لست كالواو أنت كالمنجل الحصاد
إن أحسنوا لك التشبيها
يا ثقيل الظلال آذيت بالمال
وبالنفس فالرحيلا.. الرحيلا
رُب طفل تركته أمه من غير
ثدى.. يضرب الأرض ضجة وعويلا
وفتاة «سحلتها» ليلة العرس
وقبل الحليل كنت أنت الحليلا «الزوج»
هذه كلمات على بك الجارم فى وباء الكوليرا، ولأن ميكروب الكوليرا يشبه الواو، فهو يخاطبه أنت لست كالواو.. بل كالمنجل الحصاد.. فارحل.. ارحل.. أو الرحيلا.. الرحيلا.. إنه تداعى المعانى.
سألوه: ما أجمل شىء فى الحياة؟ قال: المال!
سألوه: والذى هو أجمل منه؟ قال: النساء!
سألوه: والذى هو أجمل منهما؟ قال: الشهرة!
سألوه: وأجمل من الثلاثة؟ قال: السلطة!
سألت نفسى: والسلطة إذا كانت ملطخة بالدماء؟ قال ضميرى: تغور فى داهية.
فى قرية بائسة.. على رأسها رجل دين لا يفقه من أمور الدين شيئاً، جاء عالم ورع تقى من علماء الأزهر الشريف، أقام فى هذه القرية المسكينة، فكان لابد من الصدام بين الجهل والعلم، الدين كمظهر، والدين كجوهر، التقى الرجلان فى يوم من الأيام، هاجم الشيخ العالم الجليل قائلا: إنه جاء لإفساد الدين، وإنه مزور الشهادة العالمية من الأزهر الشريف! صُعق العالم وتحدى الشيخ أن يتلو عليه سورة البقرة، وهى أول سورة من سور القرآن الكريم! قهقه الشيخ ساخراً، وتحداه أن يتلو سورة الجمل إذا لم يكن من الجاهلين!
انفجر العالم غضباً وقال: يا جاهل ليس للجمل سورة إلا فى مخيلتك المريضة.. أليس من نكد الدنيا! قاطعه الشيخ ونظر للجموع قائلاً: أرأيتم يا قوم جهل هذا الرجل! وهل من المعقول أن يكون للبقرة سورة والجمل العظيم ليس له سورة؟!
انشقت القرية إلى فريقين، فريق حاول الفتك بالعالم، وفريق حاول حمايته، لكن بعد أن أشبعوا العالم ضرباً ولكماً، خرجوا حاملين شيخهم الجاهل على الأعناق!
هو ذا أبوالعلاء يأتينى صوته من وراء ألف عام:
واصمت فإن كلام المرء يهلكه
وإن نطقت فإفصاح وإيجاز
وليس على الحقيقة كل قولى
ولكن فيه أصناف المجاز
لا تقيد علىَّ لفظى فإنى
مثل غيرى تكلمى بالمجاز
يقول نزار قبانى:
أرفض هذا العصر، وكل ما أورثنى من تخلف وعقد جنسية، أرفض الثوب الذى ألبس، والعلم الذى أورثنى جاهلية، أفكر كثيراً.. كيف أصنع لنفسى من جديد.. أبجدية!
ويقول:
وصوت فيروز يأتى من الفردوس: إنا راجعون
سلبوا أرضنا ونحن راجعون
ناموا فى فراشنا ونحن راجعون
أسالوا دماءنا ونحن راجعون
هتكوا أعراض بناتنا ونحن راجعون
دهسوا بالمدرعات شبابنا ونحن راجعون
سحلوا نساءنا ونحن راجعون
قسّموا شعبنا ونحن راجعون
نهبوا ثرواتنا ونحن راجعون
أضاعوا كرامة بلادنا ونحن راجعون
ولا نملك إلا أن نقول.. إنا لله وإنا إليه راجعون!
عفوا.. إنه تداعى المعانى.. فلم يقل نزار كل هذه الكلمات.. لكنها مذبحة بورسعيد التى توجت ما قبلها من مذابح.. ألقت بظلالها على كلمات نزار، ولكننا للتحرير وللميدان راجعون! وأخيراً: قلتم «أيد خفية».. قلنا: هكذا نقول.. قلتم «طرف ثالث» ألا فقولوا هذا كلام غريب.. معناه: ليست لنا عقول!
نقلاً عن المصري اليوم
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com