ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مظاهرات 25 يناير أبقت على الأمل في مصر مدنية!

جرجس وهيب | 2012-01-30 00:00:00

 بقلم: جرجس وهيب

وقعتُ في حيرة شديدة عندما شهدت الحشود الكبيرة التي خرجت في الذكرى الأولى لثورة 25 يناير سواء بميدان "التحرير" أو بميادين مختلف المحافظات بجميع أنحاء الجمهورية، والمظاهرات التي خرجت أيضًا في جمعة "العزة والكرامة"، والأعداد الكبيرة أيضًا التي شاركت فيها، وكان أغلب المشاركين فيها بطبيعة الحال ليسوا من أعضاء الأحزاب الدينية، وخاصة حزبي "الحرية والعدالة" الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين أو حزب "النور" السلفي حزب الدعوة السلفية، فالأحزاب الدينية كان لها رؤية مختلفة عن رؤية ائتلافات شباب الثورة، فالاحزاب الدينية اكتفت بتواجد أعداد قليلة لحماية مداخل الميادين والمنشآت العامة، وكانت ترى أنه لابد أن يكون يوم 25 يناير يوم احتفال، فقد تم تحقيق الكثير طبقًا لوجهة نظرهم، فتم إقصاء الرئيس "مبارك" ورموز نظامه، بل يتم محاكمته هو وأبنائه وكبار مساعديه، وتم حل الحزب الوطني وأمن الدولة، وإجراء انتخابات مجلس الشعب في جو من الحرية والنزاهة ووسط مشاركة هي الأكبر في تاريخ البلاد والتي وصلت إلى حوالي 60%.

 

بينما يرى ممثلو ائتلافات شباب الثورة أنه لم يتم تحقيق شىء، فمازالت حسب وجهة نظرهم تجري تمثيلية محاكمة "مبارك" وأعوانه، ومازال النظام القديم يحكم حتى الآن، ومنْ تم تغييره هو "مبارك" فقط، ولم يتم إقرار الحد الأدنى والأقصى حتى الآن على الرغم من مرور عام على الثورة، كما لازالت الأزمات مستمرة، فما أن نخرج من أزمة سولار حتى ندخل في أزمة بوتاجاز وبنزين وخبز، وانتشار أعمال البلطجة، ومشكلة البطالة مازالت قائمة دون محاولة لحلها.

 

في ظل هذا التباين خرج ممثلو الأحزاب الدينية للحماية وللاحتفال بأعداد قليلة، وعدم ترك الميادين لشباب الثورة، بينما خرج مئات الآلاف من شباب الثورة للتظاهر ضد عدم تغيير شىء في "مصر" بعد مرور عام على الثورة.

 

المهم في هذا الأمر، وما استرعى انتباهي، تلك الأعداد الكبيرة والتي قُدِّرت بمئات الآلاف من الشاب والشابات وغالبيتهم أكبر من سن 18 عامًا يعني أنهم كان لهم حق التصويت، فأين كان هؤلاء في انتخابات مجلس الشعب الماضية؟ ولماذا لم يخرجوا لتغيير التركيبة التي وصل إليها مجلس الشعب بهذه الصورة من سيطرة الإسلاميين على المجلس والسيطرة على حوالي 70% من المقاعد؟ وسنسمع خلال الجلسات القادمة لمجلس الشعب عبارة الدكتور "أحمد فتحي سرور"- رئيس مجلس الشعب الأسبق- "موافقة"، وإغلاق باب المناقشة والانتقال إلى جدول الأعمال بناءً على تصويت غالبية الأعضاء لذلك.

 

فالتناقض بين نتيجة الانتخابات والمشاركة في التظاهرات من جانب التيار الليبرالي والعلماني أو الذي لا يميل للتيار الديني دليل قاطع على تشتت ذلك التيار بسبب كثرة الأحزاب وائتلافات شباب الثورة والعمل منفردة، فلو تجمعت هذه الأحزاب والائتلافات تحت تحالف واحد لاستطاعت تغيير هذه النتيجة، والتي اعتقدت من خلالها أن كل الإخوة المسلمين يميلون إلى الأحزاب الدينية.

 

والفرصة مازالت قائمة، وخاصة في التصويت على الدستور الجديد وانتخابات رئاسة الجمهورية، فالدستور الجديد أهم مائة مرة من مجلس الشعب، فمجلس الشعب مدته خمس سنوات وإنما الدستور قد يحكم البلاد لعشرات السنين، وكذلك يستطيع رئيس الجمهورية أيضًا إذا لم يأت من مرشحي الأحزاب الدينية أن يزن الأمور داخل البلاد، فالتوازن لابد أن يكون موجودًا في "مصر" حتى لا نعيش في ظل حزب وطني جديد ويتم إقصاء الآخرين من الحياة لأنهم غير منتمين للحزب ولا ينفذون سياسة الحزب كما كان يقول الحزب الوطني المنحل.

 

فمازال هناك أملًا كبيرًا في أن نعدل الأمور مرة أخرى داخل "مصر" ويكون هناك تيارًا يعادل قوة التيار الديني حتى لا يفرض هذا التيار بأغلبيته بعض الأمور التي قد لا يرضى عنها التيار الآخر، ولكن لن يكون ذلك إلا من خلال تحالف الأحزاب الليبرالية والعلمانية وائتلافات الشباب التي يجمعها هدف واحد أن تكون "مصر" دولة مدنية ومتقدمة وديمقراطية، يعيش فيها الجميع بتآخي ومحبة، المسلم بجوار المسيحي، الإخواني بجوار العلماني، والسلفي بجوار القبطي، تحت مظلة قانون مدني واحد، وفي ظل حرية دينية. ولن يأتي ذلك إلا من خلال اتحاد وتحالف التيارات والأحزاب الليبرالية والاستعداد لمعركة الدستور ورئاسة الجمهورية والمحليات، فلن تنعدل الأمور بالتظاهر فقط.

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com