ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

رفقًا بنا أنت يا عرضحالجي.. نحن لم نكن أبدًا رعاعًا

د. صفوت روبيل بسطا | 2012-01-24 00:00:00

 بقلم: د. صفوت روبيل بسطا


دأب سيادة الكاتب "السياسي" الكبير والمحنَّك السيد الدكتور "ميشيل فهمي"، والذي يصف نفسه دائمًا بـ"العرضحالجي" مع أن هذه الصفة وتلك الوظيفة أصبحت في أرشيف الأعمال من سنين كثيرة، والكثيرون من الجيل الحالي لا يعلمون ما معناها، وما هي وظيفته، وما الهدف من ذكرها؟!!.. ما علينا.
 

دأب سيادته بين الحين والآخر بإتحافنا، ومن أرشيفه الخاص وفكره الأوحد الأُحادي، ببعض المقالات العنترية والهجومية على الكنيسة الأم وعلى قداسة البابا، مستشهدًا ببعض العبارات والكلمات الرنانة، وواضعًا لبعض الصور المعبِّرة عن الموضوع، ولا مانع من تزويدها ببعض الكلمات الإنجليزية أو الهيروغليفية لمزيد من التأثير والإقناع، وحتى يصل الإقناع إلى أعلى المستويات. ولابد من التأكيد دائمًا على أن الهدف الأسمى والأعظم من هذه المقالة العنترية أو سابقاتها ما هو إلا هدف أسمى وأعلى من فهمنا، لا يصل إليه ولا يعلمونه سواء كانوا الـ 15 مليون قبطي ولا حتى القائمين على شئون الكنيسة.. ألا وهو الإصلاح الكنسي، والخوف واللهفة عليها وعلينا- كما ذكر-.. لذلك تطوَّع سيادته مستغلًا حنكته وخبرته ومؤهله الأرشيفي الذي عفى عليه الزمان لقيادة مسيرة الإصلاح الكنسي المزعوم، وأتحفنا بمقالة إصلاحية، تنويرية، تثقيفية، تربوية، علاجية!!! لنا نحن الأقباط "الرعاع" (عنوان المقالة)، وللبابا نفسه، وللمجمع المقدس، وكل المؤسسة الكنسية.
 

ولأنني لا أريد الخوض كثيرًا في تفاصيل هذه المقالة الاستنفارية، ولكن سأعلِّق سريعًا على بعض النقاط كمثال وليس للحصر..
 

عنوان المقالة "رفقًا بنا.. قداسة البابا، نحن رعايا ولسنا رعاعًا"، وكأنني أسمعه يتقمَّص شخصية "أحمدعرابي" ويقول بما معناه: ارحمنا بقى.. لقد ولدتنا أمهاتنا أحرارًا، ولن نُستعبد (يا قداسة البابا) بعد اليوم.. أليس هذا هو المقصود من العنوان الناري؟!!.. هل يليق لأحد أن يوجِّه لأبيه ولأبينا كلنا ورمز كنيستنا عبارات بهذا الشكل؟؟!!
 

"نظير جيد".. "السيد نظير جيد واسم الشهرة البابا شنودة"- كما ذكر-. ما حاجتنا بعد إلى شهود. سيادته يستخدم نفس أسلوب المهاجمين لقداسة البابا وللكنيسة من المتعصبين والكارهين والحاقدين، ويُخيل لي أن سيادته انضم أيضًا إلى نفس العينات التي تقول "شنودة" حاف مثل المفكر القبطي!!! الكبير أيضًا والجهبز المدعو "جمال أسعد" الغني عن التعريف.
 

Pre-paid
الزغاريد المدفوعة الأجر مسبقًا!!!.. يقصد سيادته وبعبقرية يُحسد عليها أن الزغاريد والتصفيق بالكاتدرائية تمثيلية من الكنيسة ومن القائمين عليها.. يدفعون لهم ولهن ليصفقوا للبابا!!!.. ما هذا الهزل والاستخفاف بعقول القراء؟ وماذا يُسمِّي سيادته التصفيق والتهليل والتكبير من بعض رواد مقالاته المكرَّرين في كل مقال؟؟!! أليس هذا الإطراء من نفس الأشخاص وعلى كل مقال، ألا يُعتبر هذا شيئًا مؤسفًا ومقززًا- كما ذكر- لكل القراء؟؟..
 

