العلاقة بين جماعة الإخوان المسلمين فى مصر وأذرعها فى البلدان العربية علاقة عضوية، فإذا تحسنت أوضاع الجماعة فى مصر ــ حيث قلب التنظيم وعقله المفكر ومكتب إرشاده ــ تحسنت بالتبعية أوضاع كل فروع الجماعة وأذرعها فى العالم، وإذا ساءت أحوال الجماعة فى مصر ينعكس ذلك فورا على أوضاع أذرعها فى جميع البلدان، ولذلك تجد عيون وآذان المنتمين لجماعة الإخوان فى كل البلدان على القاهرة منذ سقط نظام مبارك بعد 25 يناير 2011، حتى وإن كانوا مشتبكين على خطوط النضال فى الثورات العربية، لأنهم يوقنون أن نجاح الإخوان فى مصر تمكين لهم فى مواقعهم فى بلدانهم.. وأن فشلهم هو فشل حتمى لهم، باعتبار أن مصر ــ بشكل عام ــ هى القاطرة التى تسحب العرب.. سواء للأمام أو للخلف.
وفق المعطيات السابقة «الشروق» حاولت الوقوف على تقييم عدد من قيادات الإخوان المسلمين فى بعض البلدان العربية لأداء قلب الجماعة فى القاهرة وذراعها السياسية المتمثل فى حزب الحرية والعدالة، خلال المرحلة الانتقالية، فأكد القطاع الأكبر على أن الجماعة ينبغى عليها تصحيح مسارها بشكل سريع، لجهة «تغليب المصلحة الوطنية» على حساب «مصلحة التنظيم»، وتوسيع رقعة الشراكة مع القوى السياسية، لأن ذلك هو العاصم الوحيد من طوفان الفشل الذى قد يتعرض له الوطن بأكمله.
وشدد فريق ثانٍ على أن الجماعة أخطأت عندما وثقت فى «العسكر» وتركت ميدان التحرير، ورأى فريق آخر أن انقسام الجماعة بين الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح والمهندس خيرت الشاطر، نائب المرشد أوقعها فى خطأ استراتيجى، عليها تداركه سريعا.
إخوان الأردن
وقال عضو مجلس شورى إخوان الأردن، المهندس عزام الهنيدى، إن المرحلة الانتقالية شهدت تحولا جذريا فى موقع الإخوان فى مصر، فبعد سنوات طويلة من القمع والمنع من ممارسة العمل السياسى العلنى، وجدوا أنفسهم على السطح، ولذلك تعرضوا لحملات تشويه شرسة، لكن على أية حال هم اجتهدوا خلال المرحلة الانتقالية وأصابوا وأخطأوا.
وأوضح بأن هناك بعض النقاط التى تحسب على الإخوان عند إعادة تقييم ما جرى فى مصر عبر عام ونصف العام، أهمها أن الجماعة كان يتعين عليها أن تتعامل بحذر شديد مع المجلس العسكرى، وتتحسب منه، لأنه من الخطأ الاعتقاد فى أن الجيش غير منظم، وأنه ليس لديه مطامع فى السلطة، انظر إلى درجة تنظيمه.. لقد دفع بعمر سليمان وفى لحظة معينه سحبه.. ومرر شفيق الذى لم يكن أحد يتوقع له المرور من الجولة الأولى أبدا.
النقطة الثانية التى لم يصب فيها الإخوان ــ بحسب الهنيدى ــ هى تركهم ميدان التحرير فى فترات حرجة من عمر الثورة.. لم يكن يتعين عليهم أن يتركوا الميدان أبدا، كان بالإمكان التفاوض مع المجلس العسكرى، وفى نفس الوقت الوجود فى الميدان، لأن مغادرة الميدان استعدت عليهم قوى ثورية كثيرة.
وأكد أن النقطة الثالثة التى كان يجب على الإخوان عدم الإقدام عليها هى الدفع بمرشح لرئاسة الجمهورية، ولو راهنوا على عبدالمنعم أبوالفتوح كان ذلك سيكون خيارا رائعا، وكان سيصب فى مصلحة الإخوان فى نهاية المطاف.. دعنى أتجاوز هذا وأقول لو دعموا حمدين صباحى كان الأمر سيكون أفضل بالنسبة لهم.. كان عليهم التدرج فى العمل السياسى كى لا يتركوا مجالا لأحد للمزايدة عليهم، والقول بأنهم يسعون للاستئثار.
النقطة الرابعة التى أضافها عضو مجلس شورى إخوان الأردن أن الخطأ الجوهرى للإخوان هو الانحياز لخيار الانتخابات أولا، لأن مصر لو بدأت فترتها الانتقالية بوضع الدستور كان أى مكسب سيحققه الإخوان فى ظل الدستور الجديد لن يستطيع أحد انتزاعه منهم، كما حدث فى حل البرلمان. وشدد الهنيدى على أن الإخوان بالتأكيد تعلموا من تجربة العام ونصف العام السابقة، مشيرا إلى أن كل ما يحدث لإخوان مصر ينعكس بالضرورة على بقية الدول العربية، وهذه حقيقة وليست استنتاجا.
إخوان اليمن
وقال د.محمد السعدى، نائب الأمين العام لحزب «الإصلاح» فى اليمن، إن الخط العام الذى انتهجه الإخوان فى مصر خلال المرحلة الانتقالية هو خط سليم، لأنه متمثل فى النضال السلمى لأجل تحقيق ديمقراطية حقيقية وتداول سلمى للسلطة فى مصر.
