ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

البخلاء يتحدون الملل

سحر غريب | 2012-01-07 00:00:00
بقلم: سحر غريب
هل جربت ان تتعامل مع بخيل، بخيل في المادة وبالتبعية بخيل أيضا في العاطفة، هل كنت يوماً طفلاً لرجل بخيل جداً لا يعطيك إلا الفتات ليكدس هو الأموال وكأن عقله المريض بداء لا علاج منه صور له ان كل ماسيجمعه في الدنيا سيصحبه معه في الآخرة.
تحكي صديقتي ابنة الرجل البخيل عن ابيها فتقول : كنا اربعة فتيات في العيد كان ابي يُصاب بنوبة كرم فجائية غير اعتيادية بالمرة منه فيشتري لنا قطعة ملابس واحدة ويجلس بجوارنا ليشرح لنا جدول استخدام البلوزة او البنطلون الجديد، يعطينا الجدول ثم يتركنا لنتبارز أينا سترتدي قطعة الملابس الجديدة  أول أيام العيد.
 
وغالباً ماينتهي الحوار إلي معركة شد شعر لتفوز أقدرنا علي الصمود امام الزوابع التي يثيرها ابينا بيننا، كنا ننسي الجاني الأساسي وهو أبي الذي وضعنا داخل هذا المأزق المُحكم لنمسك في بعضنا البعض ونام هو هانئ البال لأنه علمنا أن البقاء للاقوي والأكثر صلابة، كان العيد يمر علي واحدة مننا فقط أما بقية الفتيات فلا عزاء لهن، اما العيدية فكانت جنيهاً واحداً يدفعها من هنا ثم يجلس أيضا ليعطينا درساً عظيماً عن فوائد الاستثمار الآمن تحت مخدة السرير، كنا نستمع إليه وكلنا آذان صاغية منتظرة لتتعلم دروسها عن ظهر قلب.
 
 
ثم نضع النقود القليلة تحت المخدات البالية وفي أول خلاف بيننا كان يجمع منا ماسبق وان أعطانا إياه بحجة اننا بنات مسرفات وانه دللنا ببذخه الشديد علينا، أما عن الزيارات العائلية فكانت من المُحرمات داخل بيتنا الصغير، وكانت حجته أنه يخشي علينا من تعب الطريق والحقيقة التي اكتشفناها عندما بدأنا نفهم ونعي حقيقته المُفجعة أنه لم يكن يرغب في ان نتزاور مع اقاربنا وخصوصاً الكرماء منهم حتي لا تصيبنا عدوي السفاهة والإسراف والتطلعات، كنا فتيات محرومات حتي من كرم الخال والعم، وعندما اخطأ والدي واخذنا إلي اخيه بعد إلحاح شديد ثم وجدنا نتكلم عن اخيه هذا وكأنه المهدي المنتظر واب الاحلام الوردية، فبناته كن في ابهي صورة واجمل منظر ومائدته كانت عامرة بصورة لم نشاهدها إلا في الأفلام فقط وحنانه كان فائضاً عن الحد فكان يرسله إلينا، ومن يومها كان سؤالنا الأسبوعي له متي سنذهب إلي عمي مرة أخري وبعد عدة أسابيع من الحجج والمماطلة.
 
 رد ابينا علينا وقال : انسوا اننا نروح تاني لعمكم، الزيارة يجب ردها ورد مثل تلك الزيارة سيكلفنا الكثير والكثير، هو راجل سفيه لكن أنا اعرف ثمن القرش، ومن يومها وأعلن أبي المقاطعة عن عمي ورفض رفضاً قاطعاً أي محاولات للتطبيع معه ومع عائلته، ولكننا تعلمنا يومها أن في الدنيا كرماء كما أن فيها بعضاً من البخلاء.
 
اليوم كبرت صديقتي وتزوجت وفي مخيلتها صورة أبيها البخيل تتراقص أمام عينيها لم تحاول ان تتعلم منه شيئاً ونسيت جميع دروسه وكلما اطل بجيناته داخلها قاومت نفسها حتي لا تكرر المأساة مع بناتها.
وكل سنة وانتم كرماء ولستم بخلاء.
 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com