ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

مسيرة الحب والعطاء 5- البابا شنوده المعلم الحكيم

القمص. أفرايم الأنبا بيشوي | 2012-04-04 00:00:00

بقلم :  القمص أفرايم الأنبا بيشوى

 
حياة حافلة بالحكمة والتعليم والعطاء...
 
+ البابا شنوده ونيل مصر المعطاء... ان حياة قداسة البابا شنوده الطويلة قد تميزت بالحكمة والمحبة والعطاء والوعظ والتعليم المتميز والصوت الحنون القوى الوديع . ولا يكفي كتب كثيرة لتسجيل كل ما عمل وكتب وعلم . كان قداسته يؤمن باهمية التَعلم المستمر ولا يكل أو يتعب من البحث والاطلاع والتأمل والتفكير والتأليف. الامر الذى جعل عظاته متجددة كمياة النيل وقد كساها الروح القدس بقوة التاثير فى النفوس، كما انها ممتدة على مدار ما يزيد من ستة عقود وفيها الاصالة والعمق كامتداد النيل لالاف الكيلومترات. وهى تروى قلوبنا وتنبت فيها اشجار الفضيلة والبر كما يروى النيل الارض، وكما تنبت الارض شجرا ونباتا يعطى ثمراً كجنسه هكذا تعاليم البابا اثمرت فى حياة كل واحد منا حسب جهاده وعمق تربتها وصبره فى الأثمار. ولقد وهبه الله ذاكرة قوية لازمته الى اخر ايام حياته الى امتدت الى ما يقارب على التسعين عاماً. وسجل لنا  فيها على صفحات من نور سجل حافل من الاعمال والاقوال والانجازات وترك لنا ميراث ضخم من الكتب زاد عن المئة والاربعين كتاب فى شتى نواحى الحياة وعظات لا تحصى فى الحياة الروحية والاجتماعية والإيمانية والعقيدية . والاف المقالات التى تفيض بالحكمة والقيم الروحية السامية التى تقود النفس الى الخلاص.


+حياة حافلة بالتعليم والروحانية ..  قضى البابا شنوده حوالي 58 عام راهباً، واكثر من 50 عام وهو أسقف للتعليم  وما يزيد عن 40 عام بابا وبطريرك للكرازة المرقصية. وقد بدء حياته كخادم فى كنيسة السيدة العذراء بشبرا ثم خادم للشباب فى كنيسة الانبا أنطونيوس بشبرا منذ شبابه المبكر. وكان اول اسقف للتعليم والاكليريكية ومدارس الاحد يعلم ويمسك بالطباشير ويشرح للطلبه عن اللاهوت والعقيدة فغير من مفهموم الناس للاسقف واهتم بالتعليم والرعاية وتقديس الشعب فى مختلف المجالات، وجال فى مختلف مدن مصر يعظ ويعلم فى الروحيات ويربط بينها وبين الحياة المعاشة، وعندما اختارته العناية الالهية ليكون بابا وبطريرك للكرازة المرقصية لم يتوانى لحظة عن رعاية وتعليم شعبه حتى اخر ايام حياته  فكان بحق ذهبى الفم القرن العشرين .إننا بدون شك جيل محظوظ لأننا ولدنا ونشأنا في عهد قداسة البابا عهد العلم والمعرفة وجميعنا تتلمذنا على أيدي هذا القديس العظيم سواء في كتبه الكثيرة أو عظاته المتنوعه التي شملت مجالات متعددة من الروحيات  إلى اللاهوت إلى العقيدة إلى تاريخ الكنسية ورجال الكتاب والقديسين عبر العصور  وحتى شعره الروحي الجميل تحول الى ترانيم روحية يتغنى بها شعبه ومحبيه لكى  ترفعنا إلى السماء في رحلة روحية جميلة فاصبحنا تلاميذ هذا الرجل العظيم الذى تتلمذ على يد الرب الاله وكتب الاباء القديسين وسيرتهم وكان نعم الاناء الجيد الذى يأخذ مما للمسيح ويعطينا، فجميعنا تأثرنا بعلمه ومعرفته وروحانياته. وهو الراهب الناسك الذى أهتم بجيل روحى من الرهبان ثم الامتداد الرهبانى فى مصر وخارجها وهو اللاهوتى القدير الذى أهتم بكليات اللاهوت فى مصر وخارجها من أجل رفع مستوى الرعاة والخدام وهو رجل العمل الوطنى الدارس لتاريخ مصر عبر العصور، الذى كانت مصر وطناً يعيش فيه ويفتخر بتاريخها القديم والحديث ويتحدث عنها بكل انتماء واصالة ابناء النيل الاوفياء. وهو الذى احب الله منذ صغره وكان سفيراً له على الارض يدعو للحب والوفاء والايمان الذى يحول الارض الى سماء.


