بقلم- صبحي فؤاد
فض مولد انتخابات مجلس الشعب المصري بكل ما كان فيه من إيجابيات وسلبيات، وعقب بدء اجتماعاته اكتشف الناس الطيبون على أرض المحروسة بعد جلسات قليلة أن غالبية نوابه الأفاضل وخاصة التابعين للإخوان وإخوتهم السلفيين لا يهمهم من قريب أو بعيد مشاكل البطالة أو الغلاء أو أزمة الإسكان والمواصلات والعلاج أو نظافة الشوارع.
واكتشف الناس الطيبون أيضًا أن غالبية نوابه الكرام لا تهمهم الأزمة الاقتصادية التي تمر البلد بها، والعجز الخطير في الميزانية، ونقص الاحتياطي الاستراتيجي من العملات الأجنبية والسلع الرئيسية.. ولا تشغل بالهم قضية غياب العدالة الاجتماعية وانتشار الفوضى وتوقف عجلة الإنتاج وهروب السياح وانهيار السياحة التي كانت مصدر دخل أكثر من خمسة ملايين أسرة مصرية..
وكانت المصيبة الكبرى والصدمة التي أفاقت المصريين- وخاصةً من صوّتوا لصالح الإخوان والسلفيين- من أوهامهم وغيبوبتهم عندما أدركوا أن نوابهم لا يوجد لديهم حلول معقولة أو غير معقولة لمشاكلهم وطلباتهم واحتياجاتهم التي من أجلها قاموا بثورتهم ضد الرئيس السابق "مبارك" وأسقطوا نظامه.
لقد وجد الشعب المصري نوابه مشغولين بالدعوة إلى تطبيق الشريعة الإسلامية وإعداد قوانين أو مقترحات بتزويج البنات الصغيرات اللاتي لم يبلغن السن القانونية إلى من يقدر على دفع الثمن رغمًا عن أنفهن وأنوف آبائهن وأمهاتهن لأن الشرع أوصى بذلك.. بالذمة ده كلام يا ناس، بنت عندها ثمانى أو عشر سنوات يمكن باسم الدين والقانون أن نرغمها على الزواج ونسرق منها طفولتها وبراءتها وأجمل وأحلى سنوات عمرها!!
بجانب الدعوة من جانب النواب المحترمين بزواج الأطفال تقدَّم واحد من حضراتهم بمقترح لتطبيق حد "الحرابة" لقطع الأيادي والأرجل والألسنة وتعليق المشانق في الميادين لمن يسرق رغيف عيش لإطعام أطفاله الجوعى أو من يعارض نواب الله الجدد على الأرض.. أليس من الأولى بهؤلاء المحترمين توفير رغيف الخبز أولاً للجوعى والوظائف للعاطلين والعلاج لم يحتاجه والإسكان المناسب للشباب لكي يتزوجوا ويمارسوا احتياجاتهم الجنسية وتكوين أسر لهم قبل أن نفكِّر في قطع الأيادي والرجم وتعليق المشانق ومنع المواقع الجنسية؟؟
واكتشف شعب "مصر" أيضًا أن نوابه يخافون على لغتهم العربية ويخشون عليها من المنافسة، ولذلك اقترح عضو موقَّر منهم بوقف تعليم اللغة الإنجليزية لأنها لغة الكفرة وتخالف الشرع والشريعة!!.
وبمناسبة التعليم، فقد تفضَّل أحدهم من أصحاب الدقون الطويلة بتقديم اقتراح لبناء مساجد بكل مدرسة وحضانة وجامعة على حساب خزينة الدولة، وإجبار الطلبة والطالبات على ترك دروسهم وتعليمهم والخروج إلى الصلاة في أوقاتها لكي يكونوا مثل الملائكة أطهارًا أبرارًا عند انتهاء تعليمهم وخروجهم إلى المجتمع الكبير والعمل.
على فكرة، "مصر" بها أكبر عدد من الجوامع على مستوى العالم الإسلامي بأكمله، ومع هذا فهي من ضمن العشرة الأوائل في الفقر والفساد والجريمة، فلماذا لا يطالب العضو الفاضل بتجربة شىء آخر لتعليم أطفالنا ما يفيدهم ويفيد أهلهم وبلدهم.
وكان أكثر ما أفزعني وأفزع غيري من المحبين لـ"مصر" اقتراح عضو مجلس شعب من إياهم بإلغاء وزارة المالية وإحلال "بيت المال الإسلامي" محله وإلغاء قانون الخلع الذي أنصف ملايين النساء في "مصر" من بطش وجبروت وقسوة أزواجهن.
وحتى لا أطيل، أريد أن أسأل نواب مجلس الشعب الجدد الذين فور جلوسهم فوق مقاعدهم ظهرت حقيقتهم وخداعهم لمن صوَّتوا لهم.. أريد أن أقول لهم: أين الخبز والوظائف والعدالة والكرامة يا نواب العار؟؟ وهل أنتم حقًا تمثلون شعب "مصر" الأصيل الطيب المتسامح أم تمثلون مصالحكم الشخصية وأجندات بعض الدول الأجنبية لتخريب وتمزيق وتفكيك "مصر" باسم الإسلام والشريعة والأديان السماوية؟؟
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com