وفي هذا السياق، أحب أن أذكر أنني- وبالرغم من عدم موافقتي الكاملة بكمية الزغاريد والتصفيق هذه في بيت الرب- ولكن أعتقد أن الشعب يُعبِّر عن محبته وفرحته براعيه وحبيبه بطريقته، مادام لم يخرج عن اللائق.. وكمان ياسيدي الفاضل ما أحنا في أوروبا وفي داخل كنائسنا نصفِّق ونهلِّل عندما نسمع من الكاهن خبرًا مفرحًا، أو للتعبير عن الموافقة لأمر ما يخص كنيستنا، هذا غير أن أسر شهداء "نجع حمادي"- وبالأخص إحدي الأمهات- ذكرت على قناة "سي تي في" أنه يوم خروج ابنها الشهيد للدفن أطلقت الزغاريد لابنها لأنه أصبح في عداد الشهداء.
 

هذا الأسلوب الذي يُظهره لنا سيادة الكاتب الكبير في مخاطبة قداسة البابا لا يصدر أبدًا من قلب إنسان مسيحي مُحب للكنيسة ولا لرموزها، ولا يكون أبدًا نقدًا بناءًا وهو يُظهر الكنيسة ورعاتها بهذا الشكل المخزي لنا، وفي طريقة معالجته للشأن القبطي العام يُظهر كل الأقباط بالمغيبين وأنهم لا يفقهون شيئًا، وسيادته فقط العالم ببواطن الأمور.
 

وهذه هي مشكلتنا، أن البعض منا يأخذون على عاتقهم طريق التنوير وطريق التثقيف فقط من خلال الـ"كي بورد"، أي كلام في كلام من غير فعل، والهدف الأسمى أن يرى التهليل والتصفيق، ولعله يسمع أيضًا الزغاريد من وراء الشاشة الفضية.
 

والشئ المُحيِّر في الأمر.. ما هو المغزى من هذه المقالات الهدامة- وفي هذا التوقيت بالذات- والبلد على صفيح ساخن، والكل يترقب ماذا سوف تنبئ به الأيام القادمة في مرحلة هامة وخطيرة من تاريخ بلدنا "مصر"؟ وبعد يومين فقط تأتي الذكرى الأولى لثورة 25 يناير، ونرى تكاتف جميع التيارات الدينية والوطنية والأمنية، ولا أحد يعلم ماذا تُخبئ الأيام إلا الله وحده... ونحن هنا نجلس وننشر غسيلنا على الملأ، ونقطع في جسد الكنيسة، وكأن الكنيسة ناقصة تقطيع ومحاربات من الخارج، ويأتي أولادها ليزيدوا الجراح والتنكيل بها من الداخل لأن سيادة الكاتب الكبير لم يروق له ولم يعجبه هو ومريديه موقف أو تصرُّف من داخل الكنيسة!!.. وكان أملي مثل الكثيرين أن يُتحفنا سيادته بمقال سياسي هام في هذا التوقيت الحرج ليشرح لنا رؤيته للوضع الحالي، وللأمانة هو أقدر من الكثيرين في تحليلاته السياسية البارع بها بكل أمانة، وعيب أن يقع في مثل تلك المهاترات.
 

باختصار أقول، نحن كمسيحيين عامة نثق في إلهنا القوي، وأن كل الأمور في يديه وحده، ونثق أيضًا أن كنيستنا مبنية على صخرة الإيمان، ونِؤمن بتسليم أبائنا الرسل الأطهار، الذين بدورهم سلموا الراية لآبائنا الحاليين ممثلين في قداسة البابا- أتم الرب له الشفاء وأرجعه بكل السلامة-، وفي أبائنا المطارنة والأساقفة الأجلاء والأباء الكهنة، ونتفق جميعنا أنهم بشر مثلنا وتحت الآلام (كما ذكر الإنجيل عن إيليا النبي)، وأنهم جميعهم غير معصومين من الخطأ عامة أو في موقف ما لا نعرف الظروف والملابسات غير المعلنة التي جعلتهم يتصرفون هكذا.
 