+ ربنا موجود .. اصبحنا نعيش فى عهده  واقع  شعار "ربنا موجود" هذه العبارة التي تشعرنا دائماً سواء فى الرحب او الضيق أن الرب معنا لا يتركنا ويدافع عنا ويقودنا فى موكب نصرته . كما انه فى كل مشكلة على المستوى الفردى او الجماعى أصبحنا نقول " مصيرها تنتهى" ونرى دائما انها تنتهى لخيرنا سواء اراد الناس لنا منها خيراً او حتى شراً فالله قادر ان يحول الشر الى خير فصرنا مع البابا نقول " كله للخير" وصرنا مع يوسف الصديق نقول { انتم قصدتم لي شرا اما الله فقصد به خيرا لكي يفعل كما اليوم ليحيي شعبا كثيرا} (تك 50 : 20). واختبرنا  بكلماته هذه قول القديس بولس الرسول    { ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده} (رو 8 : 28). انه البابا المعلم الحكيم الذى جاء الى كرسى مامرقص ليعيد له مجد مدرسة الاسكندرية اللاهوتية المزدهر التى صمدت ضد الفلسفة اليونانية  والالحاد فى العصور الاولى ثم تغلبت عليها وقويت وامتد تاثيرها حتى وصل الى الهند فى عصر بنتينوس عميدها فى 185م  ثم وصلت الى الغرب فى المانيا وسويسرا وايرلندا فى عصر اثناسيوس فى القرن الرابع . فالبابا هو حفيد الانبا انطونيوس الراهب الحكيم الذى جاء اليه فلاسفة اليونان فاقنعهم بحكمة مستمدة من قوة الروح القدس وعمق حياة التأمل فى  الصحراء. وهكذا جمع قداسة البابا ليس فى شخصه فقط لكن وأثر فى كنيسته ومؤمنيها ايضاً فجعلها تجمع بين النسك والزهد فى العالم ومقتنياته وبين الغنى الروحى والفكرى ، بين الروحانية الشرقية العميقة وبين العلم والمنطق والحجة والبلاغة . بين المقدرة على الاقناع بالحجة والمنطق  وبين محبة الصمت والسكوت ليتدخل الله، استطاع البابا ان يجمع بين الوداعة والرقة والحنو والرحمة وبين الشجاعة والقوة والحزم ويمزج بين المتناقضات فى حكمة من روح الله القدوس .
 
البابا المعلم الحكيم والسير على خطاه ...
 
+ حكمة البابا شنوده الثالث.. الحكمة فى فكر قداسة البابا تشمل جودة التفكير ودقة التعبير وسلامة التدبير.. الحكمة فى تعاليمه : ( تنبع من التفكير السليم المقترن بالتصرف الحسن فى السلوك العملى. والحكمة لا تعتمد على العقل فقط، أنما تستفيد من الخبرة والارشاد ومن الصلاة وتوجيه الروح القدس. فالحكمة ليست هى مجرد المعرفة السليمة. أو مجرد الفكر الصائب، انما هى تدخل فى صميم الحياة العملية، لتعبر عن وجودها بسلوك حسن فهى ليس مجرد معلومات نظرية أو عقلية  وينطبق عليها قول القديس يعقوب الرسول { من هو حكيم وعالم بينكم، فلير أعماله بالتصرف الحسن فى وداعة الحكمة} (يع13:3). عندما سئل القديس الانبا أنطونيوس عن : ما هى أعظم الفضائل؟. فاجاب قائلاً : الأفراز هو بلا شك أعظم الفضائل ومعنى الافراز هو ان يفرز الانسان الحق من الباطل ويميز بين الخير والشر. وكما يقول قداسته البابا شنودة : ( المفروض فى الانسان أن يسلك فى كل فضيلة بحكمة. يفهم اولاً معنى وكنه هذه الفضيلة ويعرف كيف يمارسها ومتى وهكذا يتخلل الافراز والحكمة كل فضيلة. وكما قال الكتاب المقدس { الحكيم عيناه فى راسه، أما الجاهل فيسلك فى الظلام) جا14:2. ) هكذا يجب ان يسلك أولاد الله فى حياتهم وفى خدمتهم . كان البابا يتميز بهذه الحكمة مع سرعة البديهة والرقة فى المشاعر . فى مرة التقت به  احدى الدبلوماسيات من الغرب وسالته عن قطتها العزيزة وقالت له : ماتت قطتى المحببة وعندما سألت راعى كنيستنا هل ساراها فى السماء فقد احزن قلبى وقال لى لا!  فما راي غبطتكم ؟ أجابها البابا فى الرقة التى لا تجرح وفى الحكمة التى لا تحابى فى التعليم : الم تأتيكى حتى فى الاحلام؟ قالت له نعم لقد حلمت بها أكثر من مرة . قال لها قداسة البابا ان الله يريد ان يعزى قلبك عن فقدها حتى ولو عن طريق الاحلام.


