بقلم- جرجس وهيب
أنا مثل الكثيرين من أنصار التيار المدني والليبرالي من الإخوة المسلمين المعتدلين والأقباط سأصوت لصالح الفريق "أحمد شفيق" المصري المسلم، فأنا ضمن فريق يسعى جاهدًا بالطرق السلمية وعبر صناديق الاقتراع أن تكون الدولة مدنية، بعيدًا عن بعض الليبراليين الذين كان الكلام سيكون مقبولاً منهم إن قالوا سيقاطعون الانتخابات أو يذهبون ليبطلوا أصواتهم، أما مجاهرتهم بأنهم سيصوتون لصالح الدولة الدينية والمشروع الإسلامي والدكتور "محمد مرسي" مرشح حزب الحرية والعدالة الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، كلام لا أجد له تفسيرًا أو مبررًا، وخاصةً أن جماعة الإخوان ما زالت في وجهة نظري محظورة، فقد صدر قرار رسمي بحظر هذه الجماعة ولم يصدر قرار آخر من الدولة بشرعية الجماعة، والجماعة أخذت شرعيتها من جلوسها مع اللواء "عمر سليمان"- نائب الرئيس الأسبق- خلال أيام الثورة، في حين أن وزيرة التأمينات والتضامن الاجتماعي الحالية أعلنت منذ أيام أن جماعة الإخوان المسلمين تعمل بشكل غير رسمي.
وأعود لبعض أنصار التيار الليبرالي وائتلافات شباب الثورة التي أعلنت عن تأييد الدكتور "محمد مرسي"، بل هاجمت الفريق "شفيق" وأنصاره، وقامت بارتكاب حماقات ضد المقار الانتخابية للفريق "شفيق"، بل ومهاجمة بعض المنازل التي يوجد بها صور للفريق والمؤتمرات الانتخابية له.. أقول لهم: من لا يتعلم من التاريخ والأحداث الجارية أعمى، وهذا إن دل يدل على أن عددًا كبيرًا من هذه الائتلافات تعمل بطريقة عشوائية، بلا هدف أو إستراتيجية أو مبادئ متفق عليها، فمن يعترض على الفريق "أحمد شفيق" لكونه من النظام السابق كان لابد أن يعترض أيضًا على الدكتور "محمد مرسي" لأنه ينتمي لجماعة الإخوان التي تتبنى اتجاه الدولية الدينية- وهو منافي تمامًا لمبادئ وأفكار هذه الائتلافات- والتكويش على جميع المناصب وإقصاء الآخرين، وهي جماعة لا تفي بعودها أبدًا، والتاريخ خير شاهد على ذلك، وأحداث الثورة واضح فيها أن الجماعة ليس لها كلمة أو عهد، فإذا حصل بعض القيادات والائتلافات الشبابية على وعود بمناصب أو مشاركة في الفترة القادمة، أكرر وأقول لهم: من لا يرى من الغربال أعمى، بل وأصم.
فأنا سأنتخب الفريق "أحمد شفيق" للعديد من الأسباب، أول هذه الأسباب أن الفريق "شفيق" لم يصدر عليه حكم واحد إدانة في أي من القضايا التي أُتهم بها، ومن يربط بين الفريق وموقعة الجمل لا يدري الأحداث جيدًا، فالفريق "شفيق" تولى رئاسة الوزراء قبل أحداث موقعة الجمل بـ 12 ساعة فقط، ومن المستحيل منطقيًا أن يكون قد خطط لها، وستثبت الأيام والتاريخ أن من يقف وراء موقعة الجمل والمدبر لها هم الإخوان المسلمين ومساعديهم من بعض التيارات الدينية، والفصيل الثاني من الجماعة فى "غزة"، وخاصةً أن الموقعة حدثت عقب خطاب "مبارك" الذي تأثر به الشعب المصري، فكان ليس من مصلحة "مبارك" هذه الحادثة البشعة التي راح ضحيتها العشرات من الشباب المصري المخلص الذي أحب هذا البلد وضحى من أجل حريته وخيره وتقدمه، ولم يضح من أجل خلع الرئيس "مبارك" وحزبه ليأت بمكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة، وسأنتخب شفيق أيضًا لأنه لابد من وجود رئيس مدني قوي في هذه المرحلة الهامة من تاريخ البلاد، يكون ولاؤه لـ"مصر" وليس لـ"غزة" و"حماس" و"حزب الله" و"إيران"، يستطيع إعادة الأمن المفقود ويعطي دفعة للاقتصاد.
كما أن وجود رئيس مدني مهم جدًا في الفترة التي سيتم خلالها كتابة الدستور، وهو أبو القوانين والتي ستخرج منه كافة القوانين، ليضمن مدنية الدولة، وأن تكون "مصر" بلدًا يتساوى فيها الفقير والغني، الرجل والمرأة، والمسلم والمسيحي، ويكون معيار الاختيار هو الكفاءة.
سأنتخب "شفيق" لأنه خطأ سياسي جسيم وسيكرر تجربة الحزب الوطني مرة أخرى أن يستحوذ حزب سياسي على جميع المناصب، فالنقابات يسيطر الإخوان على 99% منها، وللإخوان الأغلبية في مجلسي الشعب والشورى وكافة اللجان داخل المجلسين، وبهذه الأغلبية سيشكل الإخوان الوزارة، وسيصبح جميع الوزراء من داخل الجماعة، وبكل تأكيد سيطيح الإخوان بغالبية القيادات التنفيذية الموجودة في البلاد وتعيين بدلاً منها قيادات تنتمي للجماعة أو من المتحالفين معها من باقي الأحزاب الدينية أو بعضًا من أنصار التيار المدني أو الوسطي من أصدقائهم ومن يدينون لهم بالولاء مثل الدكتور "عمرو حمزاوي"، و"عصام سلطان"، و"علاء الأسواني".
كل هذه الأسباب وغيرها الكثير جعلتني أقرر وبشكل قاطع أن أصوت للفريق "شفيق"، فإذا كان الفريق "شفيق" كل مشكلته أنه ينتمي إلى النظام السابق، ويبدي البعض عليه ملاحظات غير مؤكدة ولم يستطيع أحد أن يثبتها، فمرشح الإخوان وجماعته عليهما عشرات الملاحظات، وبخاصة طرق تمويلها، وطريقة إدارة الجماعة، فهل الحزب الذي يدير الجماعة أم أن الجماعة هي التي تدير الحزب، أم كلاهما سيدير البلاد بمعاونة من حماس وحزب الله بعد وصول "مرسي" للحكم؟ كما أن الجماعة جماعة انقلابية، ولا تفي بعهودها مطلقًا، وخير دليل على ذلك وجود مرشح لها في انتخابات رئاسة الجمهورية.
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com