كتب: عماد توماس
افتتح، مساء أمس الجمعة، اللقاء العشرين لمؤتمر أصدقاء التراث العربي المسيحي الذي ينظمه مركز دراسات مسيحية الشرق الأوسط بكلية اللاهوت الإنجيلية بـ"القاهرة"، في حضور ممثلين للطوائف المسيحية الثلاثة: الأرثوذكسية، الإنجيلية، الكاثوليكية.
وفى كلمة افتتاحية للمؤتمر، أكَّد الدكتور القس "عاطف مهني" - مدير كلية اللاهوت الإنجيلية- على إسهامات كتابات التراث العربي المسيحي عبر السنين الماضية، منها إعادة الثقة في أنفسنا لإعادة النصوص التي أنتجها الآباء، وإدراك لنمو وتطور الفكر المسيحي وكيف كان للشرق الأوسط إسهام كبير في نضج الفكر اللاهوتي، بالإضافة إلى إعادة تقييم العالم عن تراثنا وفكرنا اللاهوتي.
وأشار "مهني" إلى بداية تدريس "مسيحية الشرق الأوسط" في برنامج الماجستير، وإنشاء مركز مسيحية الشرق الأوسط المعني بدراسة الشرق اللاهوتي، لافتًا إلى أنه لا يمكن أن يكون لدى "مصر" إسهامات كنيسة "الإسكندرية" ولا يتم نشرها، مثل إسهامات كتابات "إكليمنضس" والقديس "أثناسيوس" وغيرهم. كما أن من اهتمامات المركز تقديم رؤية شرق أوسطية للكتاب المقدس، موضحًا أن الثقافة والحضارة تتأثر في اتجاهين، وكان للمسيحيين تأثير على الثقافة العربية والعكس، كما أن من اهتمامات المركز أيضًا الحوار الإسلامي المسيحي.
وفي الجلسة الأولى التي أدارها الدكتور "جوزيف موريس"، تحدَّث الأب "أنجيليوس شحاتة"- مدرس بكلية الكاثوليك بـ"المعادي" وراعى كنيسة مار جرجس الكاثوليكية بـ"ديروط"- عن "الكُتاب الأقباط"، موضحًا أن الاهتمام بوحدة المسيحيين لم تكن موضوعًا حديثًا، وليست نتاج مجهود لاهوتي معاصر، لكنها قديمة شرقًا وغربًا، ووحدة النصارى- بحسب التعبير الدارج في ذلك الوقت- شغلت الكنيسة، فمن المؤلفين المسيحيين العرب: "يحيي التكريتي"، و"أبي الفرج بن الطيب"، وأول من كتب باللغة العربية هو "ساويرس بن المقفع"- أسقف الأشمونيين- الذي تحدّث عن وحدة المسيحيين، وله كتاب "المختصر في الإيمان".
ومن "روما"، تحدث الأب "وديع أبو الليف" عن كتاب "الآباء في كتاب الدّر الثمين في إيضاح الاعتقاد في الدين" المنسوب لـ"ساويرس بن المقفع"، مشيرًا إلى بعض الأخطاء المعلوماتية مثل القول أن القديس "يوحنا ذهبي الفم" الذي رسمه هو الأسقف "ديمتريوس" فلا يوجد أسقف في ذلك الوقت بهذا الاسم!!.
التراث المسيحي بين الثقافة العربية والحوار الفلسفي
من جانبها، تحدَّثت الدكتورة "عايدة نصيف"- أستاذة الفلسفة- عن "التراث المسيحي بين الثقافة العربية والحوار الفلسفي.. تطبيق على فكر يحيى بن عدي الفيلسوف الأرسطي".
وقالت "نصيف"، إن علاقتها بالتراث العربي المسيحي بدأت عام 2000 خلال دراستها في الماجستير واعتمادها على مقالة "خليل اليسوعي" و"يحيي بن عدي".
وأكَّدت "نصيف"، أن التراث نشأ في حضن الحضارة العربية وليس الإسلامية كرؤية فلسفية لجذب أنظار الباحثين عن وجود تراث عربي مسيحي والعمل على فكرة التعايش، فتشكل التراث العربي المسيحي في ظل جدالات من القرن الـ 12 إلى القرن الـ 13 ووصلت ذروتها في عهد "يحي بن عدي".
وأوضحت أساتذة الفلسفة أن هناك ثلاث مراحل شكلت التراث العربي المسيحي:
الأولى- نشأ التراث العربي المسيحي نتيجة الدراسات التي دارت بين المسيحيين والمسلمين حول قضية التثليث.
الثانية- ظهور علم الكلام ومذاهب المتكلمين، فتعلم المسيحيون والمسلمون فن المبالغة واستخدام المناقشة بين الطرفين، فلم يستخدم المسلمين لفظ المشركين المسيحيين، وشرع المسيحيون في شرح عقيدتهم.