+ الحكمة تعنى سلامة التفكير.. المستمد من فكر المسيح المذخر لنا فيه كل كنوز الحكمة والعلم . والانقياد للروح القدوس فى امانة وتجرد وبلا ميول او أهواء شخصية أو نزوات تقودنا للتعثر او الهلاك. كما يقول قداسة البابا:( ان بعض الناس عندهم سياسة وكياسة ودبلوماسية، يظنونها حكمة! والبعض عندهم دهاء أو ذكاء، يظنونه حكمة. وربما يكون هذا كله بعيداً تماماً عن الحكمة النازلة من فوق) . ان استخدم المكر والدهاء هو حكمة أهل هذا الدهر { أما الحكمة التى من فوق، فهى طاهرة،ثم مسالمة، مترفقة، مذعنة، مملؤة رحمة، وأثماراً صالحة}يع 17:3.


+ الحكمة تحتاج منا الى دقة التعبير.. لنتعلم متى نصمت ومتى نتكلم وماذا نقول { تفاح من ذهب في مصوغ من فضة كلمة مقولة في محلها} (ام 25 : 11).  فقد علمنا قداسة البابا: ( ان الانسان الحكيم يعرف أنه ليس كل صمت فضيلة وليس كل كلام خطيئة. والحكيم لا يصمت حين يجب الكلام، ولا يتكلم حين يجب الصمت. بالحكمة يعرف متى يتكلم؟ وكيف؟ وماذا يكون قدر كلامه؟. فهو يتكلم بميزان، وبروية وحكمة وبفائدة ولا يندم على كلمة يقولها... فى بعض الاحيان يكون الصمت رزانة ورصانة ومانعاً لاخطاء ومشاكل ومجالاً للصلاة والتأمل وفى اوقات اخرى يكون الصمت بلادة وعدم حكمة او قد يكون خوفاً وعدم رجولة ). وبالحكمة علمنا قداسة البابا خطورة الانحراف فى الفهم والتعليم باستخدام الاية الواحدة : ( الانسان الحكيم لا يأخذ آية واحدة من الإنجيل ويقيس عليها حياته فى حرفية. انما يعرف متى يستخدم هذه الآية فى حينها الحسن؟ ومتى تضاف اليها آيات أخرى ليتضح المعنى).
+ الحكمة وسلامة التدبير .. لاسيما فى التصرف وأختار الرعاة والخدام. وهكذا حتى فى اختيار الشمامسة قال الرسل { انتخبوا أيها الرجال الأخوة سبعة رجال منكم مشهوداً لهم ومملؤين من الروح القدس والحكمة، فنقيمهم نحن على هذه الحاجة} أع 3:6. استطاع قداسة البابا فى حياته ان يرسم ما يذيد عن مائة اسقف ومئات الكهنة والاف الرهبان والشمامسة. الذين يقودوا الكنيسة ويرعوا رعية الله وكان يوصى بالتدقيق فى الاختيار وارسى مبدأ من حق الشعب ان يختار راعيه. وان كانت التدقيق فى الاختيار لا يعنى العصمة من الذلل فنحن نعلم انه حتى من بين التلاميذ الذين اختارهم الرب يسوع المسيح كان يهوذا الخائن. يجب علينا ان نصلى من كل القلب كرعاة ورعية ليختار الله راعى الرعاة الصالح الذى يقود الكنيسة فى الفترة المقبلة ويضع جل أهتمامة، خلاص كل نفس فى خدمة فردية باذله ليواصل سعى البابا شنوده الثالث فى الاهتمام بابناء الكنيسة فى الداخل والخارج . فنحن نحتاج الى الادارة الكنسية التى تتميز بالشفافية والتنظيم الجيد. فالهنا اله ترتيب ونظام ويجب ان نتعلم كيف ننظم حياتنا وبيوتنا وكنيستنا، فى ظل الحاجة الى التدبير الجيد للوقت والموارد البشرية والمادية المتاحة ويجب ان يكون جل اهتمامنا بالبشر وليس فقط بالبناء والحجر.
 
