بقلم: نبيل المقدس
شبّه أمين لجنة الفتوى بأسوان الشيخ "حبيب منصور" النائب المحترم السلفى "ممدوح إسماعيل" الذي قام برفع الآذان أثناء انعقاد مجلس الشعب الثلاثاء، بمن حاول التبول فى بئر زمزم. لم أندهش بهذه التصرف الذي قام به النائب المحترم "ممدوح إسماعيل".. فهو عين العقل بالنسبة للسلفيين وللإخوان, لأن الإعلان عن ميقات الصلاة هو في لب عقيدتهم بغض النظر عن المكان . هذا الحدث ذكرني بنظرة اليهود إلي الصلاة .. فقد كانت أسمي من نظرة سائر الشعوب إليها .. فقد كانت أرقي الدرجات في سلم الفرائض الدينية و حتي أنهم كانوا يؤمنون بأن الصلاة أعظم من كل الأعمال الصالحة .. ولا شك أن من شدة إهتمامهم بالصلاة جعلت ثمة أخطاء زحفت إلي عادات اليهود في الصلاة .. هذه الأخطاء لم تقتصر فقط علي اليهود لكنها تعرضت لها بعض الديانات الأخري التي تبالغ في الإهتمام بالصلاة .. أي ان هذه الأخطاء هي نتيجة حماس وتكريس بطريقة زائدة لا يقبلها الله.
لقد انحدرت الصلاة إلي الطقسية .. ولم تعد أداة صلة بين الإنسان وربه .. بل أصبحت حركات ديناميكية يقوم بها الفرد بدون التركيز في الله نفسه .. بل كل همه وتركيزه علي ألا يخطيء في ترتيب أو عدد هذه الحركات معتقدين أن الله يستمع ويري صلوتهم من خلال هذه الحركات وأعدادها . أما الخطأ الثاني الذي وقع فيه اليهود وغيرهم أنهم خلقوا صلوات متعددة للمناسبات المختلفة .. حتي أنه لم يكن هناك حالة أو ظرف ما إلا وتتواجد له صلاة مكتوبة خاصة . أما الخطأ الثاث هو تحديد مواقيت ومواعيد للصلاة .. صباحا وظهرا ومساء , وكان علي اليهودي ( مايزال هذا ساريا عند المتطرفين حتي الآن ) أن يتوقف عن العمل للصلاة اينما كان في هذه المواعيد .. وهكذا صارت الصلاة إجراء شكليا .. وهذا ما نراه حاليا في الأديان الأخري حتي أن هناك دولة من الدول الإسلامية خصصت فرقة تُسمي " الأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر " إحدي مهامها هو التربص بالناس الذين يزوغون ويمتنعون عن أداء فريضة الصلاة في ميقاتها.
وهناك خطأ ركز عليه المسيح عندما قال في متي 6 : 5 – 8
«وَمَتَى صَلَّيْتَ فَلاَ تَكُنْ كَالْمُرَائِينَ، فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ فِي الْمَجَامِعِ وَفِي زَوَايَا الشَّوَارِعِ، لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُمْ قَدِ اسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ! 6وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ، وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً. 7وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلاً كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. 8فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ.
وتفسير هذه الآيات من بعض المفسرين وقراءة كتب اليهود عن وضع الصلاة في زمانهم .. نجده يشبه تماما ما يمارسونه بعض الأديان الأخري الآن .. فقد كان أحد أسباب صلواتهم العلني أنهم يريدون أن يراهم الناس . فالصلاة عند اليهود والآخرين تُقام بطريقة تلفت الأنظار بشكل واضح لكي يظهر للناس مدي تقواه ومدي إيمانه ... وبصراحة وبكل ثقة أستطيع أن اقول أن هذا النظام في الصلاة يُشجع علي التظاهر بالإيمان والملء بالكبرياء . فالصلاة ينبغي أن تُقدم لله وليس للناس .. فالصلاة الحقيقية هي التي لا يفكر فيها الإنسان إلا في الله , سواء أكانت صلاة جمهورية أو فردية .
وكما يقول أحدي الكتاب المفسرين: علينا أن لا ننسي أن الله الذي نصلي له, هو إله محبة, ولديه إستعداد أن يجيبنا أكثر مما لدينا نحن من إستعداد أن نصلي .. إنه يعلم ما نحتاج إليه قبل ما نسأله , وعطايا الله التي يقدمها لنا لا ننتزعها منه إنتزاعا .. بل هو يعطيها لنا بمحبة وسخاء . إننا لا نتقدم إلي إله نتملقه أو نزعجه أو نرغمه علي إستجابة صلواتنا .. فنحن نؤمن إننا نتقدم إلي مَنْ يرغب أن يُعطي .. إننا نأتي إلي أبينا السماوي .. وحين ندرك ذلك يكفي أن نأتي إلي الله ولمحة الرغبة في قلوبنا , وعلي شفاهنا عبارة واحدة " لتكن مشيئتك ".
منذ 5 سنوات أو أكثر ذهبت إلي مكتب الخبراء بالعباسية في الميعاد المذكور في الإعلان الذي استلمته من قبل . ووصلت قبل الميعاد بحوالي نصف ساعة .. وفي أثناء وقوفي في الطرقة حيث بدأ الزحام .. إذ اسمع فجأة أصوات آذان صادر من جميع أدوار المبني .. وفي نفس الوقت هجم علينا مجموعة من الأفراد بذقون وبنطلونات مطوية ولابسين شباشب زنوبة ويأمروننا أن نلتصق علي الحائط لأنه حان وقت الصلاة ويجب فرد السجاجيد في الطرقة .. وبسرعة البرق وجدت الموظفين أخلوا الحجرات واصطفوا في الطرقات لأداء صلاة الظهر ... وبعد حوالي ساعة بدأوا يستعيدون أعمالهم .. وبعد كل هذا إكتشفت أن الخبير الذي كان سيجلس معي أخذ بعضه وخرج لمأمورية في الخارج .. وتم تأجيل جلستي للأسبوع الذي يليه .
أرجع إلي ما حدث في مجلس الشعب .. وهو عدم قبول رئيس مجلس الشعب عما صدر من النائب الذي رفع الآذان وتعضيده من شيخ وفقيه من ضمن نواب امجلس .. مما يدل علي جواز عدم القيام برفع الآذان في أوقات العمل والقيام بالصلاة . وهذا يفسح الطريق بإصدار تشريع واضح وصريح بعدم رفع الآذان في المصالح الحكومية وغيرها .. هل هذا يمكن تنفيذه....؟؟؟؟ ومتي نري ونسمع عن هذا التشريع ...؟؟ هل فعلا حدث تغيير في افكار الإسلاميين .. هذا ما نبتغيه ونناشده ليس فقط في رفع الآذان بل أيضًا في تقليل وتخفيض أصوات الآذان في جميع مناطق مصــــــر ..!
ولك السلامـــــة يا مصـــــــر ..!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com