ونقطة هامة، وهي أننا نعلم علم اليقين أن قداسة البابا لم ولن يفرِّط في حق أبنائه، ولكن ليس كل شئ يحدث يعلمه الشعب، ومن حكمة قداسة البابا أنه يعرف كيف يتعامل بكل دقة وحكمة مع الجميع حتى مع منْ يتوهمون أنه يُعاديهم، لذلك نجده حذرًا جدًا ولا يتفوه بكلمة ولا حرف يؤخذ عليه (ولعلنا لا ننسى كلمة من أربعة حروف قالها نيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوي وما كان من رد الفعل وحتى الآن يُمضغونها في أفواههم)، لذلك نجد قداسته- وفي ظل كل الأحداث التي مرت على الكنيسة- لم يستطع أحد أن يمسك عليه حرف واحد، ونعلم أنهم في حالة تربص دائمة، وكمان يوجد منْ ينتقد، ويوجد من يمدح قداسة البابا، وفي كل الأحوال لم نسمع في يوم أن قداسته دافع عن نفسه أو فرح وتهلل بالمدح، بل نجده دائمًا صامتًا صامدًا كالجبل الشامخ الذي لا تؤثر فيه الرياح العاتية ولا الهادئة.
 

وأما موضوع أنه استقبل مَنْ قتلوا أبنائنا في الكاتدرائية، والذي أثار الكثيرين، وإن كان معهم حق ولا نلومهم وجميعنا كان عندنا نفس الشعور.. ولكن وبعد البيان الذي أصدره نيافة الحبر الجليل الأنبا "موسى"، والذي وضَّح لنا أن الكنيسة لا تدعو أحدًا إلا مَنْ يرغب فقط في الحضور، والكنيسة لا يمكن أن تغلق أبوابها في وجه أحد، اقتنع الكثيرون، ولكن القلة إياها، والتي تنفخ في النار كالعادة، لم يروق لها هذا البيان.. والأهم من كل هذا أن قداسة البابا يعمل بالإنجيل المعاش مع الجميع، وينفِّذ وصية رب المجد في "أحبوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا من أجل المسيئين إليكم".
 

ولهذا يا أيها الكاتب الكبير، ألا تتفق معي أن هذا القديس الساهر على رعيته، ورمز كنيستنا، هذا الهرم الشامخ، هذا الشيخ الجليل، هذا العالم الكبير، معلم الأجيال، الذي قاد الكنيسة وعلى مدار (40) عامًا وأكثر بكل حكمة واقتدار، مسوقًا من الروح القدس، في فترة من أصعب الفترات على الكنيسة القبطية، أرجعتنا إلى العصور الأولى للاستشهاد، بل أراها الأصعب (ذكرت في مقال سابق أن اضطهاد هذه الأيام ليس فقط في قتل وحرق ودهس المسيحي ولكن قبلها حرق دمه وهتك عرضه وخطف بنته وهو الأصعب من الموت نفسه).. في كل هذه الظروف وكل هذه الصعاب، ورجل قارب على التسعين من عمره.. هل هذه هي كلمة الشكر والاحترام والتقدير لهذا التاريخ الحافل من التضحيات لشعبه وكنيسته؟؟!! هذا البابا العظيم في البطاركة الذي أثرى حياتنا كلها بآلاف العظات ومئات الكتب ومئات الترانيم، وكان دستوره كتابنا المقدس، وغايته الحفاظ على الإيمان المستقيم الذي تسلَّمه من سابقيه، وخوفه الدائم على رعيته من الذئاب الخاطفة والمتربِّصة بالرعية.. بالتأكيد لا أنت ولا أنا يعلم شيئًا عما يُحاك وما يتعرَّض له قداسته من وراء الكواليس، ولا يُخفى عن الجميع الضغوط التي يتعرَّض لها والتي جعلته يذرف الدموع ولم يستطع التماسك أمام الكاميرات؛ خوفًا على رعيته وشعبه متمثلًا بسيده وسيدنا كلنا وراعينا الأعظم الذي بذل نفسه من أجلنا ومات حتى من أجل الخطاة والقتلة.. فرفقًا بنا أنت يا عرضحالجي.. وارفع يديك وأصابعك الأرشيفية عن كنيستنا وعن حبيبنا وحبيب الملايين قداسة البابا المعظم الأنبا "شنودة الثالث"، وادعوا معي يا شعب المسيح الحقيقيين وقولوا معي... يارب يُكمل لك الشفاء وترجع لنا بالسلامة يا سيدنا يا حبيب الملايين، وكلنا بنحبك، وكلنا فداك يا عظيم في البطاركة، وإلى منتهى الأعوام.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com