ميرفت عياد
فى طفولتى السعيدة حيث كانت مصر اكثر امنا ورخاء .. وكانت الناس تقابل بعضها البعض بالبشاشة والترحاب دون تفكير فى اى انتماءات ديينية او سياسية .. كانت تروى لى جدتى العجوز العديد من القصص الشيقة التى تحمل معانى وقيم سامية ومن ضمنها حكاية طريفة استخلصت منها احدى القيم الهامة وهى " ان الطمع قل ما جمع .. وان القناعة كنز لا يفنى ".. ولعل هذا ما شعرت به فور اعلان حكم المحكمة الدسترية العليا عن حل مجلس الشعب ..
وهنا وجدتنى اتذكر كلمات اغنية الطماع للفنان موسي مصطفي والتى تقول كلماته :
ما بريدك تبقى طماع ارضى بنصيبك لا تطمـــع..اسمع مني يا إبني اسمع الطمع بيضر وما بينفع
الطماع ما حدى بحبوا ولا شي مره بيحمــد ربه..ما في شي بفـرح قلبه بياكل ولا عمروا بيشبــع
كـــل ما تشكر الله يزيدك تلقى الدنيا كلها بايدك.. والطمع والله ما يفيدك لا تطمع يا ابني لا تطمع
القناعــة كنز كبير مـــا يفنى مهمـــا يصير .. كـــم واحــــد عـــايش فقير متهني لانـــه بيقنع
حقا فان ما تشهده مصر عبر العقود الماضية من فساد سياسى واقتصادى هو الوجه الاخر لعمله الطمع التى اصبحت متداولة فى ايدى الكثيرين .. فالطمع حبل وولد رشوة ، غشا , فسادا ، محسوبية ، غسيل اموال ، متاجره بقوت الفقراء ، اراقة الدماء ... وهكذا وعدد عزيزى القارئ كيفما شئت فالطمع يشبه لى بحيوان الارنب المعروف بكثره انجابه ..
وكم تمنيت ان اجد مع الفنان القدير فؤاد المهندس بعض حبوب القناعة والرضاء لالقى بها فى مياه النيل كيفما فعل فى فيلم ارض النفاق ، ليستيقظ المصريين من نومهم ويشربون اكوابا من المياه الممزوجة بالقناعة والرضاء ، هنا فقط نستطيع ان نجد الوجه المشرق للحياه
ولكن للاسف هذا محال وضرب من الخيال .. ولكن الشئ الغير محال حقا والذى يستطيع الانسان ان ينفذه بسهولة هو التخلى عن الاطماع الشخصية المحدوده ، والنظر من خلال منظار اوسع واعمق يضم مصالح جميع الناس على اختلاف فئاتهم وتياراتهم وانتمائتهم .
ولا اخفيك سرا عزيزى القارئ ان العلم اثبت من خلال ابحاثه ان العطاء هو سر السعادة ، جرب ان لا تستحوذ وان تعطى ستجد هنا انتابك شعور غامر بالرضا والهدوء النفسى ، ومن ليس مقتنع بما اقول فلينظر الى وجه رجل بسيط فى الشارع سيجد على ملامحه علامات الرضا والشكر ، وانظر الى احد من طامعى اللعبة السياسية سيجد على وجهه التجهم والعبوس ..
ليتنا نتعلم الدرس وندرك اننا ليس بمفردنا فى تلك الحياة .. وان الكون ثرى بتنوعه وتناغم الوانه المتعددة .. ليتنا ندرك اننا مجرد نغمة فى لحن الوجود حتى لا نقوم بعزف نغمة نشاذ تفقده جماله .. وهذ سيؤدى الى اخراجنا من فريق العازفين .. وهنا لا نلوم سوى انفسنا ....
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون © 2004 - 2011 www.copts-united.com