن أن تشعل فتيل العنف في الأجواء المتوترة.
بالرغم من ذلك يرى الناشط القبطي بيتر طلعت أن هنالك تغير ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير في مصر. فقد 'بدأ الأقباط في مصر يسمعون عن أنفسهم ويسمع الآخرون صوتهم'، حسب طلعت الذي يضيف: 'لم تتحسن أوضاعهم لكنهم أيضا مثل غيرهم من المصريين تخلوا عن الخوف وتخلصوا منه'.
لكن الكثيرين من الأقباط يبقون في بيوتهم خائفين ويفكر الكثير منهم في مغادرة البلاد خوفا من أعمال العنف؟ يجيب بيتر طلعت على هذا السؤال بثقة: 'حتى في ذلك لا يختلفون عن كثيرا من المسلمين الخائفين أيضا، ونسبة الخائفين بين المسحيين والمسلمين متساوية تقريبا. هنالك خلل واضح في الأمن ولم يعد الناس واثقون من أمنهم في المستقبل.'
ويرى طلعت أن العنف الذي تشهده مصر يختلف عن العنف الذي كان في السابق والعنف حاليا لا يستهدف المسحيين بالتحديد والذين يعتدون على المسيحيين مجموعة صغيرة من الجهلاء. 'ينبغي ألا يساء استخدام ذلك سياسيا. مبارك استخدمها لتخويف الأقباط من الإخوان المسلمين، والإخوان المسلمون يحاولون الآن تخويفنا من السلفيين.'
يؤيد بيتر طلعت حزب المصريين الأحرار الذي يدعو لإقامة دولة مدنية في مصر ويرى أن الجيش هو القوة الوحيدة التي تستخدم العنف المنهجي ضد المواطنين، ويقول أن العسكر يتصرفون وكأن المصريين أغبياء.
أما رسالته للمسحيين في عيد الميلاد الذي تحتفل به الكنائس الشرقية في السابع من يناير فهي رسالة سلبية يقول فيها إننا لا يمكن أن نحتفل والناس يقتلون وعلينا أن نلبس جميعا السواد في ذلك اليوم'.
وفي الوقت ذاته تحاول مختلف الأطراف تجاوز بعضها البعض لتثبت أنها تريد حماية المسيحيين وقادرة على فعل ذلك. لم يقتصر الأمر على متظاهري ميدان التحرير الذين تنادوا إلى تشكيل حزام وقائي في أعياد الميلاد، ولكن أيضا تنظيم جماعة الإخوان المسلمين الذي خاطب المجلس العسكري الحاكم مرارا عبر وسائل الإعلام مؤكدا أنه قادر ليس فقط على حماية صناديق الاقتراع وإنما أيضا الأشقاء المسيحيين. حتى حزب النور السلفي شجع أتباعه على تشكيل لجان خاصة لحماية الكنائس في يوم عيد الميلاد.
وكان بالإمكان أن تنتشر هذه العملية على نطاق أوسع بحسب إبراهيم رفيق طلعت في الحزب إلا أن 'السلطة شيء مختلف عن المعارضة. إذا وصل الإخوان المسلمون للحكم فعليهم أن يتغيروا'.
ويرى احتمالين:' إما أنهم سيرهبون الأقباط وعندئذ لن يتستروا وراء 'التشنجات الطائفية' ولكن وراء عنف الدولة الذي سيندد به العالم كله، أو أنهم سيقومون بنفس ما قام به مبارك، وهذا هو الأرجح، ليبينوا أنهم يبذلون قصارى جهودهم لحماية المسيحيين'.
اختار المرشح البرلماني أمين اسكندر إستراتيجية مختلفة تماما: فمن وضعية انتمائه للناصرية وكونه مسيحيا، فقد ترشح باسم حزبه الناصري على قائمة الحرية والعدالة، وهو الزراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين.
كان عليه أن يشرح هذا الاختيار مرارا وتكرارا. 'بعض المسيحيين يعتبرونني خائنا. ولكنني أعتبر نفسي جسرا' بين الجانبين. وهو لا يتجاهل الحساسيات بين الطرفين.
يؤكد إسكندر الذي يرى أن هناك ثلاثة أسباب للتوتر: عدم وجود رؤية جماعية واضحة منذ فقدت القومية العربية مجال تواجدها. انتشار الأيديولوجية الوهابية التي عاد بها العمال المصريون من السعودية والخليج، ثم غياب الوعي السياسي.
'أنا سياسي، وأنا لست أعمى'، يقول اسكندر مضيفا: 'أعرف أن هناك من المسلمين من لا يصوت لمسيحيي والعكس صحيح أيضا، ولكنني أحاول اختراق الخطاب الطائفي، ونحن لن نكون في البرلمان لأداء صلاة الجمعة أو قداس الأحد'.
ويرى إسكندر أن البرلمان هو أفضل مكان لتحقيق شيء ما، ويفضل أن يتم ذلك بالتعاون مع أحزاب إسلامية أضحت قوية. سيتحتم على الإسلاميين أنفسهم أن يقدموا تنازلات وتوافقات. 'إذا سألني: كيف سأجعل صوت الأقباط مسموعا فسأقول لك: لنضع عشرين مرشحا قبطيا على قائمة أحزاب إسلامية ثم نعمل على أن يفوزوا في الانتخابات'.
هذا هو الوقت المناسب بالنسبة للمسيحيين والمسلمين في مصر من أجل تأكيد ذواتهم، يؤكد بيتر طلعت، مضيفا: 'إذا بقيت في البيت تنتظر ماذا سيحدث ومن سيصل إلى الحكم، فستلقى من الله جزاء ما فعلت'.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com