لكنه شدد على أنه «لا توجد رؤية سياسية لأى فصيل سياسى فى العالم منزهة عن الأخطاء، ولذلك يحتاج الإخوان المسلمون لأن يراجعوا سياساتهم بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية».
وقال السعدى: إن أبرز المآخذ التى يأخذها على أداء الجماعة السياسى فى مصر خلال المرحلة الانتقالية يتمثل فى الانقسام لمعسكرين، معسكر عبدالمنعم أبوالفتوح، ومعسكر خيرت الشاطر، وكان يتعين على الجماعة أن توحد صفوفها وتقرب وجهات النظر، لأن الانقسام فى هذه المرحلة الدقيقة لم يكن مطلوبا على الإطلاق.
الملاحظة الثانية على أداء جماعة الإخوان المسلمين فى مصر التى أكدها نائب الأمين العام لحزب «الإصلاح» فى اليمن، هى «التردد فى حسم أمر مرشح لرئاسة الجمهورية، فأعلنوا فى بداية الأمر أنهم لن يخوضوا الانتخابات ثم تراجعوا عن هذا الأمر بإعلان ترشيح نائب المرشد خيرت الشاطر، وجماعة كبيرة مثل الإخوان المفروض أن تكون جاهزة للاستحقاقات الكبرى مادامت تنتوى خوض غمارها.. ولكن لن نستبق الأحداث، وعلينا الانتظار حتى إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية.
فيما يخص التنسيق بين الجماعة والقوى الوطنية قال السعدى إن إخوان اليمن نسقوا بشكل جيد جدا مع بقية القوى القومية والاشتراكية والليبرالية، وهو ما كان بدرجة أقل فى حالة إخوان مصر، ولذلك عليهم فى المرحلة المقبلة وعلى كل القوى السياسية المصرية أن يعملوا جاهدين على التفكير فى المستقبل على أساس الشراكة.
إخوان ليبيا
سليمان عبدالقادر، المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين فى ليبيا، شدد على أن الجماعة تواجه مجموعة من التحديات ألقت بظلالها على أدائها السياسى خلال المرحلة الانتقالية، وأول هذه التحديات عدم وجود فصل واضح بين أدوار حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين، أما أن يبقى صدور القرار السياسى عائما بين الحزب والجماعة هذا يسبب لبسا ومشكلات كبيرة فيما يخص تعاطى المجتمع مع هذه القرارات.
وأضاف عبدالقادر أن التحدى الثانى الذى يواجه جماعة الإخوان المسلمين فى مصر الآن عدم قدرتها على إنتاج خطاب يتجاوز التنظيم، وذلك لأنهم يجب أن يدركوا أن الفارق شاسع بين أن تدير دولة وأن تدير تنظيما، وبالتالى يتعين الابتعاد على خطاب السمع والطاعة، وتغليب عقلية التوافق الوطنى، وتوسيع رقعة الشراكة الوطنية مع جميع القوى والأحزاب السياسية الموجودة فى البلاد على عقلية التنظيم ذو المصالح الضيقة والمحدودة.
وأوضح عبدالقادر أن أداء الجماعة فى مسألة الجمعية التأسيسية لوضع دستور جديد لمصر كان سيئا، ذلك أنها غلبت مصلحة التنظيم على مصلحة الوطن، فكنت أتمنى أن يكون أدائها أكثر انفتاحا على الجماعة الوطنية، ومنح المجتمع تطمينات بأنها تعمل على إنتاج دستور يعبر عن كامل المصريين.
وشدد المراقب العام السابق لإخوان ليبيا على أن الجماعة يجب أن تعى أن القصف الإعلامى الذى تتعرض له لن يتوقف بسهولة أو خلال السنوات القليلة المقبلة، والتحدى أمامها هو إنتاج خطاب إعلامى يناهض هذا القصف.
إخوان لبنان
فيما قال إبراهيم المصرى، أمين عام الجماعة الاسلامية (إخوان) فى لبنان، إننا فى بداية الأمر كنا مع تعاطى الإخوان المسلمين مع الانتخابات المصرية بتدرج، بمعنى المنافسة فى هذه المرحلة على الانتخابات التشريعية، ثم فى مرحلة لاحقة المنافسة على رئاسة الجمهورية، لكن بعد أن وصلت بنا الأمور إلى حل البرلمان، اعتبرنا أن موقف الإخوان بالدفع بمرشح لرئاسة الجمهورية كان موقفا سليما مائة فى المائة.
وشدد المصرى على أن الإخوان فى خارج مصر ليس لديهم القدرة على الحكم بشكل سليم على تفاصيل الوضع الداخلى فى مصر، لكن بخصوص المنافسة على رئاسة الجمهورية أقول إنهم اضطروا لذلك، خاصة بعد تصريح رئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزورى، عندما قال للدكتور سعد الكتاتنى، رئيس مجلس الشعب (المنحل) «قرار حل البرلمان موجود فى درج المكتب». وأضاف أمين عام الجماعة الإسلامية أن كل العرب يتمنون لمصر العودة إلى أمتها العربية والإسلامية، وبالتالى يتعين على القوى فى مصر والمجلس العسكرى أن يكونوا على مستوى الحدث ومستوى المسئولية.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com