انتهت عمليات فرز المرحلة الثالثة والأخيرة من هذه الانتخابات، ورغم الغلبة الواضحة لأصوات الأحزاب الإسلامية فإنه لا يوجد واحد منها - بما فيها «الإخوان» - حصل على أغلبية «النصف زائد واحد» التي تؤهله لكي يكون القوة التصويتية المرجحة داخل المجلس التشريعي. ويوم 23 الحالي يعقد البرلمان أولى جلساته، وهي جلسة إجرائية لاختيار رئيس المجلس ووكيليه، ورؤساء اللجان الفرعية.
دور رئيس البرلمان في مصر دور رئيسي، لأنه «الرجل المؤهل» لإحداث التوافق والانضباط داخل برلمان يموج بعواصف. هذا كان يحدث حينما كان الحزب الحاكم لديه أغلبية طاغية، والمعارضة كانت تحت وابل من القيود السياسية والأمنية.. اليوم يزداد دور رئيس المجلس، وتبرز أهمية دوره التوافقي بين تيارات متعددة من أطياف مختلفة بدرجات تشدد متعددة.
هذا المجلس يضم الإخواني والسلفي المتشدد والسلفي المعتدل والصوفي وأعضاء تنظيم الجهاد القديم، وحزب الوسط الإسلامي المعتدل، وأيضا فيه أطياف ليبرالية من «الوفد» التاريخي، ومن حزب المصريين الأحرار (ليبرالي جديد)، ومن تيارات ليبرالية جاءت من ميدان التحرير، ويسار ناصري، ويسار تقليدي، وآخر ماركسي متشدد، وآخر من ميدان التحرير. ويضاف لذلك كله من كانوا في الحزب الوطني الحاكم السابق الذين يعرفون بالفلول، وأيضا تيارات من المستقلين.
ويبلغ عدد لجان المجلس الفرعية 19 لجنة، أهمها 8 لجان، وأكثرها حساسية لجنة الخطة والموازنة كعادة كل المجالس، ولكن ينتظر أن يبرز دور لجنة حقوق الإنسان بشكل متصاعد لأهمية هذا الملف في ظل الثورة. والبعض لا يعلم أن هذا البرلمان بحكم الإعلان الدستوري لا يستطيع سحب الثقة من الحكومة، وأن هذا الحق موكل إلى اللجنة التأسيسية التي سيختارها مجلسا الشعب والشورى والتي ستقوم بصياغة الدستور الجديد. ما يحدث الآن هو اتصالات سرية وعلنية محمومة، تصل الليل بالنهار من أجل أن يكوّن كل طرف تحالفه الجديد الذي يمكّنه من اختيار رجاله وقياداته في الجلسة الإجرائية الافتتاحية. وأستطيع أن أؤكد أن هناك مفاجآت لا تخطر على بال سوف تحدث، سيتحالف أبعد الناس عن العقل والمنطق والسياسة مع بعضهم بعضا.. سوف تحدث تحالفات جديدة، وانقسامات جديدة، وخيانات لعهود مغلظة تم القسم عليها قبل خوض معركة الانتخابات.
أيتها الديمقراطية، كم من الجرائم ترتكب باسمك!
نقلا عن الشرق الاوسط
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com