بقلم: حنا حنا المحامي
سبق أن قلت وكتبت فى أكثر من مناسبه أنه لا يسئ ألى الاسلام إلا المسلمون. فهم لا يزالوا يريدون أن يحملونا إلى غياهب الماضى والتخلف ولا زالوا يصرون على أن هذا هو الدين والدين منهم براء؟
كانت العقوبه حتى الثوره الفرنسيه سنة 1789 جسديه. وذلك بالجلد أو التعذيب بالاسياخ المحميه إلى أخر تلك الوسائل غير الانسانيه فى العقوبه.
ولكن بعد الثوره الفرنسيه تقدمت العلوم الانسايه ومنها علم النفس والعلوم الطبيه بطبيعة الحال. ومع تقدم العلم –لامؤاخذه- تبين أن عنصر الوراثه هو أخطر عنصر من عناصر الجريمه. فقد تبنت عائله أمريكيه فناه طفله. وعندما بلغت تبين أن لها ميل شديد للدعاره. وبالتحث تبين أنها تسرى فيها جينات الدعاره من والدتها وهذا رغم أنها نشأت فى وسط عائله محافظه ونشأت نشأه طيبه.
وبالمثل بالبحث تبين أن شخصا يندغع إلى الجريمه لاتفه الاسباب وبالبحث تبين أن جينات الجريمه تسرى فى دمائه فقد تبين أن أباه كان من معتادى الاجرام. ..... وهكذا.
ومع تقدم العلم أيضا فإن مرتكب الجريمه أصبح ينظر له على أنه شخص مريض. ومن ثم وجب علاجه. فأصبح يعالج بالوسائل النفسيه بوسطة طبيب نفسانى وبعض العقاقير والثقافه ومختلف وسائل العلاج حتى يصبح شخصا نافعا فى المجتمع بعد أن يبل من مرضه الذى توارثه من أسلافه.
مع ذلك لا يترك مرتكب الجريمه حرا طليقا ولكن يعالج بمجتلف الوسائل العلميه ولا يكون السجن إلا وسيله لحماية المجتمع منه. وأثناء إقامة مرتكب الجريمه فى السجن يتم البحث عما إذا كانت الجريمه التى ارتكبها لها صفة عارضه أم أنها متأصله فى نفسه. ففى الحاله الاولى أى إذا كانت الجريمه عارضه يقضى المتهم مدته ويطلق سراحه. وفى هذه الاثناء يتم تثقيف المتهم سواء بمهنه أو أى شئ حتى يمكن أن يجد له عملا بعد إطلاق سراحه.
أما من تسرى فى دمائه جينات الجريمه, فإنه يعالج عن طريق طبيب نفسانى. كما أن مدة إقامته فى السجن يمارس أنواع الرياضه التى يحبها ولذا يوجد فى السجن ملاعب يمارس فيها الرياضه التى يعشقها. فيقضى المتهم مدة العقوبه وهو فى صحة نفسيه عاليه ويخرج وقد استفاد فعلا من مدة السجن بواسطة العلاج.
أما فى مصر فقد وجدنا منذ عشرات السنين ذلك الشعار على باب السجون "السجن تأديب وتهذيب وإصلاح". وقد كان فى هذا المفهوم ولا يزال أن يلاقى ا لسجين كل أنواع الإهانه والاساءه والتعذيب. كما أن المحكوم عليه بعقوبه بسيطه يلقى فى السجن مع الخطرين على الامن. فيخرج نزيل السجن فى حاله نفسيه من السخط والاجرام أسوأ بكثير مما كان عليه قبل دخوله السجن. وهذا هو السبب فى كثرة عدد المجرمين المضطرد فى مصر.
كانت هذه نظره عامه على الجريمه والعقاب وإن كان نظره موجزه لما يقتضيه المقام.
الساده السلفيون يريدون تطبيق حد الحرابه أى تقطيع الايدى والارجل بخلاف. أى يريدون أن يعودوا القهقرى إلى مفهوم العقوبه بأربعة عشر قرن من الزمان حين كانت العقوبه جسديه غير إنسانيه. ولم تكن تستهدف علاج الجانى بل كانت تستهدف الانتقام مه وتعذيبه لا أكثر. أى أن الساده السلفيين يريدون أن يعودوا بمصر إلى الخلف أربعة عشر قرنا من الزمان. والمضحك فى هذا أنهم يرون أن هذه العوده إلى الوراء هى صحيح الدين أى صحيح الاسلام.
ما معنى هذا؟ معن هذا ببساطه أنهم يرون فى الاسلام عقيده غير إنسانيه تنتقم من أى شخص يرتكب أى جريمه مهما كانت طفيفه. ويرون أن العقوبه التى كانت تتطبق أربعة عشر قرنا مضت هى صحيح الاسلام. وبذلك اختذلوا الدين الاسلامى فى العقوبه غير الانسانيه. أما التقدم الانسانى فى مفهوم العقوبه والتطور الاجتماعى فى مفهوم الجريمه والعقوبه فهى لا تهمهم من بعيد أو قريب لان الاسلام فى عرفهم هو تقطيع الايدى والارجل بخلاف.
لست بحاجه الان أن أبين كيف يسئ هؤلاء القوم للاسلام ويعتبرونه منحصرا فى التخلف والعود إلى سنوات الجهل. ويصرون على التغاضى عن العلوم الحديثه على أنها رجس من عمل الشيطان. وبذلك يتمسكون بتخلفهم وينسبونه للاسف الشديد إلى الاسلام, والاسلام منهم براء.
ومن الغريب أن أول آيه فى القران الكريم تقول "باسم الله الرحمن الرحيم". فأى رحمه فى تقطيع الايدى والارجل بخلاف؟ من هو ذلك الاله الذى تخلى عن كل عناصر الانسانيه ليملأ المجتمع بذوى العاهات
ومن الاغرب أن هؤلاء الذين ينادوا بتطبيق الحرابه هم أول الناس استغلالا للناس ونهبا لاموال الناس ومحترفو الكذب والادعاء باطلا وليس ببعيد عضو مجلس الشعب السلفى الذى ادعى كذبا أنه اعتدى عليه. هل مثل هذا الشخص تقطع يداه ورجلاه بخلاف, أم أن هذه العقوبه قاصره على من ليس له سند يحميه من بطش الطغاه؟
يا ساده أتوسل إليكم إن الاديان السماويه ليست مجالا للمزايده, وكفاكم إساءه إلى الاسلام الحنيف وإساءه إلى إله الاسلام.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com