الثالثة- مرحلة انفصال الفلسفة عن اللاهوت، فأنشأ المأمون مدرسة الترجمة المعروفة باسم "بيت الحكمة"، وكان "حنين بن إسحاق" من أشهر هذه المدرسة، ومن ثم أخذ الحديث عن عقيدة التثليث إلى براهين فلسفية ومناظرات كلامية مستخدمين منطق "أرسطو"، وظهر نمط جديد من المناقشات مثل مناقشات "الكندي" كفيلسوف إسلامي و"بن عدي" كفيلسوف مسيحي.
بدايات تراث الادب العربي
وتحدَّث الدكتور "داود رياض"- أستاذ لاهوت الدفاع عن الإيمان- عن "بدايات تراث الأدب العربي"، مشيرًا إلى أن بداية تاريخ التراث المسيحي يرجع إلى رسالة القديس بطرس الأولى (15:3)، حيث الوصية أن نكون مستعدين أن نجيب عن سبب الرجاء الذي فينا بوداعة وتعفف.
أما بدايات تراث الأدب العربي فيعود إلى القرن السابع، حيث تأقلم بعض الكتاب المسيحيين وكتبوا باللغات اليونانية والسريانية والقبطية، غير أن بعضهم تأقلم مع اللغة العربية.
وأوضح "رياض"، أن أول مواجهة بين المسيحيين والمسلمين كانت في 8 مايو عام 639 بين "عمرو بن العاص" والبطريرك اليعقوبي "يوحنا"، حينما ساندته 3 قبائل عربية مسيحية وتمت ترجمة الإنجيل في يونيو 939 دون مساومة (فلم يحذف ألوهية المسيح وصليبه ولا المعمودية).
وأشار أستاذ الدفاع عن الإيمان، إلى أن الدفاعيات المنظمة نشأت مع "يوحنا الدمشقي" (675-753) وتبعه "أبو قرة" (740-825)، بالإضافة إلى الحوار بين الخليفة "المأمون" و"أبو قرة" عن لماذا ينحني المسيحيون للصليب؟.
وفي الجلسة الثانية التي أدارها القس "داود إبراهيم"، تحدَّث الأب الفرنسيسكاني "منصور مستريح" عن "ما يحتاج إليه المستغربون من ترجمات التراث المسيحي"، موضحًا أن أهم المواضيع التي يطلب ترجمتها أربعة، هي: بيزنطي، ولاتني، وصليبي، ومنوعات، وأكثر المراجع المتعلقة بالحروب الصليبية هي المصادر اللاتينية.
أساقفة مدينة "قاو"
وعن أساقفة مدينة "قاو"، تحدَّث المهندس "مدحت حلمي"، مشيرًا إلى بعض الأساقفة في ذلك الوقت، منهم أسقف غير معروف الاسم يظهر من اسمه الحرف الأول باليوناني ( (p، ويرجَّح أنه من شهداء عصر "ديقلديانوس"، بالإضافة إلى الأسقف "أبولو" أسقف "قاو واسفحت" ( 304 و305)، ومذكور في السيرة العربية وفي السيرة القبطية، وقام بالتبخير للأوثان في عصر "ديقلديانوس"، والأسقف الأنبا "أسطفانوس" ( 305 إلى 311)، والأسقف "أبوليوس" نحو 325 من ضمن أساقفة "اسفحت"، والأسقف الأنبا "ميوسيس" بعد عام 325.
مشاهد من المؤتمر
قال القس "وجيه يوسف"- منسق المؤتمر- إن المؤتمر أعاد نشر مقال عن "خصائص التراث العربي المسيحي" للأب "خليل اليسوعي" احتفالاً وتذكارًا به. وأضاف: إن المؤتمر جمع من كل حاضري المؤتمر 20 جنيهًا لتغطية تكاليف المطبوعات ونسخة من DVD للمحاضرات، ونسخة من نصوص المحاضرات مكتوبة سيتم إرسالها إلى المشتركين في المؤتمر."
وحضر المؤتمر: الدكتور "لؤي سعيد"- الباحث ومدير برنامج الدراسات القبطية التابع لمكتبة الإسكندرية- الذي قال لـ"الأقباط متحدون": إن مكتبة الإسكندرية سوف تستضيف مؤتمر "التراث القبطي في أفريقيا" يوم الاثنين المقبل من العاشرة صباحًا حتى الخامسة مساءًا.
ويختتم المؤتمر أعماله اليوم السبت، حيث يتحدث القمص "أنجيلوس النقولني" عن الحياة الاجتماعية عند الأقباط، والقس "عيد صلاح" عن "علم التفسير عند "بطرس السّدمنتي"، وتتحدث الدكتورة "فينيس نيقولا" عن "الدور الثقافي للمسيحيين العرب في القرن التاسع عشر".
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com