بقلم : نبيل المقدس
زي النهاردة من 5 سنين .. وجدته صاعدا السلم بزهو وبكبرياء وبرشاقة مع جاري الذي يقترب من عمري .. والذي قدمني له بأنه تعرف عليه من بلدهم منذ يومين عندما كان يزور عمته .. قال لي جاري أنه كان يعمل مرشدا في الشرطة .. لم ألتفت بما قاله جاري عن وظيفته السابقة .. كان كل همي أن أتمتع بشموخه وشهامته وقامته ورشاقته .. نظر إليّ هذا الضيف ولم يتفاجيء بي .. وكأنه كان يعرفني منذ سنوات .. لم ينطق بكلمة معي .. بل كان ينظر إلي بإستحياء وخجل .. كنت وقتها ذاهبة إلي صديقة عزيزة عليّ جدا لكي أهديها دب أحمر صغير بمناسبة يوم الحب . وإذ شيء ما يحثني أن أهدي رفيق جاري هذا الدب الأحمر .. لم أكتفي بتقديم الدب له .. بل وبدون خجل دخلت شقتي وأحضرت سلسلة عِيرة ذهبي , وتوجهت إلي عنقه لكي ألفها حوله بعد ما ألحقت بها الدب الأحمر . وبخجل شديد سمعت همسات إمتنانه .
تعودت أن أري صديقي يوميا في الصباح وهو خارج مع جاري .. أما في المساء فقد كنت أقضي وقتي معه في الشرفة التي كانت تقابل شرفة جاري. كنت أسعد به جدا .. كنت أري فيه الثقة في نفسه حتي أنه كان لا يلقي أي إهتمام أو ضيق عندما أتركه لكي أرد علي جرس الموبايل وأتكلم فيه . كان لم يسأل عن مَنْ كان معي علي الموبايل .. حتي بعد ما أعلنت عن حبي له .. كان يعطيني الفرصة أن أتكلم مع صديقه واضحك معه .. كان طاهر الفكر . كان يحبني جدا ... كثيرا كنت أجده واقفا علي ناصية الشارع مع صاحبه جاري عندما كنت أتأخر خمس دقائق عن ميعاد عودتي إلي المنزل . أحببته لأنه كان يحب أن يصغي لي .. كان يترك الكلام لي .. كان يثق فيّ.
تابعت والدتي هذا التطور في علاقتي معه .. وكثيرا ما نصحتني أن لا أتمادي معه .. بالرغم أنها أصبحت تميل له .. وكانت تقول لي دائما .. عايزة الحق ياريته يكون من نصيبك وتعيشي معاه , علي الأقل هو غير مُمل ويثير البهجة دائما وواضح أنه شجاع يقدر يحميكي ويحرسك .. ويعرف ما يحزنك وما يفرحك .. ضحكت وتركتها وأنا مبسوطة مُرددة : ياريت يا ماما .... ربنا يسمع منك ... ويُليّن قلب بابا عليه .. عشان شايفه إنه "مش نازله من زور" .
خرجت إلي الشرفة كالعادة كي أتقابل معه , ولأول مرة لم أجده منتظرا .. بقيت دقائق في الشرفة , لكن لم يخرج .. حاولت أن أقفل باب الشرفة بعنف لكي يحدث صوتا ربما يجعله يشعر بي ويخرج .. لكن باءت محاولاتي بالفشل . أخذتُ نفسي وفتحت باب شقتي , ووضعت صابعي علي جرس باب جارنا .. فتحت لي طنط " لوزا " .. قالت لي : خير يا إبنتي " هبة " .. هو فيه حاجة حصلت عندكم ؟؟ .. تذكرت فعلا إنني كنت أرن جرس بابها بدون إنقطاع .. فإعتذرت لها .. مافيش حاجة يا طنط لوزا .. هو الحقيقة كنت عايزه سمير في موضوع هام .. عرفت منها أنه خرج ومعه رفيقه لأنه وجد له عملا في إدارة الأمن لدي والد صديق له صاحب شركة وفيلا ... وسوف يعيش بالقرب من عمله .. حزنت جداا .. لكن ضغطت علي نفسي أمام الأمر الواقع , وكيّفت نفسي أن أعيش بدونه من منطلق " مسير الحي يتلاقي ."
بعدها جاءني النصيب لشاب ذو مركز كبير .. مناسب لي ..قبلته .. وإتفقنا علي أن يكون "يوم الحب" هو يوم الفرح .. وجاء يوم الفرح مع يوم الحب .. وإذ أفاجيء بخطيبي يأتيني في صباح يوم الفرح .. ويطلب مني أن أقبل بأن يعيش معنا في فيلته صديق حميم عليه جدا .. لا يستطيع أن يستغني عنه .. تعجبت وظننتها لعبة من ألاعيب خطيبي والتي كان يشتهر بها من خلال فترة خطوبتنا .. فوافقته ضاحكة .. وإذ يحتضنني بشدة ويقول لي : أنا بحبك اووي .. وطالما أنتِ وافقتي فأنا سوف أحضره فورا من عربيتي لكي تتعرفي عليه .. وفجأة وبعد ثواني إذ أجد أمامي علي الباب صديقي الحبيب الذي فقدته فجأة منذ شهور .. ولمحتُ السلسلة التي أعطيتها له منذ سنة في مثل هذا اليوم " يوم الحب " ماتزال تحيط بعنقه .. وفي لمحة وجدته يجري إليّ وأنا أجري إليه وأخذته بالأحضان والقبلات بين دهشة خطيبي .. الذي قفز من الفرحة لأنه وجد هذا القبول السريع والمودة العجيبة بيني وبين الكلب " روني " .
فالنجعل يوم الحب لا يتوقف علي جنس او نوع او لون .. وعلي رأي والدتي كانت دائما تقول لي " الحب هو قبول وعطـــاء ."
كل سنة وانتم طيبين .... وتكون ايامنا حب في حب . ولكِ السلامـــــــــة يا مصـــــــــر من القلب ....!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com