ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

برطمان العُواَرّ.. وليس برلمان الثوار

د. ميشيل فهمي | 2012-01-28 17:46:08

بقلم: العرضحالجي المصري * د. ميشيل فهمي

* بعد بلوغ الديمقراطية في "مصر" عمرًا لا يتجاوز (210) يوم، ووسط (42) مليون أمي كامل الأمية، أصرَّ العسكري والإخوان والأمريكان على إجراء الانتخابات التي وصفوها- زورًا وبهتانًا- بـ"الديمقراطية" و"الاحتكام للصندوق"، واتضح أنه صندوق التعصب الديني.

* ثلاثة أسـلحة ضمن كثير قاتلـة للديمقراطيــة في "مصـر": التعصب، والجهــل، والفقــر.. فعن أي ديمقراطية يتحدثـون؟
* لأول مرة في تاريخ "مصر" تتم انتخابات "ديمقراطية" على أساس تمييز ديني، إسلامي/ مســيحي وإسلامي/ إسـلامي، حدث فيها وبها كل شـىء فيما عدا النزاهة والعدالة والشفافية والمساواة وتحقيق المواطنة وتطبيق الدستور والقانون، وأثبتت أن القضاء المصري مٌخترَقْ من الإخوان.

*في 7 ديسمبر كتبت: "نتيجـة أول انتخابات لوغاريتمية إســلامية تجريبيـة في مصر بعد هوجة 25 يناير.. سَــقَطَتْ مصـــر، ونجــح- تَوَهمــًا– الإخـــوان والسلفيون بخلطة الديمقراطية الأمريكية للتسويق العربـي". وفي 23 يناير 2012 أسفرت الانتخابات الهزلية عن انعقاد برلمان أكثر هزلية وأقرب منه لبرطمان مخلل الخيار.. أكثر منه برلمان الثوار؛ برلمان شابه كل العوار، بدءًا من القسم الدستوري الذي كاد يتحوَّل إلى يمين شرعي "وعليّ الطلاق"، ثم سُبات أهل الكهف، حتى المندبة الاصطناعية.. الشاعرية الكتاتنية، علي جرحى الثوار.


* التنفيذ التخطيطي والإشراف الفعلي على الانتخابات كان بتوالي زيارات لجان التفتيش الانتخابية الأمريكية على "مصر" برئاسة "جيفري فيلتمان"- مساعد وزير الخارجية-، و"وليام بيرنر"- نائب وزير الخارجية-، و"آن باترسون"- السفيرة الأمريكية بـ"القاهرة-، وأطقم السفارة من دبلوماسيين مخابراتيين، ومنظمات التخابر المدني الأمريكية "فريدوم هاوس"، والمعهد الديمقراطي والجمهوري الأمريكي، ثم تُوِّجت بزيارة "جيمي كارتر"- المفتش الرئاسي للانتخابات المصرية الديمقراطية بالخلطة الأمريكية-، أما اللجنة العليا للانتخابات فقامت بالإشـــــراف من الباطن.
* برطمان 2012 فاق في هزله وتزويره برطمان "أحمد عز" في 2010، وأصبح نسخة طبق الأصل من "الوطني" بفارق أن الباكي "محمد سعد الكتاتني" أُستبدل بالباقي "فتحي ســــرور"، والضحية هي "مصـــر".


بهذا البرطمان "مصـر" في خطر داهم، فرغم سابق الاتفاقات والتربيطات بين كافة الإسلاميين، بدأ الإخوان- كعادتهم- نقض ما اتفقوا عليه، أصرّوا على الاستيلاء علي رئاسة كافة لجان مجلس الشعب، والاستحواذ على لجنة صياغة الدستور- وهنا مكمن الخطر على "مصر"-، وبدأت ملامح أداء هذا البرطمان، باستبعاد النائبة "ســـوزي ناشـد" من عضوية لجنة تقصي الحقائق عن سقوط شهداء "محمد محمود" و"القصر العيني".. لأنها قبطـية.
* هل يعني اسم السيد اللواء المخابراتي "حسـام خير الله" أن يكون الجــواد الرابح في سباق الرئاســة المصرية، مُطبقًا نظرية آخر المرشحين المُحتملين يكون أول الفائزين الواقعيين؟!


* الأخت الكريمة "آن باترسون" سفيرة الأخ الكريم الحاج "حسين أوباما" قامت يوم الأربعاء 18 يناير بزيارة المرشد العام للإخوان المسلمين لتهنئته بفوز حزب "الحرية والعدالة"، ولم تهنىء حزب "الحرية والعدالــة" بالفوز. وفي الأحد 22 زارت حزب "النور" لنفس التهنئة، لكن بلا مصافحة، وفي هذا الصدد

نُذكِّـــر الإخوة بالحديث النبوي الشريف:

"عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ "لا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ". (رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، وابن ماجة، وأحمد، وغيرهم). ولم يُظْهر البيان التعتيمي الإعلامي الأوحد والصادر عن جماعة الإخوان المسلمين عن هذه المقابلة جزء من الحديث الصريح الذي دار فيها، وهي مطالبات الأخت الكريمة السفيرة بتطمينات عن وضع المرأة والأقليات والاقتصاد والاتفاقات والمعاهدات الدولية خاصةً مع "إسرائيل".. الخ، وهل تعمَّدت الأخت المقابلة بدون وضع غطاء رأس تثبيتًا لحرية المرأة المصريه؟

