بقلم: القس بيمن الطحاوى
كل منا يتمني أن تكون له شخصية قوية مؤثرة.. شخصية متميزة وفريدة.. شخصية لها مذاق خاص، وملامح محددة.. شخصية ليست باهتة، كما أنها ليست جامدة، ولكنها في حركة نمو وتطور مستمر.، ولكن قبل الحديث عن سمات الشخصية القوية، تعالوا بنا نستعرض معا باختصار مصطلح الشخصية وتعريفها..
يرجع أصل مصطلح الشخصية personality إلي الكلمة اللاتينية persona ومعناها الوجه المستعار (القناع)، وأول من أستخدم مصطلح الشخصية كان الإغريق، ثم شاع هذا الاستخدام بين الممثلين الرومان (وذلك لما كان يضعونه من أقنعة علي وجوههم في التمثيل)، هذا ويحمل مفهوم الشخصية في علم النفس معاني متعددة: فالشخصية هي نموذج حياة الفرد وهي ما نستنتجه من ملاحظة أحداث سلوكه المتكررة، وهي تتضمن قدرات الفرد وميوله وصفاته واتجاهاته وانفعالاته وإرادته، وهي التي تُشكل طريقة علاقة الفرد بالبيئة المحيطة به.، وبعض التعريفات الأخرى تري أن الشخصية هي ما يدل عليه السلوك الإنساني فأنت تستدل علي شخصية من حولك من الطريقة التي يتعاملون بها معك.
واستكمالاً لتعريف الشخصية ينبغي أن ندرك معني الكلمات الآتية:
1- الطبع: وهو مجموعة السمات الداخلية في الإنسان، والتي تؤثر في سلوكه، وتعود هذه السمات إلي عوامل وراثية.
2- الخلق: وهو الجزء المكتسب في التكوين الإنساني، ويتكون من تأثير البيئة التي تربي فيها الإنسان، ومن محصلة ما تعلمه من خبرات ومعلومات.
والشخصية هي التعبير الخارجي عن الإنسان وهي تشمل كل ما هو موروث (الطبع) وكل ما هو مكتسب (الخلق)، أي أن الشخصية هي نتاج التفاعل بين الطبع والخلق.
هذا ويلجأ الناس عادة لدي تعريفهم للشخصية القوية لبعض التعاريف الخطأ؛ فهناك أولاً من يعرفون الشخصية القوية بأنها تلك الشخصية التي تسيطر وتتحكم في الآخرين (ممن يكون لهم معهم اتصالات اجتماعية)، فالزوج يكون شخصية قوية إذا استطاع أن يتحكم في زوجته ويخضعها لإرادته، والأب يكون شخصية قوية إذا كان قادراً علي إخضاع أبنائه لما يرسمه لهم من خطط سلوكية، والرئيس في العمل لا يكون شخصية قوية إلا إذا تمكن من إخضاع مرؤوسيه لأوامره بحيث يهابونه، ويخشون بطشه! ونتيجة لهذا التصور الخاطئ، يميل البعض إلي الصرامة والشدة في التعامل مع الآخرين، وربما القسوة والتجبر أيضا، حتي ما يصبح الشخص مخوفاً من الآخرين، اعتقاداً منهم بأنه بقدر ما يزداد هذا الخوف بقدر ما تكون شخصية الإنسان قوية! وبهذا يعتبرون الشخصية القوية هي الشخصية المسيطرة، علي أن قوة الشخصية المسيطرة، لا تُستمد من داخلها، بل تستمد قوتها من اهراق دماء وطاقات الشخصيات الأخرى التي تستذلها وتضرب بوجودها عرض الحائط ولا تقيم لها وزن ولا قيمة، فقوة الشخصية المسيطرة هي أذن سلبية سقيمة، ولكن قوة الشخصية التي نبتغيها لابد أن تكون مستمدة من كياننا الذاتي.
وهناك من يقول أن الشخصية القوية هي تلك الشخصية التي تعرف ما لها وما عليها، فالتاجر صاحب الشخصية القوية في نظر أصحاب هذا التعريف، هو الذي يقدم السلعة الجيدة، ويأخذ في المقابل الثمن الذي يتضمن الربح القانوني من الزبون! لكن في الحقيقة هذا التعريف هو ما ينبغي أن يتصف به أي إنسان عادي فاضل ونحن هنا لا نقصد الإنسان العادي بل المتميز عن الآخرين بما يسمي بقوة الشخصية، وشاغلنا الأكبر هو البحث عن العنصر المميز لهذه الشخصية التى تتمتع بقوة وتأثير.
وهناك من جهة ثالثة من يُعرف الشخصية القوية بأنها تلك الشخصية التي لها أنصار وأتباع كثيرون، فالمسئول الذي يستمتع بشعبية في مجال عمله يكون في نظر أصحاب هذا الرأي أقوي شخصية من ذلك الذي ليس له سوي أتباع قليلون! لكن أصحاب هذا الرأي يكونوا قد قصروا بذلك قوة الشخصية أو ضعفها علي فئة واحدة من الناس وهي تلك التي تتصدر المسئوليات والأوضاع القيادية.. وللحديث بقية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com