جدل بين القوى السياسية حول تشكيل الجمعية التأسيسية
يسود الأوساط السياسية والشعبية المصرية جدل كبير حول "الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور"، المقرر تشكيلها بعد انعقاد الجلسة المشتركة بين مجلسي الشعب والشورى، والمقررة يوم السبت الموافق في 3 آذار (مارس)، ومدى تأثير ذلك على التوافق في ما بينهم من أجل الإنتهاء من الدستور قبل الانتخابات الرئاسية.
اختلفت القوى السياسية والثورية والإسلامية، وخبراء الدستور حول رؤيتها لتشكيل "لجنة المئة" الموكل إليها صياغة الدستور الجديد. فهناك قوى سياسية تنادي بتأجيل تشكيل هذه الجمعية لحين صدور حكم من المحكمة الدستورية العليا يبت في صحة الانتخابات البرلمانية.
كما ان هناك من يطالب بعدم تمثيل نواب البرلمان في لجنة صياغة الدستور، إذ إن المادة 60 من الإعلان الدستوري لا تعطيهم الحق في ذلك. وقوى أخرى تطالب بتمثيل نسبي محدد بعيداً عن سيطرة تيار بعينه، وفريق كبير من القوى الليبرالية ينادي بجمعية معبرة عن جميع فئات وأطياف الشعب المصري.
ومن أهم ما يثار من تساؤلات متعلقة بالجمعية التأسيسية حسب محللين سياسيين ومراقبين، كيفية تشكيل الجمعية التي تسمى "لجنة المئة"، ونسب تمثيل القوى السياسية والهيئات الحكومية والشعبية فيها، حيث يطالب الإخوان ب40 % من نسبة تمثيل نواب مجلسي الشعب والشورى و30 % لاختيار الشخصيات العامة و30% ممثلين عن الهيئات الحكومية والنقابية.
جمال زهران: الإخوان سيتحكمون ب "لجنة المئة"
وحول نتيجة هذا الجدل أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس، الدكتور جمال زهران لـ"إيلاف" أن المجلس العسكري "ضعيف في مواجهة الإخوان في ما يتعلق بالدستور الجديد، وذلك كجزء من الصفقة التي تمت بينهما".
ورأى أنه "كان يجب على العسكري أن يصدر مرسوما بقانون يقوم بتحديد قواعد اختيار اللجنة الخاصة بإعداد دستور جديد للبلاد، ولكنه رفض وضع المبادئ العامة للدستور، وتركها لقمة سائغة للتيارات الإسلامية تتحكم فينا بلغة الأغلبية".
واستبعد زهران حدوث توافق في لجنة إعداد الدستور مدللاً على ذلك بممارسات الإخوان السابقة، ومنها السيطرة على 80% من اللجان في مجلس الشعب في حين أن تمثيلهم 47% ولم يتركوا سوى 20% من اللجان لباقي القوى، وهذا أمر "غير مقبول".
وتوقع أن التيارات الإسلامية سوف "تفرض سطوتها على هذه اللجنة، ولن تعتمد على التوافق في تشكيل اللجنة وإعداد اللجنة التأسيسية للدستور، على الرغم من كلامهم المستمر عن التوافق". ونبه إلى "أن الإخوان تحولوا إلى حزب وطني جديد يطبق الممارسات والسياسات نفسها، ويكرس لبناء نظام مثيل لنظام مبارك الذي كان يحتكر البرلمان من قبل".
وكشف الخبير السياسي النقاب عن عدد من الدلائل التي تشير إلى سيطرة الإخوان والسلفيين على لجنة صياغة الدستور، ومنها حديث الإخوان عن إعداد دستور جديد، سيكون جاهزاً خلال شهر أو شهرين على أقصى تقدير، بالإضافة إلى الإبقاء على أربعة فصول من دستور 71، لافتاً إلى أنهم "ليسوا متجاوبين مع الشارع الثائر".
