بقلم- مينا ملاك عازر
اتصل بي صديقي منزعجًا بعد قراءته لمقال أول أمس، وأخذ يهاجمني ويقول إنت خلاص بتغير مبادئك بسهولة، من إمتى بتتنازل عن مواقفك؟ يا رجل مش كنت من المؤيدين لفكرة الدستور الجديد، وكنت رافض للتعديلات الدستورية، دلوقت بتغير مبادئك زيك زيهم بتغير مواقفك، إزاي صاحبي يكون كده؟ وأخذت أهدئ من صاحبي المنفعل، وقلت له اسمع هذه الحكاية..
قرَّر أحد الأزواج أن ينزل وكان مستعجلاً جدًا، ورغم أنه وجد ثوبه مرقَّعا قرَّر أن يرتديه، رغم دعوات الزوجة المحبة له التي تخشى وترفض أن يرتدي زوجها ثيابًا مرقَّعة. بدأ الزوج في ارتداء ثيابه المرقعة وارتضت الزوجة ذلك، ولكنها حينما خرجت لتلحق به مودعة إياه عند باب الشقة وجدته يرتدي ثيابًا جديدة، ثيابًا مؤقتة، ولما سألته عن إزاي كان مستعجل ورضيت تلبس أي حاجة رغم ترقيعها؟ وإزاي إنت الآن تضيع وقتك وتلبس ثياب مؤقتة فوق رداءك المرقع؟ لم يجبها؛ مما أثار شكوكها في أنه ارتضى أن يليس الثوب المرقع ليهرب من سؤالها أين يذهب؟ المهم نزل الزوج وعادت الزوجة للشقة لتجد جرس الهاتف يدق وترد لتجد سيدة تقول مندفعة لفلان زوج المرأة "يا ريت يا حبيبي تلبس الثوب الفلاني أصله يجنن عليك"، فردت الزوجة بغضب: "فلان مش موجود أنا مراته" وأغلقت السماعة في غضب مدركة أن زوجها في طريقها لخيانتها، وما أن مرت دقائق إلا وعاد الزوج ليبدل الثياب المرقعة التي خرج بها من الشقة والثياب المؤقتة التي ارتداها خارج الشقة لينزل وخلاص ويهرب من مراته بالثوب الذي تريده المرأة اللعوب الذي سيخون زوجته معها.
قل لي بقى يا صديقي: ماذا تفعل هذه الزوجة؟ هل تترك زوجها يغير ثيابه ويخونها ويفضحها ويفضح نفسه أمام العالم كله؟ أم ترفض أن يرتدي ثوبًا جديدًا وتجبره على أن يبقى بثوبه الذي قبل به، وهو مرقع كرغبته، وتأخذ منه ثوبه المؤقت، لتضمن أنه لن يخنها لأنها تعرف إن فور أن يخونها بهذا الثوب المرقع سيتهرأ ويتعرى، وترتضي بثوب مرقع يستر بيتها وزوجها ويبقي على زواجها أم تقبل بثياب جديدة؟ قل لي يا صديقي.
فصمت صديقي برهة، ثم قال: فليبقى الإخوان والسلفيون بدستورهم الذي اختاروه ظانين أنه سيحافظ لهم على الحكم، وإن كان مرقعًا أفضل من أن يفضحونا بدستور يستر جزءًا من الوطن ويعري الباقي، إذ يخرج الأقليات والمعتدلون من مظلته ويجعل الوطن وطنهم وحدهم، فليبقوا بمرقعهم خير من أن يجددوه فيخونوا "مصر" أكثر مما هم خائنون لشهدائها ومحبيها ولثورتها.. كفاهم خيانة وليتواروا وراء المرقع خير من المواراة خلف الجديد.
فضحكت بصوت عال، إذن أنت فهمتني، أنا كنت أريد أن أوقعهم في شر أعمالهم، أسقطهم في فخهم، ولكن هل يا ترى ستجد دعوتي من يساندها؟ أم أن الإخوان سيجدون حجة جديدة يضحكون على الشعب البسيط كتلك التي ضحكوا بها على الشعب حينما أقلقوهم على الشريعة الإسلامية ومدى وجودها وفاعليتها في الدستور الجديد الذي يتجهون هم في هذه المرة ليصيغوه منفردين، خاصةً وأن في هذه الحالة يجب أن يسألهم الشعب: لما إنتم كده كده كنتم عايزين تعملوا دستور جديد، طب ما كان من الأول، وقلنا لا، وعملنا دستور على مية بيضة، ولا إنتم بس عايزين تركبوا الثورة من الباب الخلفي، ومتوارين وراء ثيابكم المرقعة التي خاطها لأنفسهم زبانية النظام السابق لتستفيدوا أنتم بها، وكأنهم يعملون بالمثل "ربي يا خايبة للغايبة"، فجاءت الغايبة لترتد الثياب المرقعة حتى تضمن الحكم والجلوس على سدته، ثم تغير بما يعري باقي الوطن.
المختصر المفيد، دستور مرقَّع خير من دستور يستر ناس ويعري الآخرين حتى يمزق الوطن، مش كده ولا إيه؟ ودعونا نستغل أخطاءهم، ولو لمرة نكون فيها انتهازيين نصف انتهازيتهم.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com