عندما أتأمل الصراعات بين الأحزاب والقوى السياسية ومرشحي الرئاسة، وكل هذا الشد والجذب والاتهامات المتبادلة من تخوين، وعمالة، وغيرها، لا أستطيع أن أتوقف عن الضحك، وأتساءل: أهؤلاء هم من يمثلوننا؟! وإن كان هؤلاء الأشخاص هم من يمثلونا، فأنا أعلم الآن لماذا لم نحرز أي تقدم حتى هذه اللحظة، فهم منشغلون تمامًا عنا، وعن مطالبنا، وابتعدوا كل البعد عن الهدف الرئيسي لوجودهم، وتفرغوا لمشكلاتهم الشخصية، ونسوا موكليهم، ووطنهم، وأخذوا يتنازعون فيما بينهم، ويقتسمون الوطن، ولا يزيدونا إلا علة وفقرًا.
وأتعجب أيضًا لتلك الأحزاب التي تتخذ من الدين ساترًا لأطماعهم، ولنواياهم السوداء، وأفكارهم الهدامة المدمرة التي تبث روح الموت شيئًا فشيئًا، ويحرمون كل صحيح، ويحلون كل معيب، ويستغلون بساطة بعض وجهل آخرين يحيون كوكلاء عن الله في الأرض، يكفرون ويلعنون ويسبون ويتاجرون باسم الدين، وبأحلام الفقراء البسطاء الذين لا عون لهم، ومنهم من يصف نفسه بالنبي والمنتظر والمهد، وكثير من هذه الخرافات والخبل، وبالرغم من ذلك أرى لهم مؤيدين وأتباعًا قد يضحون بأنفسهم من أجل هؤلاء الحمقى الجهال.
وهناك أيضًا الأحزاب التي تتخذ من الوطنية والديمقراطية نهجًا لها، ولكن بداخلها سمومًا ولصوصًا وأناسًا لا دين لهم يستقوون ويحيون على دماء الفقراء، وبكثرتهم ونفوذهم ينشرون كل سمومهم، ويعلون كل فاسد، وينكلون بكل معتدل وصالح، ولا يبقون على شريف بوسطهم، غاب عنهم النور، يحيون خفافيش في وسط الظلام يتربصون ببلادنا وطموحاتنا..
تأخذني الدهشة وأحيا أيامًا من الاستنكار عندما أرى مثل هؤلاء يتصدرون الصورة، ويتحدثون باسمنا، ويملون علينا أفعالنا، وينصحون ويهدون ويتاجرون بدمائنا، وآمالنا ويعتلون الكراسي التي أنزلنا أعزائها بدماء شهدائنا الغالية الذين لم يترددوا ولو للحظة في تقديم أنفسهم عوضًا عن "مصر" وحريتها وعزتها.
ومن أقنعونا أيضًا أنهم حماتنا وحماة ثورتنا الجليلة، ووثقنا بهم وسلمناهم زمام الأمور، ونصبناهم قادتنا، ولهم أوائل الصفوف لم يلتفتوا لنا، وباعوا العهد، وباعوا الدماء، بل وسفكوا المزيد والمزيد من الدماء، ورأينا أنيابهم ومخالبهم التي لم نتوقعها، والتي تلتهم ثورتنا يومًا فيومًا، والتي كادت أن تفتك بنا جميعًا.
رجاءًا، اخرجوا من الصورة جميعًا، وارحلوا عنا أيها الأغبياء المنافقين، واسمعوا ولو للحظة صوت الشارع، صوت الأمة، صوت الحق، صوت الشعب، المالك الوحيد لهذه الأرض يقول ارحلوا، اذهبوا، اخرجوا، مكانكم ليس بيننا بعد اليوم، كفوا عن التحدث نيابة عنا، ولتكفوا عن فرض وصايتكم علينا، نحن أثبتنا آلاف المرات. إن جُهالنا أحكم من أحكمكم، دعونا نكمل المسيرة بسلام، وكفى عبثًا ببلادنا، وكفى تخريبًا وسلبًا ونهبًا، لقد كسرتم "مصر" وأفقدتموها بريقها ولمعانها.. أطفأتم منارتها وأعدتموها إلى عصور الرجعية والتخلف والحماقة.. حفظ الله مصر وشعبها، وأذاق كل خائن ومعتد وقاتل الذل والهوان في دنياه وآخرته..
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com