محمد منصور: التمثيل النسبي ليس في صالح الأقباط أو المؤسسات المدنية
ومن جانبه، إعتبر أستاذ العلوم السياسية، الدكتور محمد منصور أن المشكلة تكمن في النظام الداخلي لهذه اللجنة وعملها، و كيفية اختيار أعضاء الجمعية، تساءل: "هل سيكون لها رئيس أم لا ؟ وما هي النسبة اللازمة لتمرير القرارات ؟ وما هي الآلية المتبعة في حال وقوع خلافات؟ ".
وشدد على ضرورة أن يكون التشكيل بالتوافق، وان يضم كافة التيارات وفئات المجتمع المصري وشرائحه المختلفة. وتوقع الخبير السياسي لـ"إيلاف" أن يكون تشكيل اللجنة التأسيسية بواقع 50 عضوا من المجلسين والـ50 الباقية ستكون لممثلين عن كافة شرائح المجتمع.
ورأى أن "الأزمة الأكبر هي عدم التوافق وإصرار التيار الإسلامي على السيطرة على اللجنة، وان يكون التمثيل من خلال النسبة والتناسب، ما ليس في صالح المرأة أو الأقباط أو المؤسسات المدنية".
التوافق ضرورة
أما الدكتور أحمد بهاء الدين شعبان رئيس الحزب الاشتراكي المصري، فأكد لـ"إيلاف" أنه من حيث المبدأ لابد من التوافق على لجنة المائة، بحيث تكون معبرة عن كافة القطاعات والشرائح". وحذر من "تعامل القوى الإسلامية بمنطق سيطرتها على الأغلبية في مجلسي الشعب والشورى، لأن هذا سيؤدي إلى احتراق البلاد". واعتبر انه لابد أن تنصت الأغلبية لأصوات الشارع من أقباط وعمال وفلاحين.
وأضاف: "أن غياب القواعد المنظمة لتشكيل الجمعية التأسيسية يدفع باتجاه سيطرة الإسلاميين الذين يمثلون الأغلبية في البرلمان عليها وعلى هوية الدستور المقبل". وبدوره صرح المستشار محمود الخضيري رئيس لجنة الشؤون التشريعية في مجلس الشعب لـ"إيلاف" أن الدستور الجديد لابد أن يكون توافقيا، بحيث يلبي جميع مطالب الشعب بمختلف انتماءاته.
وطالب بتمثيل نسبي لنواب البرلمان بما لا يتجاوز 20 % من لجنة المائة، بحيث يتم إعطاء الفرصة لتمثيل أكبر لفئات الشعب. واكد أن المادة 60 من الإعلان الدستوري لم تمنع نواب البرلمان من التمثيل بلجنة صياغة الدستور.
ومن جهته، شدد المستشار سيد حسين على ضرورة استبعاد نواب البرلمان من لجنة صياغة الدستور، إذ إن المـــــادة 60 من الإعلان الدستوري أعطت لمجلسي الشعب والشورى حق انتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد، ولم تحدد ضرورة اختيار نواب من البرلمان. ولفت إلى أن استبعاد نواب البرلمان سوف يعمل على تفادي الطعن في عدم دستورية اللجنة والدستور الجديد في حالة صدور حكم ببطلان الانتخابات البرلمانية.
وأشار عضو الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، محسن راضي لـ"إيلاف" إلى أن هناك معايير ثابتة بشأن اختيار لجنة صياغة الدستور، فتشكل من نواب البرلمان، وشخصيات عامة، وخبراء دستور، وممثلين عن النقابات، واتحاد العمال، والمرأة، والأزهر، والكنيسة، وبالنسبة إلى نسبة تمثيل النواب فسوف يكون وفقا لنسبة الأحزاب في مجلسي الشعب والشورى.
وقال "إن الإخوان لا يسعون للسيطرة على لجنة المائة، وبالتالي صياغة الدستور كما يدعون، بل يسعون إلى خروج دستور توافقي يرضى عنه الشعب بجميع طوائفه". وكشف أن المطروح حاليا، أن تضم الجمعية 40 عضواً من داخل البرلمان و30 آخرين يختارهم البرلمان من خارجه و30 يمثلون أطياف المجتمع.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com