شذرة البدء : " الزواج أعظم الوسائل التي يستخدمها الإنسان لمعرفة الشخص الذي لا يمكنه أن يعيش معه في سلام " أنيس منصور
في البحث عن لغز المرأة أتيه، و في نبشي عن ماهية الزواج أضيع، و عن جدوى السرير أصيح، هل تأملت في عبئ الارتباط و سخافة العيش، و هل فكرت في ثقل الضجر و تعاسة الحب ؟ لم أجد ما يشفي الغليل و ما يسكن جرح التساؤل و التفكير، إلا في الانزواء و التحليل، فما هي إلا ضريبة البحت المستتير، و هوس النصف الأخر المستحيل، و وهم التكامل و الكمال، فلا شيء يعجزنا لندفع بالاستفزاز للحدود القصوى إلا بتبني المواقف التحقيرية إلى ابعد نقطة، ففي رفض فضاعة الحياة، زهد للنشوة، و بعيدا عن قذارة القواعد ستطفوا وساخة المتعة، فحب التجديف لهاوية السعادة عبثي، و في لحظة الزواج ضبابي وهمي، لحظة تنافر الأرواح وتباعدها، و تكدس للأجسام و تناسقها ، وهيمنة للامتزاج عوض الوحدة و الفراق ، مقزز أن تبيع و حدتك، و تعري ما بداخلك هتكا لخصوصياتك مشاطرة للقشور ، والكريه أن يتطفل ذاك الأخر ليشاركك ألمك و هم كينونتك، ليدلي الرحمة فضوليا لاكتشاف الظلام فيك، و ليشاركك ضجيجك الداخلي، هي لعبة غشاشة للشد المتبادل و لعذابات العيش المشترك، فالأصل و حدة و انعزال، و انفراد بالذات من جحيم الخبث و الامعنى، فالزواج عقد لموت الإنسان و انتحار لاستقلاليته، فليس فيه إلا دنس لصفاء الوحدة و تعكير لنقاء الانعزال، فتفاهة هي تصديق علائقية الإنسان ، فلا مكان للمصداقية هنا إلا على مستوى القشور، فإنسانية الإنسان في وحدته و انعزاله، في إنصاته لصمته و سبره لعمق دواخله، فالمجتمع سجن للحر و الزواج زنزانة لا مفر منها إلا في وحدة قاتمة، ركون إليها ضياع للامعنى، و الاتكاء عليها صمت لنبضات التقاليد و قتل لموروثات الوجود، فلا حوار إلا ونزعة المنفعة هي التي تأمر، ولا انخراط مع القطيع إلا وسوق الاستهلاك هي التي تحكم، و لا إقبال على الزواج سوى لتقيد الذات و تعويض لخواء الأخر، و بمجرد الامتلاء و الفيضان تنتصر الخيانة بروحانية المنفعة وجشع الانتهازية، فالمبتغى منه أشبع و لدرجة الكمال وصل، و لم تعد صداقة الزواج و زواج الصداقة إلا رصاصة مغلفة بوهم الحب و خدعة الوفاء، فنحن نبحث عن أخر يزيد تعميقنا لوحدتنا نحن نبحث عن ذلك الذي يشوه روحنا، و الذي يجعلنا نزيد تيها باحثين عن أعباء أخرى، فشيء مقزز ألا تكون و فيا لنفسك، وان ترتمي بجسدك في حضن إنسان، لا يمكن أن تعيش معه في نكد و غم، إلا إذا فضحت مفاتن أسرارك، وعورة ظلامك ، فحب الزواج و زواج الحب، خديعة و مصيدة من تدبير عبقرية الطبيعة حفاظا على إرادة بقائها، و لهذا يسقط العابدون للسطحية و المتيمون بالإنسياقية في الغرض النهائي لحيوانية الكائن العضوي، قهرا للموت و إسترسالية للجود انتصارا لتفريخ للنسل. لذى فكر في مبدأ الزواج قبل إرادة النكاح، انغلق على النفس و لا تدنسها ففي الزواج قتل لفردانية الإنسان و تمزيق لبهائها.
نقلاً عن الحوار المتمدن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
جميع الحقوق محفوظة للأقباط متحدون
© 2004 - 2011
www.copts-united.com