أثارت تصريحات الأنبا موسى أسقف الشباب بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية حول عدم مشاركة الكنيسة الأثيوبية فى انتخاب البابا الجديد حالة من الجدل حول ما إذا كانت هناك أزمة بين الكنيستين وهل الانفصال التاريخى السابق بينهما كان كفيلا بعدم المشاركة فى الاختيار رغم وجود صلات روحية عميقة كانت لها دور فى تلطيف جو الملفات الشائكة بين مصر وإثيوبيا ومنها ملف مياه النيل..
كان المجمع المقدس قد واصل اجتماعاته ومشاوراته بعد وفاة البابا شنودة وأعلن أن لائحة انتخاب البطريرك تضم نصوصا قديمة لم تعد متواكبة مع الواقع حيث يعود تاريخ اللائحة إلى عام 1957 وكانت تنص فى أحد بنودها على مشاركة 30 عضوا بالكنيسة التوحيدية الإثيوبية الأرثوذكسية فى اختيار بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وكانت الكنيسة الإثيوبية فى ذلك الوقت تابعة إداريا وروحيا للكنيسة المصرية إلى أن قام بطريرك الكنيسة القبطية البابا كيرلس السادس بتتويج باسيلوس كأول بطريرك على كنيسة إثيوبيا عام 1959 ومنذ ذلك التاريخ تحظى كنيسة إثيوبيا باستقلالية إدارية مع وجود صلات روحية ودينية عميقة بينهما .. ثم انقطعت العلاقات فترة طويلة من الزمان إلى أن تم توقيع بروتوكول بين الكنيستين عام 1994 ثم سافر الأنبا بيشوى بتكليف من البابا إلى إثيوبيا عام 2007 لإعادة العلاقات ثم قام البابا باولوس بطريرك الكنيسة الإثيوبية الحالى برد الزيارة فى نفس العام كما حضر بصحبة عدد من الرهبان والمطارنة مراسم تشييع جنازة البابا شنودة وقال فى كلمته أن البابا الراحل كان أبا روحيا لهم وانه لا يحتاج لصلواتهم ومع ذلك فقد جاءوا من أجل أن يصلوا .
يقول الدكتور كمال زاخر المفكر القبطى المعروف أن العلاقات الكنسية والدينية والروحية بين الكنيسة القبطية فى مصر والكنيسة التوحيدية فى إثيوبيا لا تتعارض ولا تتقاطع مطلقا مع العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين ومشاركة أو عدم مشاركة الكنيسة الإثيوبية فى انتخاب البابا الجديد للكنيسة القبطية لا يمثل أزمة فهى قضية إدارية فقط تتعلق بترتيبات كنسية لا اكثر ولا أقل فمن المعروف أن الكنيسة الإثيوبية انفصلت عن الكنيسة القبطية وبالتالى أصبح لها بطريرك خاص ومجمع مقدس خاص ومجلس ملى خاص ولم يعد بطريرك الإسكندرية يقوم برسامة البطريرك الإثيوبى ورغم هذا الانفصال الإدارى فهناك وحدة من حيث العقيدة والطقوس والنظام أى أن هناك صلات روحية بين الكنيستين وارتباط تاريخى ودينى ووجدانى طويل لكن طبعا لائحة انتخاب البطريرك قديمة وسبقت عملية الانفصال ولهذا أثار النص المتعلق بأحقية 30 عضوا بالكنيسة الإثيوبية بالمشاركة فى انتخاب البابا كل هذه التساؤلات.
وحول أهمية العلاقات الروحية بين كنيستى البلدين وتأثيرها على ملف مياه النيل وحقيقة تدخل البابا شنودة فى حل بعض المشكلات المتعلقة بهذا الملف فى الفترات السابقة يقول الدكتور كمال زاخر أن هذا يعود لعلاقة الأبوة والبنوة بين إثيوبيا ومصر فى الإطار الكنسى كما أن البابا الراحل كان يحظى بمكانة وتقدير كبير لكن على كل حال الصلات قائمة فى إثيوبيا وبقية دول إفريقيا فللكنيسة المصرية مطارنة وجاليات قبطية فى إثيوبيا والسنغال وجنوب إفريقيا.
ويذكر الدكتور سمير مرقص الباحث والمفكر القبطى فى مقالة سابقة له أن العلاقات بين الكنيستين علاقات قديمة تعود لقرون مضت فهناك واقعة زمانها القرن السادس عشر ومكانها البحر الأحمر عندما بدأت الأطماع البرتغالية في البحر الأحمر وفي إثيوبيا تحديدا نتج عن هذه الأطماع صراعات سياسية أعقبها مشكلات دينية مذهبية عنيفة وذلك بسبب صراع القوة البرتغالية الصاعدة ضد مصر انتهي بهزيمة الأسطول المصري في عهد السلطان الغوري. وفي الوقت نفسه أعلن تبعية حكام إثيوبيا إلي بابا روما.. هذا بالرغم من أن الكنيسة المصرية قد عنيت بأن تمدها دوما بكل ما تحتاجه من رعاية وتوجيهات وبعثات تعليمية وخصتها بالحق في انتخاب بابا الإسكندرية بحسب اللائحة في مادتها التاسعة, واستثنت وفد الكنيسة الإثيوبية من عرض أسماء الوفد الذي له حق الانتخاب بحسب اللائحة علي لجنة قيد الناخبين كما جاء في المادة الثامنة حيث تتلقي اللجنة آراء مندوبي الكنيسة الأثيوبية التي يدلون بها بأنفسهم وبواسطة وكلائهم الرسميين, إلا أن هذا لم يمنع أن تتأثر دوما العلاقات السياسية والدينية.. خاصة أن هذا الأمر تكرر أكثر من مرة مع اختلاف التفاصيل..
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com