ÇáÃÞÈÇØ ãÊÍÏæä
طباعة الصفحة

الجَمْعِيّةُ العُمُومِيّةُ للانْتِخَاب البَطرِيَركِي

القمص. أثناسيوس فهمي جورج | 2012-04-27 12:53:48
بقلم : أثناسيوس جورج 
 
(المجمع الانتخابي)
 
حافظت الكنيسة المجيدة على احترام الشخصية الإنسانية؛ فلم تتحول الحياة الكنسية في تراثها الأصيل وطقسها إلى حلقة كهنوتية مُغلقة؛ يكون فيها رجال الإكليروس هم وحدهم أصحاب الكلمة الأولى والأخيرة، لذلك تأتي مشاركة المؤمنين ورأيهم وشركتهم كجماعة أعضاء الكنيسة الحية (حق أصيل ووجودي) في العمل الكنسي... لأن الشعب هو أيقونة الكنيسة (الجنس الإلهي الملوكي والمختار)؛ عبيد الله وحجارة الكنيسة الحية؛ ورعيتها الناطقة الحافظة للأمانة... وقد أتت القوانين والطقوس والأدبيات الآبائية مؤيِدة للوجود الأصيل للجموعية ولحياة الشركة واتفاق الرأي بوحدانية القلب؛ الذي لا يمكن تجاوزه أو غض الطرف عنه وإهماله. فكم هي عظيمة منافع رباط الوحدة التي أحبها عظماء الكنيسة وصانوها بغيرة وفطنة، بعد أن عرفوا وقدّروا قيمة الكرمة السماوية الخارجة من جنب المخلص.
 
قد يقول قائل بأن هناك كنائس أخرى لا يشترك فيها الشعب في انتخاب البطريرك!!! لكنني أقول بأننا مميَزون في طقسنا وفي تدبير أيام صومنا وقوانيننا؛ كذلك لنا فرادتنا ككنيسة حاملة للصليب عبر القرون؛ متفرّدين بالتقوى الشعبية الجماعية وبمحبة وعطاء وغيرة واهتمام وإلتفاف شعبنا داخل وحول كنيسته... الأمر الذي جعل كنيستنا شعبية وغاية في العجب، وهو ميراث وغنىً مضاف نفاخر به. وها شعبنا الغفير المميز بتقواه وحضوره العبادة بحرص وطيب قلب في القداسات والسهرات والبصخات والمناسبات؛ وفي وفائه لكنيسته وآبائها وخدّامها... هذا الشعب الوفي قد أعطى أعظم مثل وأبهى أيقونة... لقد أعطى قلبه ووقته وماله وحياته ودمه؛ وقدم الشهداء الذين لم يجف دمهم حتى اليوم.
 
لهذا لا تقُوم المقارنة بغيرنا من الشعوب؛ على أي أساس أو معيار... خاصة عند أولئك الذين إختزلوا تقاليدهم وممارساتهم حتى صارت مَتحفية وكادت أن وتضمحل... فمنذ بدء النظام الكنسي الهيرارخي؛ واستقر المبدأ في حق الشعب أن يختار راعيه، لذا عند إقامة رجال الكهنوت بكل درجاتهم؛ لا بد أن يتم بالانتخاب الشعبي كي يكون الاختيار عبر جمهور المؤمنين، فهؤلاء هم أعضاء جسدها؛ أعضاء الكيان العضوي الواحد في شركة الحياة الإلهية، أعضاء مسئولون ومشاركون تمامًا وبالسوية في كيان الجسد الواحد؛ الذي هو كنيسة الله الحي عامود الحق وقاعدته.
 
لا يمكن تصور أي عضو منفصلاً عن الكيان، فالأسقف أو القمص بدون إيبارشيته هو إستحالة قانونية، وتؤكد القوانين الكنسية على أن إدارة شئون الكنيسة ينبغي أن لا تتم بالرأي المنفرد؛ بل أن السلطة العليا في الكنيسة هي للمجمع المقدس مجتمعًا (اجتمعنا نحن والروح القدس)؛ تأكيدًا للروح الجماعية المجمعية للكنيسة الرسولية (أفسس ٢٢:١)، ونحن في الكنيسة لا نؤمن بعصمة أحد؛ لكن بما علمه الرب يسوع وكرز به الرسل وسلمه لنا الآباء (عموم الآباء) بإتفاق وتواتر. تحكمنا قوانين البيعة الطاهرة؛ والتي أحيانًا بسبب بطء أفهامنا أو قلة فضائل حياتنا لا يظهر فيها الحق كاملاً تامًا.
 
وبنفس القياس لا بد أن يتم اختيار الأسقف الكبير والأول ورئيس الأساقفة، الذي هو أسقف المدينة العظمى الأسكندرية أصل وبدء الكرازة... يُقام بإختيار الشعب وتوافقه... رعيته متفقة ومتوافقة على إقامته مع مشيئة الروح القدس؛ إذ يشهد له الإكليروس والشعب معًا؛ فيُقام بناءً على اختيارهم... لذا يقول الفقيه الكنسي (أبو البركات ابن كبر) ]أنه ليس للأساقفة إلا التكريز؛ وأما التعيين فإنه لأهل الإقليم، ودون الأساقفة والمطارنة الذين ليس لهم رأي ولا حديث في ذلك؛ بل لهم تقدمته ووضع اليد عليه[.
 
ومهما يكن في هذا القول من مبالغة لا نقبلها؛ لكنه يدل على أن الأصل في الاختيار هو الرأي الشعبي؛ الذي يتعين الاستماع له وفحصه بحكمة ومن غير عجلة... فالأصل في الاتفاق (اتفاق الرأي) أن يجب احترامه واستشفافه قبل أي شيء آخر، فبالممارسة الجماهيرية الفعلية عبر اجتماع الشعب التقي المحب للمسيح / بالتشاور والانتخاب الحر البعيد عن الضغوط والتربيطات والتأثيرات؛ ثم بعد فحص الطعون؛ لا يُفرض دخيلاً على الكرسي؛ وهنا يختار الله مختاره، واثقين أن الرعي الأعظم سيرسل فعلة لحصاده حسب وعده الصادق.
 
ولنرجع إلى التأصيل الآبائي في مسلك الأولين لإفراز الحق الكنسي بحسب مضمون الممارسات المتواصلة النابع من روح التدبير الرعوي والقائم على رحابة الإيمان الأرثوذكسي؛ بأعماقه كمنهج متكامل الآراء والأفكار؛ والذي لا يصح فيه لأحد أن يتمسك بأي فكر يتعارض مع الضمير الكنسي الخاص برسامة أسقف الأسكندرية (البابا البطريرك)... لأننا سنفلح ولن نتأذىَ ما دمنا قد تقدمنا في التمسك بمعايير الاستقامة التي لا تشوبها شائبة؛ والتي ستعود علينا بوحدة وخير الكنيسة؛ المرتفعة على أجنحة النسور والمحمولة على الأذرع الأبدية؛ مستندة على يد حبيبها محملة بالمر واللُبان وكل أذِرّة التاجر، طالعة من البرية مُرهبة كجيش بألوية، شاهدة على عفة وإلتزام الآباء المعاصرين... مُظهرة الحق في رجائنا وإيماننا المسيحيين؛ بأننا لسنا متبعين تهافت وهوىَ وأطماع العالم؛ والأشياء التي في العالم؛ لأنها ستزول، أما كلمة إلهنا وملكوته فستنمو وتزداد وتعتز وتثبت إلى الأبد.

 

 

جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com