بقلم : عـادل عطيـة
عندما نتحدّث عادة عن محبة الجار، فنحن نفكر في الذين يعيشون الآن إلى جوارنا، أو: في مدينة أخرى، أو: حتى في دولة أخرى.
هذه هي محبة الجار عبر المكان.
لكن هناك محبة للجار، أكثر عمقاً، وأكثر امتداداً، إلى أبعد من حدود تواجدنا: أن نحبه عبر الوقت.
ذلك بأن نحافظ على بيئتنا: التربة، الغابات، الانهار، البحيرات، المحيطات، وثروات الأرض، من التلوث، ومن الضياع؛ لتصل بسلام للاجيال المستقبلة، ويحصدوا الشبع؛ حتى لا يختبروا الجوع، كما اختبره الكثيرون منا.
وأن نحافظ على بيئتنا الإنسانية، التي نتركها لهم، والتي هي بنفس درجة الأهمية، وربما أكثر عن البيئة المادية.. وذلك بالحرص على استمرارية الفرح بالحياة، بالعمل على المصالحة بين المجموعات المتعادية.
قد لا يكون في استطاعتنا، أن نُعيد إلى الحياة من ماتوا في القرن الماضي، ولا أولئك الذين راحوا على مرّ العصور ضحايا الاغتيال الجماعي، تحت ستار السياسة، أو: الدين.. وإنما بفضل الشجاعة، ومثلها المعرفة، نستطيع أن نعمل على إنشاء عالم سلام، وحرية، واحترام متبادل.. نستطيع أن نعمل على إنشاء عالم بريء من بلاء القتل الجماعي، رغم تتابع الحكام، وتغير الحكومات، وتكاثر البشر.
فهل نبدأ من الآن، ونلامس حلم الشاعر الكرواتي "شيمون شيتو"، الذي ذكره في قصيدته: "حبة ذرة بجانب الطريق"، قائلاً:
"فرغم استحالة استئصال الحماقة، والعنف الإنساني، وعمى العيون السليمة، والقسوة الرهيبة. فلن نكف عن أن نكون ذوي قلوب متواضعة معتدلة إلى أن يحوّل الجميع بلا استثناء في النهاية، كل القبائل والاجيال والشعوب، سيوفهم إلى شفرات محاريث، ورماحهم إلى مناجل تقليم الاشجار، ودباباتهم إلى آلات درس.
وكي لا ينهض أبداً إنسان ضد إنسان، أو شعب ضد شعب، حتى لا يكون أحد بحاجة أبداً لتعلم فن الحرب. ففي السلام يجد الجميع خبزهم، وهم يعيشون بلا خوف."؟!..
هل نفعل ذلك، ونثبت للاجيال الصاعدة، اننا سعينا بإخلاص، وحماس، وكرم؛ ليصلهم هذا الميراث الغالي، الذي يليق بالإنسانية، كما خُلقت؟!.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com