للديمقراطية معانٍ وشروط لتحقيقها لم تعرفها "مصر" طوال تاريخها القديم والحديث، لكن عَرفهّا جهابذة السياسييين والمتسلقين المصريين بهدفها الوحيد، وهو "حكم الشعب.. بالشعب"، ففهموا وأفهموا بأن معنى الديمقراطية هو حكم الشعب بالشعب، ولكي يتم هذا ينتخب الشعب نوابًا عنه ليحكموه .. ولصعوبة ذلك تتم عملية انتخاب أعضاء من الشعب للبرلمان انتخابًا حرًا نزيهًا ليكون أحد مؤسسات حكم الشعب عن طريق التشريع.. بجانب المؤسسات والسلطات الأخرى. ومن هذا يتضح أن الانتخابات البرلمانيـة أحد- وليس كل- الوسـائل لتحقيق الديمقراطية عن طريق خلق ووجود حياة نيابيــــة ســـليمة... للوصول إلى الديمقراطية؛ لأن الديمقراطية ليست هي صندق الانتخاب فقط. وفي هذا المجال يطول الكلام ويَكْثُرّ؛ لأن عشرات المئات من الكتب أُلِّفت ومئات الصِيَغْ صيغت في هذا الشأن.. منذ المدينة الفاضلة لـ"أفلاطون" والتي وردت بكتابه "الجمهوريــة"، وفيه يشرح تصوُّره الخاص لمفهوم "المدينة الفاضلة"، ويقصد بها الدولة التي يسود فيها العقل، لا "تغييب العقل" ولا الرغبات والشهوات، وتكون مبنية على العدل والمساواة، وحتى وقتنا هذا..

كل هذا ولم تعرف المجتمعات البشرية ما يُعرف بـ"غـزوات الصناديق" و"وراء كل صندوق شهيد"، بالإضافة إلى الفتوى الكبرى، وهي أن المشاركة في الانتخابات واجب شرعي، والتخلف عنها "إِثمُ" لأنها جهاد أكبر، لذا التـخلي عن المشاركة الانتخابية كالتولي عن يوم الزحف (فتوي الدكتور عبدالرحمن البر عضو مكتب الإرشاد بالجماعة)، ثم فتاوى الشيخ "محمود عامر" القيادي الكبير في التيار السلفي، حيث أصدر فتوى حرّم فيها التصويت في الانتخابات البرلمانية لــ "العلمانيين والليبراليين والأقـباط"، وكذلك فتاوى الشيوخ: "أحمد النقيب"، و"عبد المنعم الشحات"، و"حاتم فريد"، حتى الشيخ "صالح بن فوزان الفوزان"- عضو هيئة كبار العلماء السعودية- أصدر فتاوى بالريموت كنترول إلى الانتخابات المصرية، بادئين بذلك فّقهًا جديدًا قد يُسمَّى (فقه الانتخابات) وشرعية النوم في الجلسات!.

كل هذا وغيره أسفر عن برلمان مصري هزيــــل، كوميدي، بل يمكن القول إنه مسخ مشوَّه تشويهًا ولا ناتج عن حرق من الدرجة الثالثة هو حريق الفتنة، برلمان يسير على طريق في اتجاه واحد ONEWAY مؤدٍ للصدام والاصطدام بطبيعة الحياة في المجتمعات الحديثة وفي قصور التشريع المؤثـر بالسلب على أداء مؤسسات الدولة الأخرى، وعدم المعرفة ولا الدراية بكيفية التعامل مع المؤسسات الدولية، بل ومع الدول ذاتها.

كما لم تعرف أي مجتمعات انتخابات تُقَام على أساس ديني؛ لأنه كما يُكرّرْ ملايين المرات أن خلط الدين بالسياسة يضر أول ما يَضُرّ بالدين المستخدم، ثم بالمحتمع نفسه، حيث أن هناك فروقًا جسامًا بين الجمعيات الدعوية والبرلمانات الديمقراطية، وفروقًا أخطر جسامة بين برلمانات الهُواة الطائفية والبرلمانات التي تمارس أنشطتها وأعمالها على أسس علمية وقواعد ديمقراطية سليمة، بحيث يكون أعضــاؤها هم عيون الشعب الرقابيــة، لا لِحيّ الشعب المرخية.

ثمّ إنّه لو كان تطوُّر الأمم والشعوب يُقاس فقط بمدى طول وكثافة اللحية وحجم زبيبة الصلاة ورائحة المسبحة وسواد النقاب، لكانت شعوب "باكستان" و"أفغانستان"، وعلى رأسهم "طالبان" وغيرها من الشعوب المماثلة، بلغوا أعلى مستويات الرقي السياسي والنمو الاقتصادي والحضاري، لكن أين هم من ذلك؟؟.

لذا، ولكل ما سبق وغيره،
أطالب بتعطيل أعمال البرلمــان المصـــري، وبإلغـــاء نتائج الانتخابات وإعادتهـــــا مرة أخرى على أسس صحيحة من الوسائل والطرق الديموقراطية، لكي تتأهل للتعامل مع البرلمانات في دول العالم أجمع.

ونظرًا للأمور والأحداث السريعة وغير المتلاحقة على الساحة المصرية عامة، والساحة القبطية خاصةً، أتمنى مُخلِصـًا من كل قلبـي أن يعيد لـ"مصر" وللكنيسة المصرية القبطية الأرثوذكسية وشـــــعبها الرمز الوطـني المصري الكبير والصرح الديني العظيم غبطة البابا "شنودة الثالث" إلى أرض الوطن وإلى أحضان شــــعبه متعافيًا ومتسربلًا بموفور الصحــــة والسلامة السلامية لكي يقودها إلى بر الأمان، مُكملًا مِشــوار جهاده الطويل طبقًا لوصايـــا رب المجد التي علَّمها لنا ولأجيال كثيرة.. آمــــــين.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com