+ وسلامة التدبير ايضا ظهرت فى قيادة البابا الحكيمة فى ظروف سياسية صعبة. فلقد تسلم قداسة البابا شنودة مسئوليته كراعى لرعاة كنيستنا فى 14/11/1971م ، وعاصر ثلاثة فترات متباينة هى فترة حكم الرئيس الاسبق انور السادات الذى اجج مشاعر الفرقة بين ابناء الشعب الواحد ولم يراعى تنمية روح الوحدة بين ابناء الجسد المصرى الواحد ، وقد اساء السادات للكنيسة والبابا فى تحدى سافر وعزل البابا من منصبه وسحب الاعتراف به كبابا للكنيسة القبطية وان ظل قداسة البابا هو بابا الكنيسة وراعى رعاتها فى الواقع مما عجل باغتيال السادات عقب شهر من قراره. وقد ابقى الرئيس مبارك على البابا فى ديره لفترة تذيد على الثلاث سنوات بعد ذلك  فالرئيس السابق حسنى مبارك كان بطئ الفعل وربما الفهم أيضا وان لم يكن قد اساء للاقباط لكن لم يفعل الكثير لرفع الظلم التاريخى الواقع عليهم. ولم يستطيع كسب قلوب الاقباط بتسليم امرهم للامن والداخلية وكأن قضايا الاقباط ليس قضية مواطنة وشراكة بل كملف أمنى. وقد اتت ثورة 25يناير 2011 برياح التغيير التى نأمل ان لا تكون ردة للوراء بل لقيادة مصر لتكون دولة مدنية يتمتع فيها كل المواطنين بنفس الحقوق والواجبات وان ظهر على السطح غير ذلك. ونأمل ان يكون القادة السياسيين والروحيين ذوى حكمة ووعى ودراية باهمية بناء دستور ومؤسسات دولة متقدمة تنهض بنا للأمام ولا تقودنا للتخلف والانهزام ، فالمخاطر المحدقة ببلادنا كثيرة واستتباب الامن والسلم الاجتماعى يحتاج لرجال حكمة وعلم وخبرة على مستوى المسئولية الوطنية والقومية والانسانية حتى تصل سفينة بلادنا الى بر الامان . 
 
التحديات والمخاطر والثقة في عمل الله
+عمل قداسة البابا طوال اربعين سنة على المحافظة على الكنيسة وإيمانها وسعى نحو رفعة شأن ابنائها والاهتمام برعايتهم وتعليمهم ونهضتهم وسط تحديات ومخاطر كثيرة. وكان رجل إيمان وصلاة، ورجل تعليم وخدمة وكان يثق بان الله هو الذى يقودنا فى موكب نصرته. وان يد الله ضابط الكل هى القوية القادرة على  علينا ان تحفظ وتنمى وترعى الكنيسة. ولقد ترك لنا ميراثا روحيا غنى يجب ان نتعلم منه ونبنى عليه . فقد علمنا محبة الوطن ودعانا للمشاركة بايجابية وفاعلية فى بناء بلادنا وتقدمها  من اجل وطن تسوده روح المحبة والتعاون والمساواة والمواطنة الحقة دون تمييز على أساس الدين أو العرق أو الجنس أو البلد او المعتقد السياسى لتنهض مصر بكل اطيافها أو مكوناتها. وعلينا السعى نحو ابراز القيم الانسانية المشتركة فى الدين والحضارة والانسانية والبناء عليها وبدلا من صراع الحضارات والاديان والقيم نسعى بروح المحبة رغم صعوبة الطريق الى التكامل والتعاون والبناء . ورغم العزلة المفروضة علينا طوال ما يذيد عن ستة عقود من الزمن، فعلينا جميعا ايجاد الصيغ التى نشارك فيها على قدم المساواة مع اخوتنا فى الوطن والماضى والحاضر  لنبنى ونكتب صفحة جديدة مجيدة  فى تاريخ كنيستنا وبلادنا. ويقع عبء الاكبر على القيادة السياسية وقادة العمل الاجتماعى والدينى من اجل بناء مصر السلام الاجتماعى والتقدم بدلاً من سموم عدم قبول أو تكفير وكراهية الاخر .


+ الطبيب الحكيم كما يقول قداسة البابا يعرف متى يستعمل المشرط؟ ومتى يحتاج الامر الى البتر؟ ومتى يستخدم المهدئات أو المسكنات.الحكمة تشمل ليس الحياة الروحية فقط بل والحياة الفكرية والعملية والاجتماعية والسياسية، لقد استخدم قداسة البابا طوال مدة خدمته كل الادوية المؤدية الى خلاص شعبه. وفى وداعته صبر على الكثيرين من اضداده ومقاوميه وقد كان قويا حازما فى مقاومة كل فكر وتعليم غريب عن التعليم المستقيم وكان دائما يمحو الذنب بالتعليم ويقول نحن لا نقاوم اشخاص ولكن نقوم فكر ونعلم الايمان المستقيم والسليم ولاسيما فى مواجهة الهرطقات والانحرافات الايمانية . فلا يجب ان نبنى عقيدة على آية واحدة بل نأخذ مجمل الآيات التى تتحدث عن الموضوع ونبنى العقيدة السليمة من اجل هذا كتب عن الخلاص فى المفهوم الارثوذكسى، وعن بدعة الخلاص فى لحظة وعن الاختلافات اللاهوتية  بين الكنائس واستطاع بحكمة كبيرة ان يسعى فى مجال وحدة الكنائس. فعمل على جمع الكنائس الارثوكسية الشرقية القديمة فى اجتماعات سنوية مشتركة وان تتحاور مع الكنائس الاخرى بصوت واحد مما ادى  الى توقيع اتفاقات كنسية هامة مع الروم الارثوزكس بكنائسهم للوحدة ورفع الحرومات المتبادله ومع  الكنيسة الكاثوليكية حول طبيعة السيد المسيح . ومع الكنيسة الانجليكانية وامتد بالمحبة لتعمل كنيستنا فى مجلس الكنائس العالمى ومجلس كنائس الشرق الاوسط. ومازال امامنا العمل الطويل فى هذا المجال الذى يحتاج للجهد الكثير لتلافى ما يذيد من خمسة عشر قرن من الانقسام الكنسى. ونحن نثق ان قداسة البابا يصلى فى السماء من اجلنا " لنكون رعية واحدة لراع واحد". فبروح الانتماء لكنيستنا نحيا إيمانها وعقائدها وروحانياتها ونعمل على رفع شانها وبناء ابنائها فى حياة التوبة والفضيلة والبر، وبروح المحبة يجب علينا الانفتاح على الكنائس الاخرى وتطوير العمل المسكونى من أجل الوحدة المسيحية التى يريدها الله لنا.


+ رحل عنا قداسة البابا شنودة بالجسد فى زمن مفصلى حاسم فى تاريخ مصر ونصلى ليأتى لنا الله بالراعى الامين للأيام القادمة التى تحتاج للحكمة والقوة والنعمة . لقد انطلق البابا شنودة للسماء ليشفع لشعبة وكنيسته وبلاده وبقيت حياتة مثالاً للخادم الامين فى كرم سيده . وبقيت حياته منهج للتعلم وعيش حياة الفضيلة والتقوى. احب شعبه فاحبوه وخدمهم بامانة وحرص فتركت خدمته فى قلوبهم وحياتهم ما يرسخ حياة الايمان والمحبة والرجاء بفضل تعاليمه وحكمته وعظاته وسنظل نتخذ من أقواله الحكم والعظات والعبر . وستظل كنيستنا فى رعاية الله القدير الحى القدوس الى الابد أمين.
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com